البهائية في نظر الشريعة والقانون".. كتاب جديد صدر مؤخراً شمل نص حكم قضي به المستشار علي علي منصور عندما كان رئيساً لمحكمة القضاء الإداري في أول يونيه عام 1952 ببطلان عقد زواج بهائي من بهائية ورفض الدعوي القضائية المقامة منه ضد مصلحة السكة الحديد بالإسماعيلية بمنحه علاوة الزواج علي أساس أن آحكام الردة في شأن البهائيين واجبة التطبيق جملة وتفصيلاً بأصولها وفروعها وأن الدستور لا يحمي المذاهب المبتدعة التي تحاول أن ترقي إلي مصاف الأديان السماوية والتي لا تعدو أن تكون زندقة والحاداً. أنا شخصياً سعدت كثيراً بهذا الكتاب القيم لانه يشمل نص حكم قضائي مهم ضد الطائفة البهائية التي تعتنق الكثير والكثير من الأفكار الشاذة المنحرفة وتدعمها إسرائيل والصهيونية العالمية.. سعدت كثيراً لأن هذا الكتاب يؤكد صحة موقفي ضد الطائفة البهائية خلال السنوات الماضية. وقصة الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار علي علي منصور ترجع إلي اليوم العشرين من شهر مارس عام 1947 عندما عقد زواج البهائي مصطفي كامل علي عبدالله البالغ من العمر 34 سنة علي الآنسة بهيجة خليل 17 سنة علي صداق قدره تسعة عشر مثقالاً من الذهب وتم العقد طبقاً لأحكام الشريعة البهائية ووقع عليه كل من الزوج ومن والده ووالدته ومن الزوجة ورئيس المحفل الروحاني وسكرتيره وختم بخاتم المحفل. وعندما شاع الخبر وضج الناس اجتمعت لجنة الفتوي بالأزهر الشريف رئاسة فضيلة الإمام الشيخ عبدالمجيد سليم وأصدرت في اليوم الثالث و العشرين من شهر سبتمبر عام 1947 فتواها بأن "البهائية ليست من فرق المسلمين ومذهبها مناقض لأصول الدين والعقيدة ومخالف لسائر الملل السماوية ولا يجوز للمسلمة أن تتزوج من بهائي وزواجها به باطل ومن اعتنق مذهبهم من بعد أن كان مسلماً صار مرتداً عن دين الإسلام ولا يجوز زواجه مطلقاً". بعد فترة تقدم البهائي المذكور إلي مصلحة السكة الحديد الموظف بها يطلب منحه علاوة الزواج وأرفق بالطلب نسخة من عقد الزواج في وثيقة من المحفل الروحاني بحظيرة القدس بمدينة الإسماعيلية مطبوع بأعلاها شعار البهائية.. "بهاء إلهي" وتحته فقرة من كتاب الأقدس". توقفت مصلحة السكك الحديدية حيال هذا العقد الغريب الذي لا عهد لها بمثله وبعثت به إلي المستشار القضائي للوزارة فأرسله إلي مفتي الديار المصرية فافتي فضيلته بأن "من اعتنق مذهب البهائية بعد أن كان مسلماً اعتبر مرتداً عن الإسلام تجري عليه أحكام المرتدين وزواجه بمحفل البهائيين باطل شرعاً سواء كانت الزوجة بهائية أم غير بهائية.. ولاخفاء في أن عقيدة البهائيين وتعاليمهم غير إسلامية يخرج معتنقها من الإسلام.. وقد سبق الافتاء بكفر البهائيين ومعاملتهم معاملة المرتدين". وعلي هذه الفتوي استندت المصلحة في رفض طلب البهائي مصطفي كامل علي عبدالله منحه علاوة الزواج فرفع دعوي ضدها أمام مجلس الدولة ووكل عنه اثنين من كبار المحامين هما سابا حبشي باشا وسعد الفيشاوي ونظرت القضية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة برئاسة المستشار علي علي منصور وعضوية المستشارين عبدالعزيز الببلاوي وحسن أبوعلم ومثل الحكومة جلال الدين عبدالحميد المحامي بقضايا الحكومة واستغرق نظر القضية عامين كاملين إذ خرجت من نطاقها الضيق لمنحة علاوة الزواج وقدرها في ذلك الوقت جنيه مصري واحد في الشهر إلي الدفع ببطلان عدم اعتراف الدولة للبهائيين بحرية العقيدة وبعقد الزواج الذي تم طبقاً لأحكام شريعتهم وفي عدم الاعتراف بها مخالفة لنص المادة الثانية عشرة من الدستور المصري علي أن حرية الاعتقاد مطلقة. وانتهت المحكمة إلي الحكم في القضية المعروضة عليها.. "بأن أحكام الردة في شأن البهائيين واجبة التطبيق جملة وتفصيلاً بأصولها وفروعها ولا يغير من هذا النظر كون قانون العقوبات الحالي لا ينص علي إعدام المرتد فليتحمل المرتد علي الأقل بطلان زواجه اطلاقاً ما دامت بالبلاد جهات قضائية لها ولاية القضاء بهذا البطلان بصفة أصلية أو بصفة تبعية.. وتؤكد المحكمة أن الدستور لا يحمي المذاهب المبتدعة التي تحاول أن ترقي إلي مصاف الأديان السماوية والتي لا تعدو أن تكون زندقة والحاداً". وفي نهاية حكمها اهابت المحكمة بالحكومة: "أن تأخذ للأمر أهميته بما هو أهل له من حزم وعزم لتقضي علي الفتنة في مهدها لأن تلك المذاهب العصرية مهما تسللت في رفق وهوادة وفي غفلة من الجميع متخذة من التشدق بالحرية والسلام ومن تمجيدها لبعض الأنبياء ستراً وقد تكون استمالت إليها كثيرين من الجهلة والسذج وهنالك تثور نفوس المؤمنين حفظاً لدينهم واستجابة للفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها وتكون هي الفتنة بعينها التي قصد الدستور وقاية النظام العام من شرورها". بعد سنوات قليلة من هذا الحكم القضائي المهم برفض دعوي البهائي مصطفي كامل علي عبدالله ضد مصلحة السكة الحديد بالإسماعيلية وبطلان زواجه تقدم أحد المحامين إلي مكتب توثيق القاهرة يطلب توثيق عقود للزواج موكلاً عن ثلاثة من البهائيين استناداً إلي المادة الثالثة من قانون التوثيق الخاص بغير المسلمين من أبناء الطوائف الدينية.. وارسل المكتب إلي وزارة الداخلية يطلب الافادة عما إذا كانت البهائية تدخل في الطوائف الدينية المعترف بها؟ وهل لها لوائح رسمية تنظم أحوالها الشخصية؟ فردت الوزارة بأن البهائية ليست من الطوائف الدينية المعترف بها في القانون الذي يستند إليه المحامي في طلب التوثيق ولا علم للوزارة بلوائح منظمة لأحوالها الشخصية. وأجري مكتب التوثيق بحثاً عن هذه الطائفة ونشأتها وخروجها علي شريعة الإسلام واستند في رفض التوثيق لعقود الزواج البهائية إلي أن الحكومة المصرية لا تعترف بها طائفة دينية وبغير الاعتراف بها لا يستطيع مكتب التوثيق وهو جهة حكومية قبول صفتها الطائفية وإجراء التوثيق علي مقتضي أحكامها وتعاليمها المخالفة لشريعة الإسلام.. وعليه يكون المكتب غير مختص بتوثيق عقود زواج طبقاً للتعاليم البهائية إذ إن اختصاص المحاكم الشرعية لايزال قائماً في هذا المجال باعتبارها صاحبة الولاية في مسائل الأحوال الشخصية. ونهاية يمكن القول إن الحكم القضائي الصادر من محكمة القضاء الإداري والذي تضمنه كتاب "البهائية في نظر الشريعة والقانون" هو واحد من عشرات بل مئات الأحكام القضائية النهائية الصادرة من المحاكم المصرية المختلفة ضد الطائفة البهائية منذ عام 1910 وهو العام الذي ظهرت فيه البهائية في مصر وحتي الآن.