في مستهل مقالنا هذا أعتقد أننا في حاجة إلى معرفة بعض ملامح سمك القرش الذي أحدث الرعب على شاطئ شرم الشيخ ، وضرب السياحة في مقتل : معروف أن القرش سمك متوحش من طبيعته أنه يهاجم الإنسان بدون استثارة من الإنسان . وتمتاز أسماك القرش بحركتها الدائمة ، وللقرش مهارات غريبة، فهو يستطيع تقييم فريسته بدقة متناهية من أول عضة ، بحيث يستطيع وبسرعة مذهلة معرفة حجم الطاقة الغذائية أي الدهون التي سيحصل عليها من هذه الفريسة ، وما إذا كانت تستحق عناء المحاولة أم لا . ومن طبيعة سمك القرش أنه لا ينام ولا يتوقف عن الحركة منذ ولادته حتى موته ، وذلك لأن جسمه غير مجهز كغيره من الأسماك بأكياس هوائيه تساعده على التنفس ، حيث يعتمد على التحرك لإمرار الماء داخل فمه ليعبر إلى الخياشيم كي تتم عملية التنفس . وجميع أسماك القرش تنمو لها أسنان بشکل مستمر، وإذا ما سقطت الأسنان فإنها تعوض باستمرار بأسنان جديدة ، وبعض أسماك القرش تنمو لها آلاف الأسنان في السنة الواحدة. ولكل سمكة من أسماك القرش أسنان صغيرة جداً على معظم أجزاء جلدها تجعلها خشنة الملمس وکأنها ورقة السنفرة . وقد صرعت سمكة القرش سائحة ألمانية ، يوم الأحد ( 5 / 12 / 2010 ) ، عندما كانت تسبح في " خليج نعمة " بشاطئ خاص بأحد الفنادق ، وأكلت ساقها وذراعها في الهجوم . وقد حدث ذلك بعد أن أعلن الخبراء المصريون أنهم اصطادوا سمكة القرش المفترسة . وفي يوم 7 / 12 / 2010 أعلن المسئولون المصريون اضطرارهم إلى استيراد خبراء من استراليا والولايات المتحدة لاصطياد القرش المفترس . وهذا طبعا يدل على إخفاق خبرائنا الذريع في اصطياد القاتل . وبعد يومين أعلن هؤلاء الخبراء أنهم لابد أن يدرسوا سلوكيات هذا النوع من " القروش " . ومن عجب بل من جهل أن يكتب أحد رؤساء تحرير صحيفة قومية ( !!!!! ) أن الجزب الوطني في الانتخابات استطاع أن يكتسح ويقضي على أسطورة المحظورة ، كما قضى الخبراء المصريون بصفة نهائية على القرش المفترس . وبعدها ظهر القرش وافترس السائحة الأمريكية . وآمل أن يقرأ القارئ ما ذكرت آنفا وفي ذهنه رءوس الحزب الوطني ، وأعتقد أنه سرعان ما يكتشف التشابه التوأمي بينهم وبين " القرش المفترس " . ففي مصرنا المسحوقة المسروقة " القروش " الدائمة التي تصيد ولا تصاد ، وتلتهم ، وتنهش ، وتهبش .... وأذكر القارئ ببيت من الشعر جاء في " مجمع الأمثال " وهو في حديثه عن الرجل الطماع : كالحوت لا يرويه شيء يطعمُهْ = يصبح ظمآن وفي البحر فمه وتحت وطأة الواقع الذي نعيشه نقول على نسقه : إن الحزب الوطني كالقرش لا يكفيه نهب يطعمُهْ = يصبح جوعان وفي الدنيا فمه فقروش الوطني استباحت كل شيء : فمن صحفييهم من يتقاضى في الشهر راتبا يقدر بمليون جنيه ، وكبارهم استولوا على الأراضي بأبخس الأسعار . وباعوا أراضي مصر بتراب الفلوس" للوليد بن طلال والراجحي " في " توشكى" ؛ مائة وعشرون ألف فدان لكل من المؤسستين...الفدان تكلف حتى أصبح علي ما كان عليه 12 ألف جنيه...بيع الفدان ب 50 جنيها.... ثم الغاز المصري يباع لليهود بسعر أقل مما يباع للمستهلك المصري ، حتى أصبحت" 20% " من محطات الكهرباء في إسرائيل تعمل بالغاز المصري... بتحدٍ سافر لمشاعر الشعب المصري الرافض لهذا العمل الخسيس ، ولقرارات المحاكم المصرية التي ضُرب بها عرض الحائط..! وصادروا إرادة الشعب وإن شئت فقل التهموها ، وانتصروا لإرادة الحكم الفردي الاستبدادي وذلك بتزييف الانتخابات تزييفا لم تشهد له مصر مثيلا من قبل . ولا عجب فأن رئيس الحزب الوطني يتمتع بسلطان لم يتمتع به من قبل رئيس أو زعيم أو ملك أو إمبراطور ، وحتى لا أطيل عليك يا قارئي أحيلك على المواد : من بين 55 مادة في الدستور المصري تتضمن صلاحيات أو سلطات اختص رئيس الجمهورية بحوالي 35 صلاحية بما نسبته 63% من إجمالي السلطات والصلاحيات, بينما ترك للسلطة التشريعية بمجلسيها 14 صلاحية فقط بنسبة 25%, وإذا وضع هذا الأمر جنبا إلى جنب مع سيطرة رئيس الجمهورية واقعيا من خلال موقعيه الرئاسي والحزبي على السلطة التشريعية, فإن معنى ذلك هو سيطرة رئيس الجمهورية عمليا على 88% من إجمالي السلطات التي ينظمها الدستور. ولنترك المجال لكاتب حر كتب في صحيفة قومية هي الأهرام يوم الجمعة 10 / 12 / 2010 إنه فاروق جويدة العظيم في مقال بعنوان " نريد أن نعيش " ومما جاء فيه : " أن تخلصنا حكومة الحزب الواحد من ديون تجاوزت الترليون جنيه وعجز في الميزانية بلغ100 مليار جنيه سنويا و500 مليار جنيه في خمس سنوات, وأن تعيد وزارة المالية300 مليار جنيه هي أموال أصحاب المعاشات التي تسربت في غفلة منا إلي وزارة المالية ولا أحد يعرف مصيرها حتي الآن.. وأن تعيد الحكومة الشمولية مئات المشروعات التي باعتها في برنامج الخصخصة في مخالفة صريحة لكل القوانين لأنها كانت تبيع ثروة شعب ومستقبل أمة.. وأن تعيد الحكومة ثلاثة ملايين فدان وزعتها علي المحاسيب والأنصار وكذابي الزفة ورجال الأعمال والمهربين في أكبر عملية نهب شهدتها الكنانة في عصرها الحديث.. وان تعيد حكومة الحزب الواحد عشرات المليارات التي حصل عليها عدد قليل من رجال الأعمال من البنوك وتمت تسويتها.. نريد من الحزب الحاكم أن يقول لنا أين أموال قناة السويس والبترول والغاز وأين أنفق مليارات الديون.. ومليارات العجز في الميزانية ومليارات التأمينات الاجتماعية ومعاشات المواطنين... " . ألم أقل لكم إنهم " قروش " ذات " كروش " واسعة . ومن عجب أن نرى واحدا من كبار هذه القروش وهو رئيس مجلس الشعب المصري الدكتور فتحي سرور يعلن في العدد نفسه من الأهرام ( إن انتخابات هذا العام كانت نزيهة نموذجية مثالية في كل شيء . ومن الأصوات المنصفة التي نطقت بالحق ما نعرض بعضه على سبيل الإلماع : " كتبت المصري اليوم : " أن انسحاب الاحزاب عرى النظام" 'المصري اليوم' يوم الاثنين 6 / 12 / 2010 . 'الاهرام " تسخر من تحول الأحزاب إلى المحظورة " . ولكننا نجد في " أهرام' الثلاثاء 7 / 12 / 2010 فيما كتبه فتحي محمود : " ... كان لدينا جماعة واحدة 'محظورة' ، وبعد الانتخابات تحولت الأحزاب الشرعية إلى 'محظورة' " - المستشاران وليد الشافعي وأيمن الورداني أثبتا أنهما من أحفاد شيخ القضاة عبد العزيز فهمي ، وآخرون ظهر انهم سلالة إبراهيم الهلباوي في شبابه " . " وكتب رفعت رشاد رئيس تحرير مجلة ' آخر ساعة' ، وأمين الإعلام بأمانة القاهرة للحزب الحاكم ' انسحب المرشحون الذين رشحوا أنفسهم تحت مسمى الجماعة غير الشرعية ، وهو انسحاب لقي صدى سلبياً لرأي الشارع المصري، فالمواطن المصري لديه حساسية أو لديه فوبيا من كلمة انسحاب، فالانسحاب عنده يعني الهزيمة ، والتفسير البسيط لتصرف مرشد الجماعة غير الشرعية عندما أمر تابعيه بالانسحاب أن التنظيم غير المشروع أدرك مدى الخسارة الفادحة التي يتعرض لها ، خاصة في حالة استمرار هؤلاء المرشحين في المشاركة ، فالانسحاب ربما يغطي على هزيمة ثقيلة من المؤكد أنها كانت ستحدث في حالة خوضهم جولة الإعادة " . ومن أصوات القروش الصغيرة : ما كتبه : يوم الأربعاء 8 / 12 / 2010 ، محمد بركات في الأخبار : ' إن إسقاط المحظورة ، وعدم تمكينها من الدخول الى البرلمان الجديد ، يعد بالتأكيد على رأس الايجابيات التي تحققت حيث انه يعد خطوة متقدمة على طريق الانتصار للقانون والانصياع للدستور " . ونرى عبدالله كمال رئيس تحرير جريدة ' روزاليوسف ' وعضو مجلس الشورى المعين يكتب عن الإخوان المحظورة : " لا أعتقد ان الحزب الوطني كان يخوض هذه الانتخابات المنقضية بقصد القضاء على أحزاب المعارضة، الهدف الحقيقي المعلن والواضح، والصريح والذي لا لف ولا دوران فيه، هو أن حزب الأغلبية كان يسعى إلى سحق جماعة الإخوان باعتبارها تنظيما غير شرعي ، يمثل تهديدا للدولة المدنية وخطرا استراتيجيا على مؤسسات الدولة المصرية، من خلال استغلاله للمتاح ديمقراطيا عبر آليات البرلمان " . ومن أبشع ألوان التزوير أن عددا من مرشحي الحزب الوطني حُولوا بإرادة القروش الكبيرة إلى مستقلين . وقد وجه سؤال إلى السيد المفيد جدا " مفيد شهاب " مؤداه " المجلس الجديد ليس فيه معارضة حزبية فكيف سيكون وضعه ؟ " فكان جوابه أن المعارضة ليست بالكم ولكن بالكيف " . آه ... قلبي على أصحاب " الكيف " . ********* هذا ، وقد عبر أبناء الشعب عن المأساة التي أنزلها بنا قروش " كروش الحزب الوطني " بالأغنية " الأتية : " وطني حبيبي الوطن الأكبر، يوم ورا يوم وفضايحه بتكتر، وانكساراته ماليه حياته، وطني بيخسر وبستهتر، وطني يامالك حبك قلبي، وطني يا بلد الحزب الوطني، كرشك كبير، كبير، مخك خطير، خطير". ولا غرابة أن نجد كلمة " كرش " تكاد تكون مرادفة لكلمة " قرش " في سياق الحديث عن " قروش " الحزب الوطني فهم قروش كروش عندهم القدرة على التهام كل شيء . أيها القرش الكرش الكبير ... أيتها القروش الكروش المنهومة لقد التهمتم كل شيء في الوطن ... أرض الوطن ... مال الوطن ... حرية الوطن ... إرادة الوطن ... سمعة الوطن ... حاضر الوطن ... مستقبل الوطن ... فلنا الله ... لنا الله ... لنا الله ... وحسبنا الله ونعم الوكيل .