وصلتني هذه الرسالة أو المقالة من مهندس ري "عادل عبد المقصود" يقول فيها : رغم انشغالنا بأمور غاية في الخطورة والأهمية من قضايا الوطن ومشاكله التي لا تنتهي .. بدءاً من صحة الرئيس .. أو حياته أصلاً .. ومدى قدرته على القيام بأعباء مسؤولياته .. وانتهاءاً بكاميليا الشاهدة الآن على ضعف المسلمين .. الذين لم يعد لهم وزن ولا صوت .. أضيف إليكم هماً أعظم من كل الهموم .. أيها الإخوة .. أحد أبشع الأخطاء التي ارتكبت في العصر الحديث هي تفريط مصر في السودان .. وليس بأيدينا البكاء عليها يومئذ أو فعل شيئاً حيال ذلك .. ولكننا الآن أمام ما هو أبشع من ذلك .. هو التفريط في وحدة السودان والمساهمة في تقسيمه .. أو إظهار الرضا بتقسيمه .. والذي نراه في المستقبل القريب الذي يهددنا في مصر هو حبس المياه .. في بلد يدين بحياته لهذا النهر العظيم الذي يشق آلاف الكيلومترات ليصل إلينا – ولله الحمد ربنا من قبل ومن بعد.. أحذركم من الآن .. الآثار المترتبة على فصل جنوب السودان .. - تقوية فكرة إعادة تقسيم المياه .. واقتطاع جزء من حصة مياه نهر النيل .. هذه هي الرؤية المتفائلة .. - أما الرؤية الواقعية فعليكم أن تنظروا في الأنهار التي تخترق عدة دول .. مثال.. نهر الفرات الذي انحسرت منه المياه .. فصار ترعة بعد أن كان نهراً.. وفقدت العراق نهرها بعدما قامت تركيا وسوريا باستخدام مياه النهر دونما رعاية لأحد بعدهم .. وهم دول إسلامية ولكنها لن تترك قطرة تمر إلى العراق إلا إن كانت فائضة عنهما .. فأقاموا السدود والحواجز لتوليد الكهرباء وري المزارع .. وفي النهاية ما يفيض عن حاجتهما في سوريا وتركيا يذهب إلى العراق.. وكذلك راجعوا قصة كشمير المسلمة التي تنبع منها أنهار الهند .. وكيف تتمسك الهند بها حتى الآن رغم تكاليف احتلالها وما تبعه من حروب حتى الآن.. إن الهند لن تسمح لدولة مثل باكستان (وهي دولة عدوة أو غير صديقة على الأقل) بأن تملك منابع أحد أنهارها ، لما يتبع ذلك من آثار سلبية على الهند تختصر في خضوعها للمزاج الباكستاني في أمر هو عين الحياة (الماء). - نتيجة اللعب في منابع النيل ، وما يقوم به الأحباش من إقامة للسدود ، ثم ما يتبعه من إنفصال لجنوب السودان – إن تم - تقوية لجبهة دول المنابع على جبهة دول المصب (مصر والسودان).. - حرية دول المنابع في توجيه المياه وبيعها للغير .. إسرائيل أو ليبيا مثلاً .. انخفاض حصة مصر في المياه يعني هبوط قدرة سدودها على توليد الطاقة الكهربائية . انخفاض حصة مصر في المياه يعني تقلص رقعتها الزراعية التي لا تزيد عن (5) ملايين فدان تآكل كثير منها في الواد الضيق .. الكمية الواردة من المياه الآن لا تكاد تكفي احتياجات مصر المتزايدة من المياه.. فكيف بتخفيضها أو تقليصها أو التحكم فيها من دول المنابع .. فيمررون أو يمنعون عنا ما يريدون.. في ظل الوضع الحالي فإن مصر أكبر مستورد للقمح في العالم.. فماذا نتوقع لو حدث أي تلاعب في مسألة المياه .. كان عندنا درس عملي اسمه أزمة الخبز.. تلك التي قتل فيها أكثر من عشرين قتيلاً في أقل من أسبوع.. بدون أي شك (المجاعة ستكون مستقبل الملايين الذين يقطنون ضفاف هذا النهر عندما تنضب مياهه) إن حاجة مصر للمياه يجب أن تطغى على كل حاجة لليهود والأمريكان في جنوب السودان أو أثيوبيا أو غيرها من منابع النيل . إن حاجة مصر للمياه أعظم من حاجة السودان إلى النفط أو إلى الذهب ، وتأمين احتياجاتها من المياه لا ينبغي أن نفكر في شيئٍ غيره.. إنها حياتنا .. وحياة أبنائنا .. ومستقبلهم .. ونحن الآن أمام اختبار حقيقي .. الأمريكان يتعجلون تقسيم الجنوب ، ويستعجلون الاستفتاء - رغم أنهم صبورون جداً في مثل هذا النوع من القضايا – ولكنهم يستغلون الفرصة التي لن تتكرر.. مرض الرئيس مبارك وانشغال مصر بأمرها .. صدقوني فإن لم تتحركوا وتنقذوا وحدة السودان ، فسيأتي اليوم الذي تقولون فيه (كان فيه نهرٌ يمشى من هنا.. فانتبهوا) عادل عبد المقصود مهندس ري تنتهت الرسالة [email protected]