حسم الرئيس حسني مبارك الأربعاء الجدل الذي كان دائرا حول اختيار موقع أول محطة نووية سلمية لإنتاج الطاقة، وقرر في اجتماعه بأعضاء المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية بكامل تشكيله الجديد أن تكون الضبعة موقعا لأول محطة كهرباء تعمل بالطاقة النووية في مصر. وقال السفير سليمان عواد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية في تصريحات للصحفيين إن الاجتماع استغرق نحو الساعتين ونصف الساعة، واستمع الرئيس خلاله إلى عرض من الدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة، وعدد من الوزراء كل في اختصاصه حول ما تم من خطوات منذ إعلان بدء البرنامج حتى الآن سواء كانت خطوات تشريعية أو تنفيذية. وقال عواد إن الرئيس مبارك شدد كذلك على ضرورة المضي قدما في برامج تدريب الكوادر البشرية المصرية، وبناء القدرات، خاصة أننا لا نبدأ من فراغ, حيث كان لمصر برنامج نووي منذ الخمسينات من القرن الماضي، تم وقفه بعد حادث "تشيرنوبل". وأضاف إن الرئيس اطلع خلال الاجتماع على البرامج التي تنفذها مصر حاليا مع عدد من الدول الصديقة, ومع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتدريب الكوادر البشرية المصرية, حيث شدد على ضرورة استمرار العمل في هذه البرامج بأقصى قدر من الكفاءة والسرعة. وأوضح أنه تم أيضا بحث تمويل إقامة هذه المحطات، حيث قدم الدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية عرضا عن الخيارات المتاحة للتمويل، مؤكدا أن الاقتصاد المصري بما وصل إليه من قوة يمكنه تماما أن يتحمل أعباء تمويل هذه البرامج أيا كانت خيارات التمويل المتاحة, سواء كانت تمويلا كاملا من جانب الدولة، أو كانت تمويلا مختلطا. ويقول محللون إن وزارة المالية قد تلجأ لفرض ضرائب ورسوم جديدة على المواطنين لتمويل إقامة المحطة النووية في الضبعة، وذلك بعد أن سجل عجز الموازنة 86.8 مليار جنيه بنهاية مايو الماضي من العام المالي (2009/2010)، وهو ما يمثل 7.2 % من الناتج المحلى الإجمالي، مقابل 64.3 مليار جنيه خلال نفس الفترة من العام الماضي. وأعربوا عن خشيتهم من لجوء وزارة المالية إلى الاستيلاء على المزيد من أموال التأمينات والمعاشات لنفس الغرض. ويقدر الخبراء تكلفة إنشاء المحطة النووية في منطقة الضبعة لإنتاج ألف ميجاوات بنحو 5- 6 مليارات دولار، وهى تكلفة تعجز الحكومة عن تدبيرها من مواردها الحالية بدون فرض ضرائب جديدة على المواطنين. وردا على سؤال حول أسباب تأخير الإعلان عن موقع الضبعة حتى الآن، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية إن هناك معايير محددة يجب مراعاتها عند إقامة محطة نووية لتوليد الكهرباء، مؤكدا أن موقع الضبعة هو الوحيد الذي اكتملت حوله الدراسات منذ الثمانينات وقد استجدت تطورات كبيرة في تكنولوجيا إقامة المحطات النووية لتوليد الكهرباء والدول المتقدمة في هذا المجال مثل الولاياتالمتحدة والاتحاد الروسي وفرنسا وكوريا وكندا تتكلم الآن عن أجيال متعاقبة في هذا المجال. وأشار إلى أن فرنسا على سبيل المثال تتحدث عن الجيل الرابع وأخذا في الاعتبار للتطورات الكبيرة والضخمة التي طرأت على تكنولوجيا إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء منذ الثمانينات وحتى الآن كان لابد ألا نقتصر على ما تم من دراسات لموقع الضبعة في بداية الثمانينات لأنه ببساطة معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية واكبت هذه التطورات وأصبحت هناك معايير إضافية لم تكن في الاعتبار خلال الثمانينات. وقال عواد: "لقد استعنا بالوكالة الذرية وقام مديرها الياباني السيد (يوكيا) امانو بزيارة مصر والتقى وزير الكهرباء (الدكتور حسن يونس) وهناك تعاون كامل مع الوكالة في ما يتعلق باختيار المواقع". وأشار إلى أن إجراءات إقامة أول محطة نووية ستبدأ في موقع الضبعة العام المقبل على أن يطرح العطاء والمناقصة قبل نهاية ديسمبر. حضر الاجتماع الذي عقد بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة، رئيس مجلس الوزراء الدكتور أحمد نظيف والمشير حسين طنطاوي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، وأحمد أبو الغيط وزير الخارجية والدكتور يوسف بطرس غالي وزير المالية، والدكتور حسن يونس وزير الكهرباء والطاقة والمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والمهندس أحمد المغربي وزير الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية، والدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي, والدكتورة فايزة أبو النجا وزيرة للتعاون الدولي، والمهندس ماجد جورج وزير الدولة للشئون البيئية، والدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية، والوزير عمر سليمان، رئيس المخابرات العامة، والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية.