يعتقد المصريون داخل دوائر التأثير طبقة سياسية حاكمة ونخب إعلامية وثقافية بأن العقل الغربي"الرسمي" أي ذلك العقل الذي يراقب ويجمع المعلومات ويحلل المحتوى ويصنع القرارات، لا يزال عند مستوى وقناعات ما قبل ثورة يناير 2011. لم يع العرب والمصريون خاصة، بأن "يناير" كان منعطفا فارقا في قناعات دوائر صنع القرار في العواصمالغربية.. وأن ما قبله كان شيئا، وما بعده بات شيئا آخر. من المدهش أن يخاطب المسئولون العرب العالم حتى الآن بذات الخطاب الذي كان يستخدمه بن على في تونس ومبارك في مصر، خاصة فيما يتعلق بالإسلاميين. هذه الطريقة على سبيل المثال هي أصل مشكلة النظام المصري الجديد مع العالم، فهو يتحدث إلى الأخير مستدعيا من أضابير مبارك، ذات الفزاعة التي تتحدث عن "العفريت" الإسلامي.. وأنه ليس خطرا فقط على الأنظمة العربية "المعتدلة" و"الصديقة" للعالم الحر.. وإنما أيضا يمثل خطرا على الغرب نفسه، وعلى الاستقرار والسلم العالميين. بعد الربيع العربي، أكتشف الغرب بأنه كان ضحية أنظمة "أمنية" كانت عبئا عليه، وعبئا على مشاريع التسوية السلمية الإقليمية.. حين تعرف عن قرب، قبول الإسلاميين بالانخراط في النظم الديمقراطية، بل ووصلوا إلى السلطة عبر آلياتها السلمية.. فيما صُدم بموقف القوى المحسوبة على المشروع الديمقراطي الغربي، من ليبراليين أو علمانيين عموما، حين وفروا الغطاء السياسي، لتدخل الجيش ضد الرئيس "المنتخب"، وكذلك مظلة إعلامية عاتية، لتبرير ما تعرض له "المناضلون" من أجل الشرعية في رابعة وفي النهضة وفي غيرهما، من أماكن داخل القاهرة أو خارجها. ورغم أن هذه الحوادث يمكن أن يؤخذ منها ويرد بحسب المصالح الغربية في المنطقة، إلا أن الغرب أكتشف مؤخرا، بأن الإسلاميين يعتبرون القوة الأهم بكثير من النظم العلمانية التي حكمت البلاد ستة عقود على الأقل دون أن تنجز مشروعا لتسوية ملفات بؤر التوتر في المنطقة وعلى رأسها الصراع العربي الإسرائيلي. الأمريكيون وحلفاؤهم الغربيون يعتبرون أنفسهم الطرف الذي خرج خاسرا من قرارات 3 يوليو، وإقالة مرسي، وتفكيك الوجود السياسي للإسلاميين في الحكم.. إذ تعتبر واشنطن خروج الإخوان من السلطة، خسارة كبيرة على صعيد ما عقدته من آمال كبير بشأن قدرة الجماعة، على تغيير وجه المنطقة، بسبب تأثيرها الكبير على القوى المؤثرة فعلا في إعادة رسم الخرائط الأرض، سواء في فلسطين القريبة "حماس" أو ليبيا المتوتر أو تونس القلقة، وذلك للروابط الكبيرة بين إخوان مصر، وشقيقاتها في تلك الدول. المهم أن الغرب، لم يعد يصدق "مزاعم" الحكام العرب، بشأن الإسلاميين.. بل أكتشف متأخرا، بأنه مع وصولهم إلى السلطة، اختفت تماما العمليات الإرهابية الكبيرة في العالم الغربي على وجه التحديد.. بالتزامن مع قناعاته بأنهم لاعب سياسي، يملك من أدوات التأثير في المنطقة كلها، ما يفوق آلاف المرات ما تملكه أنظمة لا تملك إلا جيوشا لحماية عروشها الهشة، والمحدودة جغرافيا وحسب. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.