ما معنى أن الرئيس وكل المسئولين يؤكدون أن الانتخابات النزيهة هى الفيصل وحدها فى تشكيل مجلس الشعب ثم يحدث كل ما هو ضد هذا التعهد ومع ذلك يؤكد المسئوولون مرة أخرة بعد كل هذه الفضيحة أن الانتخابات نزيهة وأن الحزب الوطنى اكتسح بجداراته وأن من يبكون الغش والتزوير هم وحدهم الفاشلون. وما معنى أن يفتى علماء الحزب الوطنى فمن كانوا فخرا للجامعة المصرية أمثال د. احمد فتحى سرور ود. على الدين هلال ود. مفيد شهاب ود. عبدالأحد جمال الدين بهذه الفتاوى التى تناقض تماماً ما حدث وتحاول إخفاء المشروعية عليه بل وتقديم تفسيرات لتكرس ما حدث وهو فضيحة للحزب بكل المقاييس؟ هل الشعب كله ومنظماته المدنية والعالم هم الذين يدعون أم أن كبار المسئولين عندنا هم الذين يقدمون صورة لاعلاقة لها بما حدث، وبعضهم كان مرشحاً وفتح الله عليه بالفور بجهده وحده وعرقه؟ هل نحن بحاجة إلى علاج نفسى أم أن هذا هو نمط الحياة فى مصر منذ الآن. أكدوا رفضهم للرقابة الدولية وأن فى الرقابة الداخلية ما يكفى ثم حجبوا الجميع وقاموا جهاراً نهاراً بالتزوير، وورطوا بعض القضاة وهذه المأساة التى ستظل عاراً على كل من شارك فيها إلى أن تسترد مصر عقلها ويحاسب الجميع على دوره خطأ أو صواباً. قلنا أن النظام فقد مصداقيته وأن الانتخابات ستكون أداة لمحاولة إسباغ المشروعية على اللامشروع، فإذا بالانتخابات تفرغ اللامشروع من كل ما ادعاه من مشروعية مزيفة فكيف يثق الطالب فى مصر فى دراسة القانون والعلوم السياسية وهو يرى بنفسه صورة شوهاء لما يسطر فى الكتب؟ الرسالة التى فهمها الجميع هى أن النظام لايرى أحدا يعمل له حسابا وأنه أطلق يده فى كل شئ واستباح كل شئ وأصبح النظام بمؤسساته التى صنعها فى جانب، والشعب كله فى جانب آخر وفقد النظام أى صلة بهذا الشعب، وفقدت الحركة الوطنية كل ثقة فى التخاطب مع النظام لأنه قدم عرضه الأخير ورسالته البليغة وهى أنه يملك كل شئ ويقبل ما يشاء وإذا كان لدى أحد من الشعب ما يقدر عليه فليأت به، فبالقانون يسحق الشعب وبنفس القانون يتلاعب، وبالدستور يفعل ما يشاء وقد انتهك كل مواد الدستور بلا استثناء بل وحنث فى القسم على رعاية مصالح الشعب وحماية الدستور والقانون. فماذا يفعل الشعب إزاء هذه المهزلة التي لم يسبق إليها أحد من العالمين. هل نراهن أيضاً على الانتخابات الرئاسية وقد أعد العدة وحدد المرشحين وقواعد اللعبة المغلقة أم نراهن على واشنطن التى تفهمت دوافع النظام "النبيلة "للتمكن من كل مفاصل الدولة إعلاء" للمصلحة العليا" وحققها ولو داس كل أحكام الدستور والقانون؟ وهل يجدى أن نصف النظام بأنه مستبد وفاسد ومدمن على تدمير البلاد وأن حزبه صار خطراً على مصر وهل ترتيب الأوضاع على هذا النحو وزرع نمط جديد مصرى للديمقراطية يدخل موسوعه جنيس له علاقة بالسنوات العشر القادمة لكى ينهى المشروع الصهيونى عمله فى فلسطين والسودان ومصر هيمنة وتجزئة حتى لا يكون للشعب صوت يحتج على ما يقوم فى جسد مصر ومصالحها؟ وهل احتج الشعب المصرى يوماً على حاكمه الذى جمع كل الصلاحيات فى يده وأسمى نفسه إلها أو سلطانا ما دام الحاكم يوفر للشعب قوته وعلاجه وتعليمه وكساءه وما تطلق عليه إسرائيل السلام الاقتصادى. وهل يتجاوز البعض عندما يسيئون إلى الاتحاد الاشتراكى عندما يشبهون الحزب الوطنى بالحزب الواحد كالاتحاد الاشتراكى خاصة وأن الاتحاد الاشتراكى حقق العدل الاجتماعى وتصدى للمشروع الصهيونى، بينما الحزب الوطن فعل العكس تماماً؟ لاشك أن فداحة المشهد وضع الحركة الوطنية فى مأزق بعد أن صار الرهان على الشعب وسط ظروفه التى خلقها النظام أمراً يحتاج إلى توعية وإلى خطاب سياسى بسيط لكى تكون معركة الشعب مع النظام وليس معركة النخبة مع النظام. لا بد أن المواطنين هالهم أن يفتئت الحزب على الشعب بهذا القدر من الاستخفاف والجسارة ولذلك لابد للنخبة أن يكون لها موقف يدافع عما لحقها كمواطنين وعن شعبها الذي استضعف فى وضح النهار، وقال النظام كلمته الأخيرة فيه. فماذا أنتم فاعلون أيها الكتاب والمحاضرون والمثقفون ويامن قدر لكم أن تعيشوا فى زمن هذا التحدى الأخرق؟ لاعبرة لحزب أولون سياسى أو غيره مالم يكن له إسهام مشترك فى لهجة موحدة يفهم معها النظام أن هناك طرفاً آخر فى المعادلة وأن يسمع العالم كله الرد والرسالة الواجبة دفاعاً عن الدستور الذى داسوه بالأقدام رغم تقديس بعضهم له كلما تعلق الأمر بالمادة 76 وغيرها من أدوات المسرحية الهزلية؟ أمام الحركة الوطنية تحد كبير إذا فشلت فى الرد على هذا التحدى فسوف تفوت على هذا الشعب فرصة تاريخية، ولايقبل منها ما كان مقبولاً من مصطفى كامل فى نهايات القرن التاسع عشر فى عالم ندرة الفرص والإعلام والقدرات فيه عندما كان يلح على أن نذكر مصر ففى ذكرها ذكر آلامها وذكر الآلام تجر حتماً إلى ذكر مواطن الشفاء. لقد ضاع مسرح العمل وعلى الحركة أن تخلق مسرحا جديدا ولغة جديدة. فتلك مسئولية أمام الله وأمام المواطن وهذا الشعب المغتصب.