المجتمعات المتخلفة تجهل قيمتها وحجمها الحقيقي في هذا العالم . تظن أن كل ما فيها هو الأكثر صواباً ، وأن أسلوب عيشها وعاداتها هي الأرقى والأجمل . ولو نظرت إلى ما تنتجه هذه المجتمعات من قصائد وأغاني وأمثال ، وحكايات ترددها على صغارها ، لظننت أن هذه المجتمعات هي سبب تطور البشرية خلال القرن الماضي !
المجتمعات المتخلفة تظن انها حرة .. وألف قيد يقيدها : نصفها هي تصنعها وتلبسها بنفسها .
المجتمعات المتخلفة تنظر بريبة لأي فكرة جديدة ، وتشعر بالخطر من أي " آلة " حديثة وتظن أنها لم تبتكر إلا لهدمها ، ولا تستوعبها إلا بعد سنوات.. من الرفض والتحريم .
المجتمعات المتخلفة ، وعندما تأتي التقارير الدولية التي تتحدث عن الأكثر سمنة ، أو الأعلى فسادا ، أو الأكثر استهلاكاً : ستجدها في المقدمة . وإن أتت التقارير التي تتحدث عن أهم الجامعات ، وحجم النزاهة والشفافية ، والإنتاج : ستجدها في المؤخرة .
لا تستغرب إذا وجدت هذه المشاهد الفنتازية في المجتمع المتخلف : شخص يحارب الوعي والثقافة والكتب .. ومجموعة من وراءه تصفق له . الفساد يتحوّل إلى ثقافة وسلوك يومي وتبتكر له مسميات شعبية " ألطف " من اسمه الحقيقي. يمضون ثلاثة عقود من الزمن ويستهلكون آلاف الأوراق وملايين الكلمات لمناقشة مسألة تافهة . أناس يلعنون أحدهم لأنهم مشغول في الدفاع عنهم وعن حقوقهم . ينشئ اللص فيهم جمعية خيرية . ينشغلون بالنتائج وينسون الأسباب .
المجتمعات المتخلفة لا تمل من التباهي بنفسها.. عكس المجتمعات المتقدمة التي لا تتوقف عن نقد كل شيء فيها . والنقد يحتاج إلى : وعي وشجاعة وحريّة.