يبدو أن قرار محاكمة مرسي، جاء على عجل، وربما كما قلت في مقال سابق أستند إلى "السهولة" التي تمت بها محاكمة مبارك.. واستجابة الأخير لها بوصفه "متهما". القرار كان "كارثيا".. ولم تتبين كارثيته، لأسباب تتعلق ب"الكسل" في تقديم دراسة وافية ورصينة تناقش "تداعيات" المحاكمة، واختبارها.. وهو ما لم يحدث، في حين لا يستطيع صاحب القرار التراجع عنها، وتحمل التكلفة السياسية، لتعليقها إلى أجل غير مسمى. في القفص.. كان أول ظهور "علني" للرئيس السابق، محررا من قيود الحبس والعزل وشروطه.. وكانت المشكلة التي أرقت خصومه، هي بماذا سيتحدث؟! في تقديري أنه ليس لدى مرسي "أسرار" .. ولكن بالتأكيد يمتلك الكثير من "المفاجآت" التي تخشاها المؤسستان العسكرية والأمنية. ربما لا يقلق السياسيون الحلفاء للجيش، من ظهور مرسي في المحكمة.. لأن مفاجأته بالنسبة لهم ليست مؤثرة.. فمشكلته ليست معهم، لأنهم "نتاج" الإطاحة به بالقوة الخشنة.. وأن الأخيرة هي مشكلته الحقيقية.. وهو بالتأكيد أكبر مشكلة وتحد لها أيضا. الفريق عبد الفتاح السيسي يمتلك "القوة".. والدكتور محمد مرسي في نظر العالم يمتلك "الشرعية" ولا يزال حتى اللحظة بالنسبة لهم "الرئيس" المنتخب. هذا الفارق بين ما يملكه الأول "القوة" وما يمتلكه الثاني "الشرعية" .. هو أصل المشكلة التي نستند إليها في الاعتقاد بأن قرار المحاكمة كان "خطأ" تكتيكيا قد يفضى إلى إرباك مؤسسات القوة، ووضعها في موقف بالغ الصعوبة في التعاطي مع المجتمع الدولي. ولعل أخطر الأسئلة الكاشفة في هذا السياق، هو ماذا سيحدث.. حال أعلن مرسي، من داخل القفص وعلانية وكما نقلت لنا بعض المصادر يوم أمس قرار عزل وزير الدفاع وجنرالات القيادة العامة والمجلس العسكري.. وقرر في وقت ذاته إقالة وزير الداخلية؟!. قد يبدو هذا القرار حال حدوثه في نظر البعض عبثيا أو مضحكا.. ولكنه أمام العالم الذي لا غنى للطبقة السياسية الحاكمة الآن، عن التعامل معه وتحتاج مساعداته لها واعترافه بها.. سيكون محل نقاش وجدل وقد يربك القادة الغربيين ويعيق جهودهم الرامية إلى مساعدة مصر في الخروج من أزماتها الانتقالية الطاحنة. مرسي خلافا عن قطاع كبير من الرأي العام في مصر لا يزال في نظر الغرب، الرئيس الشرعي المنتخب.. وبالتالي فإن أية قرار سيصدره حتى وهو في القفص سيكون "شرعيا" وملزما للمجتمع الدولي.. فكيف سيكون موقف العواصمالغربية من القادة العسكريين والأمنيين الذين أقالهم الرئيس "الشرعي"؟! أعرف أن "القوة" هي التي تفرض نفسها على الأرض.. ولكن هذا يحدث عندنا فقط.. أما الغرب وعلى أقل تقدير أمام شعوبه ومؤسساته السياسية والحزبية سيكون في موقف أخلاقي وقانوني بالغ الحرج .. فإلى أي الخيارين سينحاز إلى السلطة المستندة إلى "السلاح" أم إلى النظام القائم على الشرعية الديمقراطية؟!. هذا هو جوهر الأزمة.. محاكمة مرسي ستربك العالم كله وليس مصر وحدها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.