قالت صحيفة الكريستيان ساينس مونيتور الأمريكية أن مصر باستضافتها للجولة الثانية من محادثات السلام في شرم الشيخ تسعى لتلميع دورها كحليف للولايات المتحدة، فيما اعتبره البعض حسبة تصب في إستراتيجية مبارك للتوريث. و أشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الذي تقف فيه معظم دول الشرق الأوسط جانباً، يجد الرئيس مبارك في المفاوضات فرصة جديدة لإقناع الولاياتالمتحدة بأن دورة في العملية يستحق التحرر من الضغوط الأمريكية حول القضايا المحلية الهامة مثل الإنتخابات المقبلة و إحتمال توريث الحكم لنجله جمال مبارك. و يقول بعض المراقبين –بحسب الصحيفة- أن الرئيس مبارك بإستضافته الجولة الثانية من المحادثات يوجه رسالة إلى الأمريكيين و الإسرائيليين على حد سواء أن جمال مبارك هو الاختيار الأكثر أمناً للحفاظ على السلام بين مصر و إسرائيل و دور مصر في رعاية المفاوضات. و نقلت الصحيفة عن عماد جاد، الخبير في الشئون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية، قوله بأن محادثات السلام ليست سوى ورقة في يد النظام المصري للتعامل مع الولاياتالمتحدة، و أضاف: "أعتقد أن النظام المصري يستخدم المحادثات المباشرة من أجل الحصول على الضوء الأخضر من الأمريكيين لجمال مبارك"، مشيراً إلى أن الرئيس مبارك سيلعب على "أهمية مصر" ليحتمي من الضغوط. إلا أن الصحيفة أشارت إلى أن النظام في مصر قد لا يحصل على ما يساوم عليه، حيث ترى ميشيل دن، خبيرة شئون الشرق الأوسط بمعهد كارنيجي للسلام الدولي، أن الولاياتالمتحدة لم يعد بإمكانها تجاهل وتيرة التطورات داخل مصر، مشيرة إلى أن تجديد قانون الطوارئ و الذي يقيد بشده الحقوق المدنية في مصر كان بمثابة نداء لليقظة، و قالت أنه بعد قيام الولاياتالمتحدة بإنتقاد الخطوة، قامت الخارجية الأمريكية بالإدلاء بتصريحات بشكل منتظم تدعو مصر إلى إجراء إنتخابات حرة و نزيهة. و أشارت ميشيل دن إلى أن أوباما قد أثار مسألة الإنتخابات القادمة في إجتماعه الأخير مع الرئيس مبارك بواشنطن، و قالت دن أن الولاياتالمتحدة قادرة على الضغط من أجل الإصلاح في مصر و في الوقت نفسه الإعتماد على القاهرة لدفع سياساتها في المنطقة، و ذلك لأنه في بعض المجالات مثل محادثات السلام فإن أهداف البلدين متماثلة، فإذا قامت مصر بإتباع مصالح أمنها القومي الخاص فإن ذلك سيصب أيضاً في مصلحة الولاياتالمتحدة، و أضافت: "الأمر ليس كأن مصر تصنع معروفاً للولايات المتحدة و بالتالي فإن الولاياتالمتحدة بحاجة لرد الدين لمصر". و يرى مصطفى كمال السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة، أن التوريث هو بمثابة الخطة (ب) للرئيس مبارك، فإذا لم يتمكن من الترشح للرئاسة العام القادم بسبب تدهور صحته، يستطيع أن يمهد الطريق أمام نجله جمال. و تقول الصحيفة أنه في الوقت الذي تكثر فيه الشائعات بأن الرئيس مبارك يعد نجله جمال لتولي الحكم فإن هناك حقيقة ملموسة و هي أنه عندما تم تعليق ملصقات لدعم ترشيح جمال مبارك لم يقوم النظام بنزعها، في حين أنه عندما ظهرت ملصقات مماثلة تدعو عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية للترشح للرئاسة تم إزالتها بسرعة من قبل عناصر أمن الدولة، بينما لا تزال صورة جمال مبارك تطل على سكان القاهرة.