بداية لا أحد فوق المحاسبة،والكل سواسية أمام الشرع والقانون،لكن السؤال المضحك المبكي :من يحاكم من؟. عندما تنقلب الأمور رأسا على عقب،وتجد الحجاج الطاغية السفاح هو من يحاكم سعيد بن جبير الإمام المفسر العالم الرباني،عندها لابد أن تبكي القلوب دما. عندما يجلد ظهر إمام أهل السنة على يد الحاكم الجاهل ،ويسجن مع نباشي القبور،وسارقي الأكفان،لابد أن تنخلع قلوب المخلصين الصادقين. عندما يحاكم الرئيس الشرعي المنتخب المخطوف أمام السفاحين واللصوص،في الوقت الذي يتمتع فيه الطغاة الظالمون القاتلون بخدمة خمس نجوم،وطائرات وزيارات ورعاية طبية متخصصة،لابد عندها أن تتفجر في النفس السوية براكين الغضب ،وآهات الألم. إن ما يحدث من أحداث دامية على أرض مصر الطيبة بفعل الجهلة والقتلة الطامعين في السلطة مهما أراقوا من دماء،لهو حدث جلل. كيف يتحول السفاح إلى حام للحقوق،وقد أكل حق الشعب كله في الكرامة والحرية؟ كيف ننشد العدل ممن تلوثت أيديهم بدماء آلاف الشهداء في ربوع مصر كلها؟ كيف نرجو النزاهة والشرف ممن تجرأت أيديهم على قتل الحرائر،واعتقال الفتيات،والنساء،بل والأطفال،لا لشيء إلا لأنهم رفضوا عبادة البيادة؟ كيف يؤتمن من ضاقت صدورهم بأي قدر من النقد ،وأغلقوا القنوات والصحف،بل ومنعوا من كان يناصرهم بالأمس لمجرد أنه اقترب من أسوارهم؟ إنها كوميديا سوداء قاتمة ستؤدي حتما إلى موت أصحابها،الذين يحاولون إحكام المشنقة حول رقبة الأحرار،وهذا من فرط غبائهم،فالأحرار لايموتون،حتى وإن فارقت أجسادهم الحياة. فمن يتذكر الآن جلاد الإمام أحمد؟ بل من يعلم من هو قاتل الحسين؟ حتى لو عرف الجلاد والسفاح،فذكره مصحوب باللعنات،أما الأحرار فذكرهم محفوف بالرحمات والبركات. فذكر الجلادين داء عضال،وذكر الأحرار شفاء للقلوب،وترويح للنفوس. سيدي الرئيس: لقد أديت واجبك ،وقمت بدورك،ولم تخذل دينك ولا شعبك،فإن قدر الله موتك،فقد أرغمت التاريخ أن يقف عند سيرتك مشدوها فخورا بك. وإن قدر الله حياتك وعودتك،فلن يقف أمام الأحرار أحد بعدك. فحياتك وموتك خير لمصر،فلا تحزن. تعلمنا الصمود منك،كنا نظنك ضعيفا ،فكنت أقوانا وأشجعنا. احتار خاطفوك فيك،فليس عندك ماتبكي عليه من حطام الدنيا،بل بعت كل شيء لله،فربح البيع. كنت غريبا عليهم ،فما تعودوا أن يعيشوا مع الطاهرين الأحرار. أقلقت عيشهم بنظافة يدك،وزهدك في الكرسي. ماوجدوا إلا شعار قوم لوط لنبيهم – عليه السلام -:"أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ۖ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ." ثبتك الله يا رئيسنا،فكلنا معك،والله معنا ومعك. وحسبنا الله ونعم الوكيل.