إنها ذلك المعنى المهم والغائب عن حياتنا خاصةً في الآونة الأخيرة والذي هو كفيل بأن يعيد الحياة إلى أفضل مما كانت عليه، فليست الرومانسية هي التغزل في حسن امرأة وجمالها لكسب قلبها وعواطفها فحسب فهذا أبسط معنى، وإنما الرومانسية تعني الحب الذي لا يأتي بعده بغضٌ أو مللٌ أو جفاء، إنها تعنى الإخلاص لمن نحب والوفاء له حتى في غيابه وتذكره دائماً بكل خير ومسامحته مهما قصر أو أخطأ في حقنا، إنها تعني الرحمة والرأفة واللين مع من نحب والعدلَ معه والارتقاء به إلى أسمى معاني الود والصفاء، إنها تعني الاحترام الذي يدعونا إلى البعد عن الغموض والكذب والخداع والخيانة التي هي مرض الحب الأول والأخير وقاتلة الأحلام ومدمرة الحياة وسالبة السعادة وجالبة الاكتئاب.
إن الرومانسية تعني السعادة بالمحبوب والأنس به ورسم ملامحه في مخيلة العقل دائماً، إنها كأس به شراب إذا شرب منه أحد ازداد عطشاً لحلاوة مذاقه وجمال طعمه ولذته وصفاء منظرة، إنها تعني الوضوح والصراحة والصفاء والصدق، إنها البكاء والألم نعم البكاء حين الفراق والألم حين الاشتياق، وهي اللهفة والشوق إذا غابت صورة المحبوب عن مخيلة العقل أو القلب لثوانٍ، إنها تعني التقدم والرقي بالمشاعر والأحاسيس والأفهام وكذلك الأجسام.
إن الرومانسية هي الباعث على العمل والاجتهاد والدافع للسبق دائماً والرافعة للهمم، إنها قرة العيون وملتقى القلوب والأفهام، إنها ذلك الذوق العالي الذي يقيس به المرأ مشاعره ليعرف هل هي حب أم إعجاب، إنها معني يصلح لكل من نتعامل معه في حياتنا كالأهل والأصحاب والأصدقاء كلٌ بقدره ولكنها وجدت في الأساس للمحبوب فإنها لولاه ما كانت فهي كثمرة نبتت هو ماؤها لتكبر وتملأ الكون حباً وسعادةً وأملاً وتفاؤلاً.
إنها الخوف على مشاعر المحبوب من أن تصاب بخدش أو يُضر قلبه بأذى، إنها اختيار أفضل الكلمات وأطهرها لتلامس مسامعه فيسعد بها والعمل على أن لا يصاب بسوءٍ أبداً سواء معنوياً أو مادياً، إن الرومانسية هي وطن يسكن القلوب وشعب يحتلها ليصلح فيها ويعمرها ويعلمها كيف تصير الحياة نعيماً، إنها جنة خضراء وارفة الظلال كثيفة الأشجار دافئة بالحب والإخلاص، إنها لغة العيون وخفقان القلوب وأهازيج الأرواح، إنها ذلك الشعور بالأمان والطمأنينة والراحة حين تنظر في عيني محبوبك وتستمع إلى همس كلماته ونبضات قلبه ثم ترتمي بين أحضانه لتنسى ألم الحياة وتعب الجسد.