سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
200 ألف عامل مصري يدفعون فاتورة الخلافات مع قطر
خبراء الاقتصاد: ازدياد معدل البطالة وفقدان التحويلات المالية الخارجية للموازنة العامة حال عودة العمالة المصرية من قطر
حلقة جديدة من حلقات الصراع تتجدد بين مصر وقطر على خلفية بيان وزارة الخارجية القطرية، الذي أعربت فيه عن قلقها المتزايد لقمع المظاهرات في مصر، والذي قامت على إثره القاهرة باستدعاء السفير القطري لديها لإبلاغه استياءها واستنكارها لهذا البيان، الذي اعتبرته تدخلاً في الشأن الداخلي المصري، ومن المقرر استدعاء السفير المصري في الدوحة للتشاور بعد إجراء الاستفتاء المقرر على الدستور ردًا على التدخل القطري المرفوض في الشأن الداخلي للبلاد. كما كلف وزير الخارجية نبيل فهمي، السفير محمد مرسى، سفير مصر في قطر، بنقل رسالة احتجاج إلى الحكومة القطرية تعكس الاستياء الشديد والرفض الكامل لمضمون بيان وزارة الخارجية القطرية الأخير بشأن الوضع السياسي بمصر. وقد قال السفير المصري بالدوحة، إن هذا البيان من جانب الخارجية القطرية مرفوض شكلاً وموضوعًا ويمثل تدخلاً مرفوضًا في الشأن الداخلي المصري، كما أكد السفير المصري أن القاهرة لن تسمح لأي دولة بالتدخل في الشأن الداخلي للبلاد حتى لو كانت دولة عربية، مشددًا على أن شروع هذه الدولة أو تلك في هذا المسلك يجعلها تتحمل مسئولية ما سيترتب على ذلك من تبعات. ومن سخونة الأجواء السياسية إلى سخونة لا تقل وهي السخونة الاقتصادية والتجارية فقد توقع البعض أن يتم ترحيل العمالة المصرية من قطر عقب تدهور العلاقات بين البلدين حيث تبلغ العمالة المصرية بقطر ما يقرب من 200 ألف عامل وهو ما يلقي بالضغط الكبير على الاقتصاد المصري في حالة ترحيل هذه العمالة المصرية من قطر وزيادة معدلات البطالة في مصر خاصة بعد عودة العمالة المصرية من ليبيا وتونس عقب اندلاع الثورات بهما. وفي إطار ذلك رصدت "المصريون" آراء خبراء الاقتصاد في الآثار السلبية لعودة العمالة المصرية من قطر إذا ما استمر تدهور العلاقات المصرية القطرية إلى درجة كبيرة ومدى تأثر الاقتصاد المصري من عودة 200 ألف عامل مصري في قطر.
في البداية، يقول الدكتور حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات سابقًا، إنه إذا تم تسريح العمالة المصرية الموجودة في قطر بسبب سوء العلاقات السياسية بين مصر وقطر في الفترة الأخيرة سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد المصري، وذلك لأن التحويلات المالية للعمالة المصرية في الخارج تمثل أهم بنود موارد الموازنة العامة للدولة، والتحويلات المالية لمصر من قطر تقترب من 10 ملايين دولار تقريبًا وعودة هذه العمالة بعد اندلاع الثورات الشعبية في عدد من الدول العربية سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد المصري، ليشكل عبئًا كبيرًا على الاقتصاد من خلال زيادة حجم البطالة وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج مما يزيد الخناق على الاقتصاد المصري. وأشار عبد العظيم إلى أن عودة العمالة المصرية بالخارج ستزيد من حجم فاتورة محاربة البطالة وتؤدى إلى زيادتها، خصوصًا أن دولة مثل قطر لديها مايقرب من 200 ألف عامل مصري إذا تمت عودتهم إلى مصر سنكون مضطرين إلى توفير فرص عمل لهم وهذا من الصعب لأن الحكومة لا تستطيع توفيرها للموجودين في الوقت الحالي، وهذا الأمر حدث قبل ذلك في ليبيا حيث إن عددًا كبيرًا من العائدين اضطروا إلى ترك أموالهم ومستحقاتهم لدى شركات وأفراد ومصارف ليبية فرارًا بحياتهم، الأمر الذي سيؤدى إلى تضييق الخناق على الاقتصاد المصري الذي يحتاج حاليًا إلى دفعة قوية لمقاومة آثار الثورة المصرية. وأكد عبد العظيم أن عودة العمالة المصرية من قطر يشكل ضغطًا شديدًا على سوق العمل المصرية التي تعانى بطالة حادة، حيث لا يمكن لقطاعات الاقتصاد المختلفة أن تستوعب هذه العمالة العائدة في ظل ركود اقتصادي وتوقف العديد من المشروعات، وتوقف عدد كبير من العاملين في القطاع الخاص عن العمل نتيجة للأعمال التي صاحبت ثورة 25 يناير، حيث فقد نحو 10 ملايين عامل مؤقت أو دائم على الأقل، وظائفهم في قطاعات البناء والتشييد والسياحة والباعة الجائلين وعمال اليومية، ليضافوا إلى العاطلين عن العمل في السوق المصرية من قبل، مما سيؤدى إلى أزمة كبيرة في الاقتصاد المصرى. وفي نفس السياق، يقول الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إنه لا يمكن أن تقوم قطر بتسريح العمالة المصرية الموجودة لديها لأنها تحتاج إلى هذه العمالة، وذلك نظرًا لقلة عدد سكانها ولكن إذا تم بالفعل تسريح أو عودة العمالة المصرية من قطر سيكون له تأثير واضح على الاقتصاد المصرى من جهة وعلى زيادة عدد البطالة من جهة أخرى فعودة العمال المصريين من الخارج ستؤدى إلى مشاكل اقتصادية كبيرة في الفترة المقبلة تتمثل أولها في تراجع التحويلات المالية لهذه العمالة، التي تعد المصدر الأهم للموازنة العامة للدولة هذا بالإضافة إلى زيادة أعداد العاطلين في مصر، وهو ما يشكل عبئًا على الاقتصاد المصري في الفترة المقبلة، خصوصًا أنه يعانى من مشاكل كبيرة حاليًا بعد خروج الاستثمارات الأجنبية خلال فترة عدم الاستقرار. وأشار إلى أن زيادة التحويلات المالية من المصريين بالخارج تؤدى إلى توفير سيولة مالية كبيرة في البنوك وتعزيز قيمة الجنيه أمام الدولار، خصوصًا أن هذه التحويلات تكون بالعملات الأجنبية ما يزيد من احتياطي تلك العملات لدى البنوك المصرية. ويكفى ما حدث في الدول العربية التي حدثت فيها ثورات مثل ليبيا وتونس التي عاد منهما الكثير من العمالة المصرية والتي بلغت أعدادها إلى ما يقرب من 2مليون، فالسوق المصرية لا تستطيع تحمل طرد العمالة المصرية من قطر أيضًا حيث إن قطر تضم أكبر جالية مصرية على مستوى العالم بعد السعودية، حيث يوجد بها ما لا يقل عن 100 ألف أسرة مصرية من أطباء ومحامين وقضاة غير العمالة العادية. ويقول السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وأمين عام اتحاد المستثمرين العرب: "من المستبعد أن تؤثر العلاقات السياسية على العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر وقطر، خصوصًا أن العلاقات السياسية لم تصل إلى مرحلة القطيعة بين مصر وقطر وما تم عمله هو عبارة عن استدعاء للسفير القطري فقط، وأن مصر تحتاج إلى قطر من الناحية الاقتصادية بنفس احتياج قطر إلى مصر، حيث إن هناك عمالة كبيرة من المصريين في قطر تصل إلى 180 ألف مصري في قطر، وأن معظم هذه العمالة من المهن التي تحتاجها قطر كالمهندسين والأطباء وليس العمال فقط، فقطر تحتاج إلى هذه العمالة التي لا تستطيع توفيرها من مكان آخر". وأوضح "بيومي" أن قطر تحتل المرتبة الثالثة من الناحية الاقتصادية مع مصر، ومن الأفضل أن تتعامل الحكومة المصرية بأكثر عقلانية وبحكمة مع الأزمة بحيث لا تصعد الأمور إلى القطيعة النهائية بين البلدين، خصوصًا أن قطر دولة عربية تشترك مع مصر في كثير من الصفات المشتركة. من جانبه، قال الدكتور مصطفى النشرتي، أستاذ الاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، إن الأزمات السياسية بين البلدين لم تصل إلى مرحلة الذروة وقطع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وأن الجالية المصرية المتواجدة في قطر والتي تصل إلى نحو 200 ألف مصري متعاقدين مع هيئات ومؤسسات قطرية للعمل فيها وهم متميزون في أعمالهم وإذا تم قطع العلاقات بين البلدين، فمن المؤكد أن هذه العمالة لن يتم ترحيلها بين يوم وليلة ولكن الأمر سيستغرق فترة تمتد إلى شهور وسنوات حتى يتم توفير بديل مناسب للمصري. وعن العلاقات التجارية بين الدولتين يقول النشرتي إن مصر ترتبط بعلاقات تجارية مع قطر ولكن معظم هذه العلاقات تتم بين مواطنين وليس بين الحكومات، فمصر تصدر إلى قطر عن طريق التجار بعض المنتجات الزراعية والصناعية ونستورد من قطر بعض منتجات البترول، وذلك بسبب أنه لا توجد ضرائب بين البلدين، مما يسهل موضوع التبادل التجاري وتعد المصالح المشتركة من خلال التبادل التجاري في مجال الصناعات المغذية بين مصر والدول الأخرى، حيث لم تتأثر قطاع السيارات بقطع العلاقات تركيا، وأمريكا وغيرها، خاصة أن مصر من الدول الرائدة في مجال الصناعات المغذية وكانت تصدر هذه المنتجات للدول الخارجية ومنها أمريكاوتركيا. وأشار النشرتي إلى أنه في حالة قطع العلاقة الاقتصادية بين البلدين لن تكون مصر فقط هي الخاسرة بل بالعكس ستكون الدولتان خاسرتين، بسبب أن الاستثمارات القطرية في مصر من الممكن أن تتحول إلى دول أخرى، خصوصًا أن مصر أرض خصبة للاستثمار.