شاهدت برنامج "توك شو" على فضائية "الحياة" المملوكة لرئيس حزب موالي لسلطة 3 يوليو.. استضاف البرنامج الذي أداره "معتز الدمرداش" الناشطة السياسية المعروفة "أسماء محفوظ".. والمهندس حمدي الفخراني. من الوهلة الأولى توقعت أن البرنامج "فخ" لواحدة من أبرز رموز ثورة يناير.. فوجود الفخراني في مواجهتها كان شديد الدلالة على مع توقعت. ثم اتضحت الصورة أكثر، عندما فتح "الدمرداش" الميكرفون لمتداخلين، كان واضحا بأنهم مختارون بعناية.. وأُتفق معهم على "إهانة" أسماء محفوظ واتهامها بالعمالة للأمريكيين وكراهيتها للجيش. لا أدري لم قبلت "محفوظ" الدعوة، خاصة وأن ضيفها المقابل، ومالك القناة، حلفاء ل"عسكرة" السياسة والدولة.. ومن الطبيعي أن تتوقع بأن دعوتها جاءت من قبيل اصطيادها، للإساءة إلى ثورة يناير بما تمثله محفوظ من رمزية كبيرة لنشطاءها الذين صنعوها بحق وباقتدار. ومع ذلك تظل الحلقة كاشفة لسيناريوهات ربما لم تتضح معالمها لدى كثيرين، تتعلق بما يرتب داخل الغرف المغلقة، من خطط لتصفية رموز يناير.. بعد أن يفرغ النظام الجديد، من تصفية الإخوان وتحجيم الإسلاميين وردهم مرة أخرى للعمل السري تحت الأرض. ازداد يقيني بعد البرنامج، بأن ثورة يناير، مقبلة على حملة تحرش وإساءة وتصفية.. وربما الضغط على رموزها، من خلال التلويح بما يصفونه ب"الوثائق" التي لا نعرف مصدرها ولا صحتها، والتي تدعي حصولهم على "تمويل" خارجي.. ولعل الفخراني كان واعيا أو على علم ليس بموضوع الحلقة ولكن بأهدافها .. فحضر، حاملا أوراقا قال إنها تدين الناشط السياسي البارز وأحد رموز ثورة يناير الكبار أحمد ماهر.. حيث قرأ "الفخراني" فقرات ماسة ب"نزاهة" الأول، واستقامة نضاله الوطني. لم يخف على المشاهد، "المؤامرة" التي نصبتها فضائية "الحياة" ل أسماء محفوظ، التي تلقت "الإهانات" المرتبة والمتفق عليها، بسعة صدر وابتسامة رقيقة، وبوجه طلق وبرئ ومتسامح.. وردت عليها بهدوء وتحدت الجميع، وطالبت النائب العام بفتح التحقيق معها لإظهار الحقيقة. كانت "محفوظ "مهمومة بالدم المصري وحرمته، وبدولة القانون والعدالة وأدانت "الوحشية" التي فض بها اعتصام رابعة.. وقالت "المجرم" يحاكم بالقانون.. وليس قتله بدم بارد في الشوارع. ويبقى أن أشير هنا إلى أن مداخلة الناشط السياسي أحمد دومة في الحلقة، أضاءت كثيرا من المساحات المظلمة في المشهد السياسي المرتبك والملتبس الآن، حين اختلف مع "أسماء" ولكنه أدان مثلها تماما الفاشيتين الدينية والأمنية.. ورفض العودة إلى "عسكرة" مصر مجددا، ودافع عن الدولة المدينة التي قامت ثورة يناير من أجلها. ما يحدث الآن في مصر، ربما يبعث على التشاؤم، ولكنه في الحقيقة، يعتبر عمليات فرز تاريخية وغير مسبوقة، لتمحيص المواقف والقلوب.. ومعرفة من هو "الثوري" النقي.. ومن "المتاجر" بها ومن ركب الموجة.. ولكن الأهم في ذلك كله.. إنه سيفضى في النهاية إلى عزل الفلول مجددا.. بعد أن عادوا متسلقين على أكتاف انتفاضة 30 يونيو.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.