حتى الآن، لم يسمع شباب الإخوان، والإسلاميون الآخرون، المعتصمون في ميدان "رابعة العدوية" ما يطمئنهم. ليس صحيحًا أنهم يتلقون المعلومات والأخبار من المنصة الموجودة في الميدان، فهم يطالعون الصحف يوميًا، والمواقع الإخبارية على الإنترنت.. وبمعنى آخر، فإن الكلام عن عزلتهم داخل الميدان، هو كلام تحايلي، يبرر تركهم فريسة للقلق والهواجس والخوف على حرياتهم ومستقبلهم. كما هو معروف، فإن خبرة الإسلاميين مع الأنظمة المتعاقبة، كلها مترعة بالمرارات، ولا يوجد تيار سياسي في مصر، تعرض للأذى وللمحن الكبيرة، مثلما تعرضت له القوى الوطنية الإسلامية. ينبغي أن نتذكر بأن خلاف الإخوان مع عبد الناصر، ومع السادات ومبارك من بعده، سددت الجماعة فاتورته سجنًا وتعذيبًا واعتقالاً وحرمانًا من حقوقهم المدنية والسياسية، فمن أين تأتي الثقة في النظام الجديد، الذي ورث الإسلامي محمد مرسي في قصور السلطة؟! ولذا يظل "الهاجس الأمني" هو الأكثر هيمنة على تساؤلات الإسلاميين، في مرحلة ما بعد مرسي.. فالغالبية منهم يعتقدون بأن مصيرهم سيكون السجن، حال ترك الحكام الجدد يهنئون بالسلطة التي آلت إليهم يوم 3/7/2013. عوام الجماعة، وحلفاؤها من الإسلاميين البسطاء، يحتاجون إلى رسائل طمأنة حقيقية وليست "تسكينية" تلقى عليهم من الجو، وهم تحت الحصار الإعلامي والقصف الليلي المتواصل، بالشتائم والتي بلغت النيل من الأعراض، واتهام نسائها بممارسة ما يسمى ب"جهاد النكاح". الجيش وعد بعدم إقصاء أحد، وأن الكل شركاء في صنع المستقبل، ومؤسسة الرئاسة قالت إنها عرضت على شباب الإخوان حقائب وزارية.. وهو كلام جيد يتجه صوب التهدئة.. غير أنه ليس كافيًا، لأن هناك "رسائل" أخرى تلقاها شباب الجماعة، بوصفها مقدمة لمحنة جديدة، تشبه محنة 54.. وأن مصيرهم ليس "الشراكة" في الحكم.. وإنما تمضية ما تبقى من عمر خلف القضبان. في تقديري أن عددًا من الملفات تحتاج إلى مراجعة عاجلة، حال شئنا إجراء مصالحة وطنية جادة على رأسها ملف الرئيس السابق، وملف المعتقلين من قيادات الجماعة، وأموالهم المجمدة.. وتسوية ملف ضحايا دار الحرس الجمهورية.. وهي في مجملها، تمثل عصب أي حوار وطني يستهدف طي مرارات ما قبل وما بعد 30 يونيه.. والدخول في شراكة وطنية تنهي عصور الإقصاء والتهميش.. والتعامل مع الإسلاميين باحترام بوصفهم "شركاء" وليسوا "مشكلة" ينبغي التخلص منهم بعزلهم في الميادين أو بإيداعهم المعتقلات والسجون. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.