لقد فشل الصندوق، في تأسيس شرعية يقبلها الجميع، ونرى الشعب منقسمًا على تلك الشرعية الممهورة بخاتم "الديمقراطية" في واحدة من الدروس السياسية التي تدعو إلى مراجعة "المسلمات" و"الأبقار المقدسة" و"الوثنية السياسية" التي تقوم على منطق "السمع والطاعة" ل"وحدانية الصندوق" والإيمان بأنه لا يشاركه في "حكمه" شروط أخرى قاهرة عليه وعلى إرادة الناخبين كذلك. لقد جاء الرئيس مرسي بالانتخابات، ولكنها لم تكن فيما يبدو كافية، لأنه والإخوان لم ينتبها إلى أن الفوز في الانتخابات، لا يعني التوحش والتغول وإقصاء الآخرين. الآن يتحدث الإخوان، على ضرورة اتباع الأدوات الشرعية لتغيير نظام الحكم الحالي، وفي عقل الجماعة أن ما حصلوا عليه بالصندوق، يمنحهم الحق في تلوين الدولة باللون الإخواني وحده لا شريك له. لم تدرك الجماعة، بأنها تسن سنة سيئة ستسدد فاتورتها لاحقًا، حال تم إقصاؤهم بذات الأداة التي أقصت مبارك وحزبه.. أو بالصندوق.. إذ ستكون القوى السياسية والحال كذلك أمام سؤال التسوية: ماذا سنفعل في الإخوان؟! بالتأكيد ستطرح حلول "متطرفة" تقترح إحالة الجماعة إلى مخازن "كراكيب" النظام السابق، وهو الحل الكارثي أيضًا، الذي يعيد إنتاج ذات الخطأ الإخواني، الذي لم يمنحهم فرصة الفرحة والسعادة بالسلطة.. ويعيد "الفائز" الجديد، إلى ذات محنة الإخوان الحالية مع الدولة ومع القوى السياسية الأخرى. اليوم الأول من يوليو، وقد يبقى الإخوان في السلطة، وقد يرحلون، هذه مسألة متروكة لمآلات اليوم وما بعده.. ولكن ماذا سيفُعل في الجماعة، حال وجدوا أنفسهم خارج السلطة؟! الإخوان جماعة كبيرة، وجزء من التيار الوطني العام، صحيح أن خبرة القوى الوطنية معها، قد تجعلها جماعة سياسية غير موثوق بها، إلا أنه لا يمكن بحال تجاهلها، أو التعاطي معها بوصفها عدوًا.. ولا يمكن إقصاؤها، من أية تسوية سياسية بما فيها طريقة إدارة البلاد لاحقًا، أيًا كان الفصيل الذي ورث الجماعة في قصور السلطة. خطأ الإخوان حاليًا، هو "التعبد" بالصندوق، واتخاذه "وثنًا" ليتقربوا به زلفى إلى السلطة، فلم يسعفها الصنودق أو يغيثها من محنتها السياسية الحالية، وباتت تبحث عن بديله عبر "لعبة الشوارع".. وهو الخيار الذي عزز من "مزاعم " المعارضة، بأن شرعية "الصندوق" انتهت.. وعلى الرئيس عرض نفسه مجددًا على الشارع. المشهد الآن من الطرفين: الجماعة والمعارضة، يقول: بيننا وبينكم الشوارع!.. وهو ليس إعلانًا لموت الشرعية التي خرج الإخوان للدفاع عنها، وإنما يدعو إلى مراجعة خرافة الدين الجديد القائم على "عبادة الصندوق" وحده.. لأن في مصر أمورًا أخرى إذا تجاهلتها السلطة، تجعل الشرعية في قبضة الريح وليس في قبضة الرئيس الفائز. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.