الجيش يوم أمس، أمهل الجميع: سلطة ومعارضة 48 ساعة، المهلة كانت موجهة للرئيس مرسي تحديدًا، لأنه بيده السلطة وأدوات الدولة، ومن المفترض أن يكون الحل في يده وليس في يد خصومه. ويبدو أن تجديد المهلة ليومين، جاءت من قبيل قطع الألسنة التي ستزايد، وتعتبر تدخل الجيش انقلابًا.. فالرئيس مُنح الفرصة مرتين، في الأولى ظل على حاله ولم يقدم أية رؤية لحل الأزمة، إلى أن صُدم بالحشود المليونية غير المسبوقة في أنحاء البلاد، تطالب برحيله. بل إن الجيش كان كريمًا هذه المرة مع الرئيس، إذ منحه فرصة أخيرة، فيما لم يقابل إلا بالتهديد والوعيد.. والتلويح بعصا الجماعات الدينية المؤيدة له، وبأنها لن تسمح بما وصفته "الانقلاب" على "الشرعية". الرئيس والجماعة والمؤيدون لم يقدموا شيئًا يبعث على التفاؤل، بل اتجهوا صوب تحدي المؤسسة العسكرية، وحذروها من المس بالشرعية "المتوهمة"! المشكلة أن الجماعة لم تفهم وتعي جيدًا، التصريحات التي أدلى بها فجأة، اللواء حسين كمال، مدير مكتب رئيس المخابرات الأسبق، حين قال إن تدخل الجيش بدون نزول الناس إلى الشارع، سيكون انقلابًا على الشرعية.. وهي الرسالة التي كانت تريد تنبيه الجميع بأن تحرك الجيش، تحت غطاء شعبي غير مسبوق، كما حدث يومي 30 يونيه والأول من يوليو، لا يمكن بحال وصفه بالانقلاب على الشرعية.. لأن الأخيرة التي جاءت ب"الصندوق"، ألغيت فعلاً ب"شرعية ثورية" حقيقية جديدة، لأن ما يجرى الآن ليس "موجة ثانية" من انتفاضة 25 يناير، وإنما هي ثورة شعبية فاقت الأخيرة، ويمكن أن توصف بدقة بأنها ثورة 30 يونيه.. للتمييز بينها وبين الثورة التي أطاحت بمبارك يوم 11 فبراير عام 2011. الأزمة بينت أنه ليس لدى الرئيس، والجماعة، أية حلول تعيد إحياء التوافق المفقود، فلا حل لديها إلا حشد أنصارها، والإصرار على الصدام وليس السلام، ما يعني أن الجيش، على بعد ساعات قليلة من قصور السلطة، وأن مرسي سيرغم على ترك السلطة، حقنًا للدماء.. فلا حل آخر، خاصة أن القوى الوطنية، لن تلقي له بحبل النجاة، بقبولها الحوار معه.. بل ربما تتشدد أكثر من ذي قبل، إزاء أية مبادرة تتقدم بها مؤسسة الرئاسة، بعد أن بات عزله قاب قوسين أو أدنى، وهي الغاية التي تحركت المليونيات من أجلها من جهة، وتعتبر انتصارًا للمعارضة من جهة أخرى. النهاية باتت معروفة، فقد تطوى صفحة تجربة الإخوان في الحكم، ولكن ماذا ينبغي أن تفعله المعارضة "المنتصرة"؟! عليها من الآن تحديد مدونة وطنية واضحة ومقبولة ولا تقصي أحدًا، تتقدم بها إلى "الجنرال" الجديد الذي يتولى إدارة المرحلة الانتقالية، ولتعلم أن هذه المرة، فإن سياسات الدلع والطبطبة انتهت إلى غير رجعة.. وأن تدليل النخبة التي شاركت في هزيمة ثورة يناير لن تعود مرة أخرى.. فلن يتسامح معها الشعب من جهة، لن تتساهل معها المؤسسة العسكرية من جهة أخرى.. فالبلد على وشك الانهيار، ولم تعد تتحمل "المياصة" السياسية التي كانت عليها النخبة على مدى العامين الماضيين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.