معرض أشد الإعراض هذه الأيام عن قراءة صفحات السياسة في صحفنا المصرية.. بشقيها الحكومي واللا حكومي . أسطوانة مكرورة ومشروخة تتكرر في هذا الموسم من كل دورة انتخابية .. وعلي مدار قرابة الخمسين عاما ً.. هي عمر علاقتي بقراءة الصحف.. أقرأ عن نفس الوجوه.. ونفس الاتهامات.. ونفس الموضوعات . ولعلك لو قرأت صحيفة من أيام هيئة التحرير والإتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي لما وجدت كبير فرق بين ما كان يقال ساعتها وما يقال في عصر الحزب الوطني من كلام .. ولا تري جديدا ً في تصرفات الحزب الحاكم علي مدار هذه السنوات الخمسين.. اللهم إلا تغير في أسماء الأشخاص بحسب اختيارات الموت من بينهم . شيء ممل حقا ً.. لماذا نضيع في هذه التمثيلية السخيفة أموالنا ووقتنا وجهدنا.. بل وأحيانا أعمارنا لكي نظل نراوح أماكننا دون أن نحدث جديدا ً .. "نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل " من هنا يأتي العنف والشذوذ في دراسة أجراها مركز بيو الأمريكي للبحوث مع مجلة تايم أشارت إليها صحيفة المصري اليوم .. ذكرت أن 40% من الشعب الأمريكي يعتقدون أن الزواج في طريقه لأن يصبح أمرا ًعفا عليه الزمن . وهو كلام يفسر كيف أن أكثر من 50% من الأطفال هناك أطفال غير شرعيين لا يعرفون لهم أبا ولا عائلة.. وأن أكثرهم تربوا في مؤسسات الرعاية.. أو في الأسر البديلة. ولذلك فإنهم لم يستمتعوا بدفء الأسرة وحنان الأبوين .. فنشأوا فاقدي الانتماء.. شديدي القسوة.. مشاعرهم جافة غليظة . من هنا تجد الشذوذ الخلقي والعنف الأسري والحقد والعنف الشديد مع الآخر. وفي دراسة أخري أجرتها إدارة خدمات مكافحة المخدرات – الصحة العقلية – أن أكثر من 45 مليون أمريكي .. أي حوالي خمس الأمريكيين .. عانوا من أشكال مختلفة من الأمراض العقلية في العام الماضي 2009 .. منهم 11 مليون يعانون من أمراض خطيرة " وذكر التقرير أن الشباب الأمريكي بين 18-25 سجلوا أعلي نسبة بين المصابين بالأمراض العقلية .. أي حوالي 30 % .. وأن حوالي 8 مليون قد فكروا جديا في الانتحار في العام الماضي لأسباب مختلفة هؤلاء هم ذخيرة المستقبل للدولة العظمي الأولي في العالم .. وهم بدايات انهيارها. قمر تايه يا أولاد الحلال أنشأت الحكومة المصرية قمرا ً صناعيا ًللأبحاث بالاشتراك مع أوكرانيا .. حيث قام بتقديم صوره حول منابع النيل والأماكن المناسبة لزراعة الأرز وأشياء أخري علمية ذات شأن.. ثم فجأة اختفي القمر في الفضاء وانقطع الاتصال به وفشلت كل المحاولات للوصول إليه من المصريين والأوكرانيين. الطريف أن الأقمار الفضائية المحملة بالقنوات التلفزيونية التي تملأ فضاءنا بالفن الراقي وغير الراقي لازالت تدور في فضائنا مستقرة في مداراتها. أما أقمار الأبحاث العلمية فإنها تتعرض للتلف والضياع . ودون اتهام لأحد.. هل ثمة كبير فرق بينهما؟ يسمونها إهانة الزوجات والبنات والأبناء في دراسة أجرتها هيئة" care" الأمريكية في إطار مشروع " سلامة وأمان" أجريت علي 30 مجتمعا ً بمحافظات المنيا وأسيوط وسوهاج بصعيد مصر .. ناقشوا أهم مشكلاتهم من وجهة نظرهم.. فكان منها ما سموه " قضية ضرب وإهانة الزوجة والنساء والفتيات والأطفال " حيث ذكروا أنها العامل المشترك الأول في المجتمعات محل الدراسة.. وأن معظم السيدات بالصعيد يعتبرن الضرب والاهانة – هكذا وصفوه – من مفردات الرجولة .. وأنهن يرين أن من حق الرجل تأديب زوجته وعليها طاعته . يبدو أن الملايين التي تنفقها وزيرة الختان علي الدعاية لمشروعها في حماية ما يسمونها المرأة المعنفة من إعلانات علي الحوائط وبرامج متلفزة ودورات توعية وغيرها ضاعت هباء ً.. ولازالت وستظل ثقافة مجتمعنا تقول " َعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" وتقول " علموا أولادكم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر " وتقول " الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء " ولا يعتبرون ذلك اهانة .. وإنما هي الرجولة وحق التأديب.. أو قل واجبة. وياليت أولئك الساكنين في الأبراج العاجية أن يتركوا تلك الأجندات الغربية ويبحثوا عن مشاكل المجتمع الحقيقية .. وينفقوا فيها تلك الأموال المهدرة. عمرو خالد في أول لقاء جماهيري بين الداعية الشهير عمرو خالد ومحبيه منذ سنين في الإسكندرية .. احتشد ما يقارب الخمسة عشر ألفا من الشباب والشيوخ المحبين للدين وانتظروه أكثر من الساعة فوق موعده ليستمتعوا بحديثه ودعوته . كان الرجل يتشوق لكي يدعو في بلده الذي طرد منه منذ سنوات .. ويسعد بلقاء محبيه فيه الذين حرموا منه وحرم منهم .. وكان الناس متعطشون للقائه ودعوته. لم تفلح استنكارات شانئيه أن كانت ندوته في غمرة الحملة الانتخابية وبدعوة من بعض المرشحين حتى اتهموه في هذا الشأن بما اتهموه . ولم تفلح هجمات بعض العلمانيين عليه واتهامه بتسييس تلك الندوة واستخدامها كدعاية للبعض . لم يفلح كل ذلك في أثناء الرجل ولا في صرف محبيه عنه.. واحتشد هذا العدد الكبير في أحسن رد علي كل من تناوله بالهجوم والتشكيك. وما يدريك لعل الله وضع له القبول والمحبة في قلوب الناس علامة علي محبته له – والله حسيبه – أعجبني أن الأستاذ عمرو خالد لم يتردد أو يصاب بالذعر أمام سيل الاتهامات السخيفة والشعارات الجوفاء التي رفعت في وجهه .. ويضيع فرصة العودة إلي وطنه ومحبيه بعد طول اغتراب . وأعجبني أيضا أن المرشح الذي سعي في حل مشكلته ودعاه لندوة الإسكندرية وضع يده علي نبض الشارع وعرف أقرب ما يدخل به إلي قلوبهم.. فذهب إليه ولم يزعجه ما يمكن أن يتهموه به وقد سعي في إعادة من طردوه. قد نتفق أو نختلف مع الداعية الشهير .. لكن لا نملك إلا أن نسعد بعودته إلي وطنه وإلي محبيه .. وإلي دعوته بين أهله وأن ندعو له بالتوفيق والسداد تقرير الحريات الأمريكاني التقرير الأمريكاني الدوري للحريات تحدث طويلا ًعما سماه الأقليات في مصر.. وطالب بمطالب كثيرة لصالحهم من أول تعديل الدستور والقوانين وحتى تعديل المناهج والمقررات الدراسية من أول الحضانة.. وحتى الجامعة. بل وجامعة الأزهر أيضا ً.. رغم أنها جامعة الأغلبية وليست الأقلية.. ورغم هذا التدخل الوقح في الشئون الداخلية للبلاد وخاصة أنه مبني علي أكاذيب لم يسع أحد للتحقق من صحتها إلا أن النصاري بشتى طوائفهم المتطرفة والمعتدلة رحبت به وأيدته. أما عندما طالب التقرير علي استحياء مراقبة دولية للانتخابات – وهو أمر يحدث في كل بلدان العالم حتى أمريكا نفسها دون أن يعتبره أحد تدخلا ًفي شئونه – هاج الإعلام الحكومي وغير الحكومي والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية.. مستنكرا ًالتدخل فيما وصفه بالشأن الداخلي للبلاد.. وأصبح كل من أيد التقرير في دعوته متهما في انتمائه ووطنيته أليس الأمرين في تقرير واحد.. ومطالبهم تدخلا ً واحدا ً.. أم أن هناك خيار وفاقوس؟