الأستاذة : أميمة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. كم أنا سعيد جدا بأرائك المفيدة وبتدينك وتواضعك الشديد وسلوبك الراقي في الحوار...لا أعلم من أين أبدأ مشكلتي لأنها معقدة تماماً تعتصر لها القلوب.. أحب أن أقول لكِ أن لا أحد يعلم بمشكلتي هذه إلا الله ثم أنا صاحب المشكلة وحضرتك الحين.. لا أود أن أطيل عليكِ كثيرا وسأبدأ الكلام..أنا شاب عمري 28 عام تقريباً , مسافر في إحدي الدول العربية منذ بضع سنوات ..مشكلتي تكمن فى أنني أعاني من "العقم" ولا أحد يعلم بمشكلتي إلا الله عز وجل , المشكلة أنني خائف للغاية من الذهاب إلي الأطباء لعرض حالتي عليهم لأنني لا أحب أن أواجه المرض، ولا أحب أن أتعامل مع المستشفيات .. ما يصعب علي كثيراً عندما يطلب أحداً مني الزواج من ابنته وأتحجج بأعذار غير منطقية , وأخاف أن يطالبني أهلي بالزواج وأنا لا أستطيع البوح بما أعاني منه... صراعات كثيرة بداخلي تميتني في اليوم مليون مرة، لا يعلم بها إلا الله وحده ,أقع في حيرة من مشكلة الدوالي التي أعاني منها، ومن الممكن 90% أن تمنعني عن الإنجاب , ليس لدي الجرئة للذهاب إلي الطبيب , وليس لدي الجرئة في مصراحة أهلي , كرهت الذهاب إلي مصر حتي لا يفاتحني أحد فى موضوع الزواج , تعبت والله العظيم , ومهما أصف لك وجعي وإحساسي بالألم لا أستطيع وصعب إنسان يحس بيه , لا تقوليلي إذهب إلي الطبيب , أنا عايز كلام يخليني أبدأ خطوات العلاج , عايز كلام قاسي يفوقني من الفترة الطويلة التي لم أستطع أن أخترق بها الحواجز.. لقد أصبحت شخصيتي مهزوزة , أُصبت بمرض الوسواس , حياتي أصبحت فاقعة السواد ليس فيها إلا نقاط بيضاء صغيرة..والله محتاج أحد يشاركني بمشكلتي وما عندي أحد بعد الله أحكى له.
(الرد) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. أولا : أشكرك كثيراً على كلماتك الطيبة ومدحك الذى لا أستحقه.. ثانياً : رغم أنك لم توضح لى ما إذا كانت إصابتك بالدوالى تسببت لك فقط فى عقم وعدم القدرة على الإنجاب ،أم أنها تعوقك أيضاً عن الزواج والحياة الزوجية عموماً؟! ولكنى سأبنى ردى عليك من خلال كلامك الواضح لى فى رسالتك وهو أنك فقط لاتستطيع الإنجاب.. وعلى كلٍ أنت أيضاً طلبت منى ألا أقول لك :"إذهب إلى الطبيب".. ولن أقولها لك وأنت يائس بهذا الشكل الكبير.. ولكن دعنى أشير لعدة نقاط هامة فى حياتك وحياة المحيطين ،ربما أنت لم تعير لها اهتماماً وهى مؤثرة للغاية.. فالنسلط نظرنا وتركيزنا فى البداية على النقاط البيضاء الصغيرة التى ذكرتها لى من بين السواد الفاقع الذى يحيط بحياتك ، حتى نحاول أن ننمى تلك النقاط البيضاء لتأخذ الحيز الأكبر فى حياتك بدلاً من السواد الذى هو وليد اليأس والإحباط الذى تعانى منه بسبب أموراً عادية وبسيطة.. ولتعلم يا أخى الكريم أنى أبسط وأتفه من حجم ما تعانيه من ألام نفسية ،وصدقنى فأنا أشعر بك جداً، وأقدر تماماً ما أنت فيه.. ولكن أصف معاناتك بالأمر العادى لأنك إن نظرت لأى أب أو أم وهم يحملون صغارهم ، فهل يمكنك أن تجزم بأن الله تعالى قد رزقهم بأطفالهم بعد زواجهم مباشرة ؟! أم ربما تعرض الكثير منهم لمثل حالتك وأصعب ثم توكلوا على الله وبدأوا فى مراحل العلاج إلى أن أتموها على خير حتى شفاهم الله تماماً ثم رزقوا بهؤلاء الأطفال؟؟! هل تستطيع أن تجزم بأن هؤلاء الأطفال سوف يطيل الله فى أعمارهم ويبقون مع أهليهم ويملؤن حياتهم سعادة مثلاً؟! أو أن هؤلاء الأطفال جميعاً ليسوا مرضى ولا تحترق قلوب أبائهم وأمهاتهم عليهم وهم يرونهم يتألمون لاقدر الله من أمراض مستعصية؟!!.. ثم من يدريك أيضاً أن كل من لم يعانى مما تعانيه أنت من إصابة أو غيرها من الإصابات ،بالضرورة أنه يكتب له أن ينجب بسهولة ويسر؟؟ وقد قال تعالى فى كتابه العزيز:" لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ " ثم إثبت لى أنك على يقين من أنك إن إتخذت طريقك فى خطوات العلاج أنك لن تنجب لإحتمالية فشل العلاج لاقدر الله ؟!!! يا عزيزى .. أولاً حالتك مثلها الكثير وعلاجها بات يسيراً جداً وهناك ما يعلاج منها بإجراء جراحة بسيطة لهذه الدوالى، وأنا شخصياً أعرف العديد من الحالات المشابهة لرجال متقدمين فى السن وغيرهم من الشباب ، فمن خلال حديثى وتعاملى مع العديد من الأطباء بحكم عملى بالطبع لاحظت أن الإصابة بالدوالى إنتشرت فى الأونة الأخيرة بين الشباب لعدة أسباب لاداعى لذكرها الأن.. ولكن أبشر أخى فالشفاء منها قريب وبنسبة كبيرة جداً بفضل الله تعالى.. أنت يا عزيزى فى مقتبل العمر ولازلت شاباً فى ريعان شبابك ما شاء الله.. فحتى إن لم تكن تنوى الزواج ولا الإنجاب ، فعلى كل إنسان ألا يهمل فى أى إصابة ولو بسيطة أو أى عرض يصيب أى جزء من جسده حتى لا تتفاقم ويصبح التخلص منها صعباً أو تؤدى إلى مضاعفات خطيرة لاقدر الله.. فأجسادنا وصحتنا أمانة من الله بين أيدينا ونحن محاسبون عليها لو ضيعنا الأمانة.. وطلبك للعلاج يجعلك تعيش معافى فى سنوات عمرك المقبلة إن شاء الله ،ثم أننا مأمورون بالتداوى والعلاج فى حين إصابتنا بأى داء ، لقول الحبيب المصطفى صل الله عليه وسلم :"تداووا عباد الله، فما أنزل الله من داء ،إلا وأنزل له شفاء"..وكلنا معرضون للإصابة ..فسعيك لعلاج نفسك من أى داء يكون أولا وأخيراً لله فالتحتسب النية كذلك..وليس من الضرورى البوح لأهلك ولا لأى شخص ، يكفيك ما بينك وبين الطبيب المعالج..ثم يكفيك أن تعتبرها رحلة مفيدة لإكتساب خبرات ومعلومات جديدة وأنت بداخلك تحمد الله تعالى على أنك تعالج من شىء هين ليس له تأثيراً على الحركة ولا أى حاسة من الحواس نتاج حادث مثلاً لاقدر الله وقتها ستكون سعيدا وممتناً بما وهبك الله من صحة ونعم كثيرة لاتعد ولا تحصى ،ومعها إبتلاء طفيف تؤجر أيضاً عليه عند الله إلى أن يتم الله تعالى شفاؤه عليك عاجلاً غير آجل إن شاء الله.. والآن يا أخى .. القرار بيدك وحدك، فإن وددت أن تعيش فى ألام عضوية ونفسية طوال حياتك لاقدر الله أو تود أن تحرم نفسك من زوجة لطيفة تشاركك الحياة بكل ما فيها وذرية لك فى هذه الدنيا ،،فلا تذهب إلى أى طبيب لتبدأ معه خطوات فعلية للعلاج مما تعانى منه، ولن يساعدك الله وقتها لأنك لم تسعى وتأخذ بأسباب الشفاء ولم تنجح فى الاختبار الذى وضعك فيه الله عز وجل.. أو أنك تختار النقيض تماماً لليأس والإحباط وهو الإقبال على الحياة والأخذ بأسباب الشفاء والسعى له.. وأنت على يقين بأن الله سوف يراضيك ويجبر خاطرك ويوفق مسعاك للخير .. وأوصيك مع الأخذ بالأسباب أن تتصدق بنية الشفاء ،،مع عدم الانقطاع عن الدعاء والتذلل لله عز وجل ..ونحن كذلك معك جميعاً ندعوا الله لك أن يشفيك ويرزقك الزوجة الصالحة والذرية الصالحة المعافاة بحوله وقوته. ...................................................................... تنويه هام للقراء: لقد خصصت مساحة مميزة لقرائى الكرام من صفحتى يوم الإثنين من كل إسبوع ,من جريدة المصريون الورقية ,لكل من يريد أن يشارك ويفتح قلبه بنصيحة أو كلمة مفيدة,ليشارك معى بكلمات هادفة, فاليتفضل ويتصل بى ثم يرسلها لى عبر الإيميل المخصص للباب, مرفقة باسمه وصورته الشخصية , لنشرها فى صفحة باب "إفتح قلبك" تحت عنوان فقرة "قلب صديق"...أرحب بمشاركتكم وتواصلكم معى. .............................................................................. تذكرة للقراء: السادة القراء أصحاب المشكلات التى عرضت بالموقع الإلكترونى.. على من يود متابعة مشكلته بجريدة المصريون الورقية كل إثنين ملحق "إفتح قلبك" فسوف تنشر مشكلاتكم تباعاً بها..كما تسعدنا متابعة جميع القراء الأفاضل. ................................................... **لإرسال مشكلتك والتواصل مع الأستاذة/أميمة السيد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. وللرد المباشر للأستاذة أميمة على مشكلاتكم الإجتماعية والأسرية من خلال الهاتف فيمكنكم الإتصال برقم ( 2394) .