اعتبر الإخوان، طلب الفريق السيسي تفويضًا من الشعب، لمواجهة "الإرهاب".. تحويلًا ل "الخلاف السياسي" إلى "حرب أهلية". لا يهمني في هذا السياق الادعاء بأنها دعوة ل"الاقتتال الداخلي".. فالسيسي دعا إلى "التظاهر" السلمي في الميادين.. وليس إلى حمل السلاح، إلا إذا اعتبرها الإخوان، طلبًا يستدعي منهم مواجهته بالخرطوش والكلاشينكوف.. ما يهمني هو رؤية الجماعة، التي تعتقد أن عزل د. مرسي "خلاف سياسي"!. هذه الرؤية هي تبسيط مخل وساذج للعملية السياسية الكبيرة التي أعقبت 30 يونيه.. ولعل هذا التوصيف هو ما حمل الجماعة، على أن تكون في مطالبها أقل بكثير من الوعي بجلال الحدث ووزنه وتداعياته الكبيرة على خريطة المشهد السياسي في المرحلة اللاحقة عليه. لم تدرك الجماعة أن عزل مرسي ليس خلافًا سياسيًا، وإنما تفكيك نظام سياسي قائم، وتغيره بنظام جديد، وبمعنى آخر، فإن ما يحدث الآن هو صراع بين نظامين: "بائد" و"صاعد" وهو صراع وجود.. وليس خلافًا سياسيًا. هذا التصور الطفولي لحقيقة التغيرات السياسية الكبيرة الجارية الآن في مصر، هو الذي جعل الجماعة لا تدرك خطورة شرطها الأساسي لفض الميادين، المتعلق بعودة الرئيس السابق. ولا أدري ما إذا كانت الجماعة تدرك حجم التغيير الذي حدث، أم أنها تتجاهله، وتتبنى خطاب الغيبوبة، ليظل العقل الإسلامي المتعاطف معها، مستلبًا ومغيبًا، وتحت وصاية منصة رابعة التي تعتمد منطق الشوشرة على العقل. المدهش أيضًا، أن المبادرة التي تقدمت بها نخبة من المثقفين والكتاب والباحثين يوم أمس 25/7/2013، عززت من تلك الغيبوبة.. خاصة وأن غالبية الموقعين عليها باستثناء المستشار طارق البشري هي من النخبة الإخوانية أو المتأخونة، أو من الذين راهنوا على بقاء الحكم الإخواني، ولم يتوقعوا هزيمته السريعة والخاطفة على هذا النحو الذي رأيناه يومي 30 يونيه و3يوليو. المبادرة.. تبنت المطلب الإخواني المستحيل عودة د. مرسي ولتعكس وعيًا لا يعبأ بخطورة عودة الرئيس السابق إلى الحكم.. سواء على مستقبل قادة الجيش أو على استقرار بلد مترع بكراهية الإخوان.. وعلى دولة باتت مؤسساتها على علاقة عداء مع الجماعة من جهة ومع رئيسها المعزول من جهة أخرى. ويبدو لي أن التكلس تحت مستوى إدراك حجم قرارات 3 يوليو.. وغياب الأفكار الجادة التي تساعد الجماعة على التواضع والهدوء والاحتكام إلى لغة العقل.. والنزول عند الحقائق الجديدة على الأرض. سيفضي حتمًا إلى عمليات أمنية كبيرة، وقرارات سيادية أكبر وأخطر قد تنهي المستقبل السياسي والتنظيمي للجماعة في مصر.. ويخضعها للقانون وحده وليس إلى تلك "الحرية العرفية" المتوارثة من عصري السادات ومبارك. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.