كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى أن أجندة الزيارة القصيرة التي قام بها الرئيس مبارك أمس إلى الخرطوم تضمنت بندا رئيسيا يتعلق بإقناع القيادة السودانية بالقبول بوجود قوات دولية في إقليم دارفور ، وتخفيف حدة موقفها المتشدد تجاه هذا الأمر . وقالت المصادر إن القاهرة أبدت استياءها للخرطوم في الفترة الأخيرة من تشددها فيما يخص رفض نشر قوات دولية في دارفور ، وأن هذا الرفض السوداني كان من أهم أسباب غياب الرئيس مبارك عن قمة الخرطوم العربية ، مقللة من شأن تأكيدات بوقوف العامل الأمني وراء هذا الغياب. ولفتت المصادر الانتباه إلى أن القاهرة حاولت إثناء الجزائر عن موقفها الداعم لرفض الخرطوم نشر قوات أممية في دارفور إلا أن هذا الأمر لم يجد آذانا صاغية لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أيد بشدة خلال القمة العربية الرفض السوداني لنشر هذه القوات باعتباره يهدد سيادة واستقرار السودان ويفتح الباب أمام تدويل أزمة دارفور. وأرجعت المصادر حرص القاهرة على قبول السودان بوجود قوات دولية في دارفور إلى رغبتها في إقناع واشنطن بأنها مازالت لاعبا إقليميا مهما ولديها القدرة على حماية المصالح الأمريكية في المنطقة مما يمكن أن تكون له أثار إيجابية على تحسين وتدفئة العلاقات الباردة بين واشنطنوالقاهرة . وأضافت أن القيادة السياسية حريصة على عدم اعتراض واشنطن على مساعي توريث السلطة التي تجري حاليا على قدم وساق من ثم فإن الضغوط ستستمر على الخرطوم من جانب القاهرة للقبول بنشر قوات أممية في الخرطوم حتى قبل توقيع اتفاق سلام بينها وبين المتمردين في الإقليم . وتعتقد المصادر أن القاهرة لعبت دورا مهما في تأجيل تقديم دعم عربي لقوات الاتحاد الأفريقي حتى شهر أكتوبر الماضي رغم مطالبة الاتحاد الأفريقي بتسريع تقديم هذا الدعم لقواته التي تواجه صعوبات شديدة في العمل في الإقليم. ولم يستبعد السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي إمكانية أن تكون القاهرة قد مارست خلال زيارة مبارك ضغوطا شديدة على الخرطوم للقبول بقوات دولية في الإقليم المضطرب خصوصا أن القاهرة قد أعلنت خلال زيارة الرئيس مبارك لليبيا منذ فترة بقبولها بولاية دولية في الإقليم. وأوضح الأشعل أن النظام يريد من خلال هذه الضغوط توجيه رسالة غزل لواشنطن ، وذلك للتقليل من أجواء التوتر التي تحكم علاقات البلدين ، فضلا عن رغبة النظام في انتزاع موافقة واشنطن الحيوية على خلافة جمال مبارك لأبيه في السلطة ، وهو الملف الذي أصبحت السلطة تعتبره مسألة حياة أو موت .