في كلمته للهيئة البرلمانية للحزب الوطني صباح الأحد قال الرئيس حسني مبارك ما يلي: "كما جاء ما شهدته الانتخابات من تجاوزات.. ليعكس سلوكيات سلبية ومرفوضة من بعض المرشحين ومؤيديهم.. نسعي جاهدين لتغييرها إلي الأفضل.. سلوكيات ندينها.. حاولت الافتئات علي إرادة الناخبين.. باستخدام المال.. واللجوء للعنف والترهيب. سلوكيات وتجاوزات.. تعاملت معها اللجنة العليا للانتخابات بدور مسئول ومحايد ومتوازن.. كما تعاملت معها أجهزة الدولة بما يضمن سلامة الانتخابات والناخبين". هذا ما قاله رئيس الدولة رئيس الحزب الوطني، وهو هنا يؤكد ما أجمع عليه من تابعوا انتخابات مجلس الشعب الأخيرة من أنها شهدت تجاوزات، وعنفاً، واستخدام المال، والبلطجة، وتسويد بطاقات الاقتراع للتأثير علي إرادة الناخبين، وإخراج نتائج غير معبرة عن الإرادة الشعبية. وبغض النظر عن أن الرئيس يري أن "التجاوزات لا تنفي حقيقة أن الانتخابات قد تمت.. في الغالب الأعم من الدوائر.. بما يتفق مع صحيح القانون والإجراءات.. وبعيدا عن العنف والانحراف والتجاوز".. فإن ما قاله الرئيس يشير بوضوح إلي ما شهدته الانتخابات من تجاوزات، هو أمر يتعارض بوضوح ما يدعيه البعض من أن الانتخابات اتسمت بالنزاهة والحيدة. وكل ما نرجوه من عائلة نزيهة التي لا تنفك تردد هذه الكلمة في كل انتخابات، وتضيف عليها إن هذه الانتخابات أنزه من الماضية، أن تتوقف عن هذا الكلام، فنحن نريد انتخابات نزيهة بما تحويه الكلمة من معني.. انتخابات تتوافق مع المعايير الدولية.. انتخابات يذهب إليها المواطن وهو آمن علي نفسه .. ومطمئن إلي أن صوته سيذهب لمن اختاره. وحتي يحدث كل هذا علينا أن نتجاوب مع دعوة الرئيس: "الآن.. وقد انتهت الانتخابات.. بما يصاحبها من صخب معتاد منذ بدايات القرن الماضي.. فإن علينا أن نتعلم من دروسها.. كي نخلص لما يمكن اتخاذه من إجراءات.. علي المستويين التشريعي والتنفيذي.. لندفع بتجربتنا الديمقراطية خطوات أبعد إلي الأمام". وفي تصوري أن الخطوات التشريعية والتنفيذية التي دعا الرئيس لتحويلها إلي اجراءات من بينها التالي: 1- تغيير نظام الانتخاب، والجمع بين نظامي الانتخاب بالقوائم الحزبية، والدوائر الفردية الصغيرة، لأن من شأن هذا تقليل حدة البلطجة، وإعلاء كلمة الأحزاب، وزيادة رصيدها في الشارع. 2- إجراء تعديل دستوري ينهي إلي الأبد نسبة 50% علي الأقل للعمال والفلاحين، فهذا الوضع الدستوري في منتصف القرن الماضي كان استثنائياً لتمثيل فئات غائبة عن المجالس النيابية، ولا يصح أن يتحول أي استثنائي إلي وضع دائم، خاصة وأن الكثير ممن نجحوا كعمال وفلاحين هم أبعد ما يكون عن هاتين الفئتين. 3- لا بد من توسيع صلاحيات اللجنة العليا المشرفة علي الانتخابات لتتولي العملية الانتخابية كاملة بداية من إعداد ومراجعة كشوف الناخبين وحتي إعلان النتائج، وأن يكون لها صلاحية شطب المرشحين المخالفين للقانون، علي أن تتسع عضوية اللجنة لتضم ممثلين عن الأحزاب السياسية الممثلة في مجلسي الشعب والشوري. 4- تشديد عقوبات الجرائم الانتخابية في القانون، بحيث تكون هناك عقوبات مشددة واضحة وصريحة علي شراء الأصوات وتجاوز سقف الدعاية واستخدام العنف والبلطجة والتزوير وأي خروج عن القوانين والقواعد المنظمة للعملية الانتخابية. ودون هذه الإجراءات ستظل عائلة نزيهة موجودة وفاعلة.. وتخرج علينا عقب كل انتخابات لتقول انها أنزه من سابقتها بينما معايير النزاهة الحقيقية غير مكتملة.