الكابوس!!

قل ما شئت عن استحالة عودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى الحكم.. فهو لن يعود.. ولكن هذا لا يعني أنه حتى اللحظة الرئيس الشرعي المنتخب.وهذه هي المعضلة!! فما هو الحل إذن؟!
المشهد المصري شديد الغرابة، وبات أكبر بكثير من قدرة أي قوة أو تيار أو مؤسسة على احتوائه.. فضلا عن غياب "الإبداع السياسي" في البحث عن مخرج من الأزمة، فكلا الطرفين يتمسك بموقفه ويتشدد فيه.
ويكفي ما حدث يوم الإثنين 4 نوفمبر 2013 وكما تم تسريبه بأن مرسي أصدر قرارا جمهوريا بعزل وزير الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، لنمسي في دولة رئيسها "معزول" ووزير دفاعها "معزول" أيضا.. فماذا يفعل العالم مع مثل هذا المشهد السياسي الهزلي؟!
وبطبيعة الحال، سيظل مرسي عبئا كبيرا على "شرعية" من سيأتي بعده.. وعلى كل المؤسسات والأطر التي تأسست بموجب قرارات 3 يوليو الشهيرة.. من الناحيتين القانونية والدستورية.. ولا أدري ما إذا كانت المؤسسة العسكرية التي قدمت نفسها ك"ضامن" لما سمته "خريطة المستقبل".. تبحث عن مخرج أم أنها اكتفت بالإطاحة بمرسي بوصفه حلا وحيدا مضمون النتائج.
في تقديري أن مرحلة ما بعد عزل مرسي، كانت حبلى بالمفاجآت التي لم ترد على ذهن الجيش ومؤسساته الأمنية، ويبدو أن النموذج الناصري، في ستينيات القرن الماضي، كان حاضرا فهلا كمصدر إلهام .. وغاب عن صاحب قرار العزل، أن ثمة فوارق جوهرية بين علاقة عبد الناصر بالإخوان، بعد الإطاحة بالملك فاروق، وبين علاقة السيسي بالجماعة بعد الإطاحة بمرسي، وعلى خلفية دولية وإقليمية مختلفة أيضا تماما.
فاروق كان يحكم بشرعية "التوريث".. ومرسي كان في الحكم بالشرعية الديمقراطية الصريحة.. في الأولى كانت الجماعة في صراع على سلطة أيا كان وصفها كانت "مغتصبة" بانقلاب عسكري "يوليو 53".. وأما الآن فإن الجماعة تطالب بحقها في سلطة شرعية جاءت بالانتخابات الحرة والنزيهة.. ناهيك عن وضع دولي لم يعد يقبل بالانقلابات العسكرية على الرؤساء المنتخبين ديمقراطيا.
القسمة الموجودة الآن في مصر، هي وجود الرئيس المنتخب في السجن.. وسلطة جديدة غير منتخبة ومعينة من قبل الجيش في الحكم.. والدولة متوقفة تماما بسبب هذه القسمة الغريبة .. وأعرف أن صناع 3 يوليو، كانوا يتوقعون أن "العزل" حل نهائي وبسيط وميسور، غير أن المفاجآت أصابت العقل السياسي بالشلل ما ترك فراغا تمددت فيه الأجهزة الأمنية.. وبات الكل ينتظر "معجزة" تنقذ البلاد والعباد من هذا الكابوس غير المتوقع.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.