كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة المستوى عن مساع أمريكية - مصرية لاحتواء التوتر الذي يحكم العلاقات بين واشنطنوالقاهرة منذ فترة طويلة، والذي كان من أبرز مظاهره عدم قيام الرئيس مبارك بزيارته السنوية إلى الولاياتالمتحدة خلال العامين الأخيرين، في ظل تزايد الخلافات بين الجانبين بشكل غير مسبوق. وأوضحت أن السفير الأمريكي لدى مصر فرانسيس ريتشارد دوني سيجري خلال وجوده في واشنطن مفاوضات جادة مع لجنة مصر بالكونجرس لبحث آليات جديدة لاستئناف المفاوضات بين البلدين حول اتفاقية التجارة الحرة ، والتي توقفت بسبب تحفظ إدارة الرئيس بوش على تراجع مسيرة الإصلاح السياسي وحبس زعيم حزب "الغد" أيمن نور في قضية سياسية بحتة. وكشفت المصادر عن أن دوني سيركز على نزع فتيل التوتر في العلاقات بسبب تعارض سياسات البلدين حول ملفات العراق وفلسطين وقضايا الإصلاح ودور مؤسسات المجتمع المدني، خصوصًا أن هناك دوائر في الإدارة الأمريكية ترى أن استمرار الضغوط على النظام المصري لا يخدم مصالح واشنطن ، وقد يدفع بتيارات إسلامية كجماعة "الإخوان المسلمين" إلى سدة السلطة. ولفتت إلى أن وجهة النظر هذه تبلورت داخل إدارة بوش بعد الانتصار الكاسح الذي حققته "حركة المقاومة الإسلامية" (حماس) في الانتخابات الفلسطينية ، وتبنيها نهجًا متشددًا تجاه إسرائيل ومرجعيات عملية السلام. ونفت وجود علاقة بين استئناف المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين وقضية الإصلاح السياسي وحبس الدكتور أيمن نور، مشيرة إلى أن واشنطن لن تضحي بعلاقاتها الاستراتيجية مع مصر من أجل هذين الملفين ، وبخاصة في ظل التطورات الأخيرة التي أكدت أهمية الدور المصري المحوري في المنطقة. ورجحت المصادر أن تشهد علاقات البلدين في المرحلة القادمة تطورًا كبيرًا، مدللة على ذلك باستقبال الإدارة الأمريكية لجمال مبارك رئيس لجنة السياسات بالحزب الوطني ولقائه مع كبار مسئولي الإدارة، وهو الأمر الذي قابله النظام بارتياح بالغ واعتبره ضوءًا أخضر لتمرير ملف التوريث، وخاصة عقب حديث بعض مسئولي الإدارة الأمريكية عن استعداد الرئيس بوش لاستقبال الرئيس مبارك في أي وقت يحدد بالاتفاق بين الجانبين. وأشارت إلى وجود ارتياح أمريكي لموقف مصر من حركة "حماس" والضغوط التي تمارسها عليها لإجبارها على الاعتراف بإسرائيل والقبول بمرجعيات عملية السلام. من جانبه، أكد الدكتور حسن بكر أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط أن واشنطن لم تعد تكترث بقضايا الإصلاح الذي سيصل بقوى معادية لها إلى سدة الحكم ، مرجحا إمكانية استئناف مفاوضات التجارة الحرة بين البلدين خلال المرحلة القادمة كمكافأة من إدارة بوش على بعض المواقف التي تبنتها القاهرة في الفترة الأخيرة ، وخصوصا ضد حركة "حماس" وتأمين المصالح الأمريكية بالمنطقة. واعتبر أن واشنطن بدأت مكافأة النظام باستقبال جمال مبارك وتوجيه انتقادات حادة لجماعة "الإخوان المسلمين"، متوقعًا استمرار المكافآت من هذا النوع خلال المرحلة القادمة. من جانبه، توقع السفير عبد الله الأشعل الدبلوماسي والمحلل السياسي أن يكون العام الجاري هو العام الذي يسعى فيه النظام لتمرير سيناريو التوريث ، وذلك عبر خطب ود الأمريكيين وانتزاع موافقتهم على هذا السيناريو، ومن ثم فإن تطبيع العلاقات بين الجانبين صار أمرًا ضروريًا، على حد قوله. واعتبر الحديث عن استئناف المفاوضات حول اتفاقية التجارة الحرة والموافقة على سيناريو التوريث أمرًا طبيعيًا بعد كل التنازلات التي قدمها النظام المصري.