هل السلطة الانتقالية "سعيدة" بمحاكمة الرئيس المعزول ؟!.. لا أظن!.. فإحالة مرسي إلى المحاكمة استند إلى "السهولة" التي أحيل بها مبارك إلى المحاكمة أيضا. ومع ذلك ظل مبارك، ولعدة أشهر "عبئا" على المجلس العسكري الذي حكم البلاد بعد يوم التنحي في 11 فبراير 2012.. إذ ظل الرئيس الأسبق يرفل في "نعيم" نسبي، بدعوى مرضه، بل إنه لم يحال إلى المحاكمة إلا تحت ضغط الشوارع والميادين.. ولولا ذلك لظل في منتجعه السياحي ب"شرم الشيخ" حرا طليقا وإلى الآن. غير أن ثمة فارقا كبيرا وجوهريا بين مبارك ومرسي: فالأول كان مغتصبا للسلطة.. ويمهد لتوريث الحكم لنجله جمال.. والثاني رئيس منتخب.. كما أن الأول أطاحت به ثورة شعبية ظلت في الشوارع 18 يوما.. وقدمت أكثر من ألف شهيد خلافا عن المصابين والمفقودين.. والثاني أطاح به الجيش في 3 يوليو بعد احتجاجات مليونية يوم 30 يونيو.. هو الحدث المختلف علي شرعيته حتى الآن.. على أساس أن مظاهرات 30 يونيو كانت تطالب بانتخابات رئاسية مبكرة، وليس تدخل الجيش. هذه فوارق قانونية ودستورية وسياسية مهمة، غير أن ثمة تطابق من حيث التهم التي حوكم بسببها مبارك، ويحاكم الآن لذات السبب مرسي، وهي تهمة قتل المتظاهرين.وهي "تهمة" قد تفتح أبوابا من الشر على أطراف أخرى يمكن أن تكون موضع اتهام لذات السبب، إذ قتل أكثر من 250 متظاهر في عهد المشير طنطاوي.. وأكثر من ألف متظاهر في عهد السلطة الانتقالية الحالية.. هو الملف الذي يسبب حرجا بالغا لمن تعاقبوا على حكم مصر منذ الإطاحة بمبارك في فبراير عام 2012.. فضلا عن الضحايا الذين سقطوا برصاص شرطة مرسي والإخوان الذين تجاوزوا 120 شهيدا. الكل ينتظر: ماذا سيقول مرسي؟!.. وهو السؤال الذي يخفي، ضميرا لا يزال يعتقد بأن المحاكمة، قد تلقي بمفاجئات في وجه الجميع.. وتضيف إلى رصيد الرئيس المعزول، إذ تظل "شرعيته" المنتزعة بالقوة الخشنة، أخطر وثيقة قد تفسد على معارضيه فرحتهم بوجوده خلف القضبان.. وعلينا أن نتخيل "شكل" منصة القضاء، حال سألهم مرسي: من أنتم؟!.. فأنا الرئيس المنتخب!محاكمة مرسي إذن وبالشكل الذي ترسمه سياسات من جاءوا إلى السلطة من بعده، ستظل عصية وبالغة الصعوبة.. إذا فشلت جهود السلطة الانتقالية في إقناع المجتمع الدولي ب"شرعية" عزله يوم 3 يوليو.. وهو أصعب اختبار وتحد لها.. وربما تتعثر في اجتيازه.. فالخطاب كما يقول المثل يظهر من عنوانه.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.