يقول الإخوان إن مشكلتهم مع "السيسي" وحده.. وليس الجيش!.. ولذا يبالغون في شتيمته وفي فبركة الأخبار المسيئة له ولأسرته! لن أتحدث هنا عن "حمق" هذا المنحى غير المسئول، لقد كتب الإخوان على حوائط المنشآت القريبة من ميدان العباسية العبارات المهينة للقائد العام للقوات المسلحة، ومن بينها "الذبح للسيسي".. وكأنه قائد جيش العدو الإسرائيلي، وليس أرفع مسئول في الجيش الوطني المصري! لا تعرف الجماعة، أن هذا المنحى لن يمر، سواء أصروا على التصعيد، أو مالوا إلى التهدئة، لأن الجيش "يغلي" الآن، من هذه الشتائم، ومن حملات الكراهية ضده وضد قادته، التي ينظمها إخوان الداخل، بالتزامن مع إخوان الخارج في عدد من الدول العربية والغربية. المشكلة التي يبدو أنها غابت عن الجماعة، أن مشكلتهم ليست مع "السيسي" أو مع الجيش.. وإنما مع كل مؤسسات الدولة، مع الجيش والداخلية والقضاء والأزهر والكنيسة والإعلام والصحافة.. ومع الملايين التي خرجت إلى الشوارع يوم 30 يونيه 2013، مطالبة بإسقاط د.مرسي. والإخوان كنظام حكم أو كجماعة على نحو ما بينّا، باتت في خصومه مع "الدولة" ذاتها.. ولعل ذلك ما جعل مرجعيات إسلامية مرموقة تتساءل: إذا عاد مرسي افتراضًا فعلى من سيمارس سلطته.. وكل أدواته ضده ولا تريده وتعمل على عزله وخروجه من السلطة؟! عودة د.مرسي مستحيلة، بغض النظر عن التوصيف القانوني لقرارات 3/7/2013.. وما يطالب به الإخوان مثل من يضرب رأسه في حائط صلد، دون أن ينال منه شيئًا. لا تريد الجماعة أن تعترف بأن مشكلتها أوسع وأكبر وأعمق بكثير مما تعتقد بأنها حصريًا مع الجيش.. قادتها يتعمدون أن يظل العقل الإسلامي المتعاطف معهم، مستلبًا ورهن الأساطير المؤسسة ل"دولة الخلافة" التي ضاعت بحسب ما يعتقدون مع ضياع سلطان الجماعة. هذه "الغيبوبة" تحتاج إلى مصارحة جادة ولا تجامل أحدًا، ولا تدغدغ مشاعر البسطاء والطيبين، الذين ينتظرون "مدد السماء" و"نزول الملائكة" على من في "رابعة" والمرابطين على "الثغور" في الشوارع والميادين، انتظارًا لعودة "الزعيم"، الذي بعودته تُملأ الأرض عدلاً وإنصافًا.. بعد أن مُلئت بعزله ظلمًا وجورًا. بصراحة شديدة، الجماعة مشكلتها ليست في عودة مرسي.. وإنما في عودة الوعي بأنها في قبضة قيادة مسنة وعجوزة، ضيعت حلم 80 عامًا في ثلاثة أيام فقط.. ولا يجوز مكافأتها.. وإنما محاسبتها.. والتعلم من تجربة تركيا في مرحلة ما بعد الانقلاب على "أربكان".. وهي مسئولية شباب الإخوان الواعد، الأكثر وعيًا وإدراكًا بمعنى "الدولة" و"الحداثة السياسية".. مستقبل الجماعة كله بات مرهونًا على قدرة "الجيل الجديد" على مصارحة شيوخ الحركة وتحديها وهز عروشها.. والعودة بالجماعة "المختطفة" إلى محاضن الوطن.. والباب رغم مرارة التجربة لم يغلق بعد. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.