يقول الله تبارك وتعالى فى سورة الحج : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} [4-3] تتحدث هاتان الآيتان الكريمتان عن طائفة وفرقة من الناس ، نراهم كثيرا فى الواقع المحسوس فى مجتمعنا ، سلكوا طريق الضلال، وجعلوا يجادلون بالباطل الحق، يريدون إحقاق الباطل وإبطال الحق، يطلقون على أنفسهم وصف"مفكر إسلامى " أو"كاتب مستنير " وماشابه ذلك من العبارات الطنّانة مستخدمين شعارات براقة مثل "تجديد الخطاب الدينى " و"العقل والنقل "و"لا كهنوت فى الإسلام "و "الإسلام المستنير " وكأنه يوجد إسلامان أحدهما مستنير والآخر مستظلم ..وهكذا .. والحال – كماجاء بتفسير هذه الآيات - أنهم في غاية الجهل ما عندهم من العلم شيء، وغاية ما عندهم، تقليد أئمة الضلال، من كل شيطان مريد، متمرد على الله وعلى رسله، معاند لهم، قد شاق الله ورسوله، وصار من الأئمة الذين يدعون إلى النار. {كُتِبَ عَلَيْهِ} أي: قدر على هذا الشيطان المريد {أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ} أي: اتبعه {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ} عن الحق، ويجنبه الصراط المستقيم {وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ} وهذا نائب إبليس حقا، فإن الله قال عنه {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} فهذا الذي يجادل في الله، قد جمع بين ضلاله بنفسه، وتصديه إلى إضلال الناس، وهو متبع، ومقلد لكل شيطان مريد، ظلمات بعضها فوق بعض، ويدخل في هذا، جمهور أهل الكفر والبدع، فإن أكثرهم مقلدة، يجادلون بغير علم. و من ثم فإن هذه المجادلة المتقدمة هي لطائفة المقلد ين. ولكن هناك طائفة أخرى وفرقة أخرى من الناس أشارت إليها هذه السورة فى قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} [9-8] وهذه صورة أخرى للمجادلة وهى للشيطان المريد، الداعي إلى البدع، فأخبر الله تعالى أنه: {يُجَادِلُ فِي اللَّهِ} أي: يجادل رسل الله وأتباعهم بالباطل ليدحض به الحق، {بِغَيْرِ عِلْمٍ} صحيح {وَلَا هُدًى} أي: غير متبع في جداله هذا من يهديه، لا عقل مرشد، ولا متبوع مهتد، {وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} أي: واضح بين، أي: فلا له حجة عقلية ولا نقلية ، إن هي إلا شبهات، يوحيها إليه الشيطان {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ} ومع هذا {ثَانِيَ عِطْفِهِ} أي: لاوي جانبه وعنقه، وهذا كناية عن كبره عن الحق، واحتقاره للخلق، فقد فرح بما معه من العلم غير النافع، واحتقر أهل الحق وما معهم من الحق، {لِيُضِلَّ} الناس، أي: ليكون من دعاة الضلال، ويدخل تحت هذا جميع أئمة الكفر والضلال، ثم ذكر عقوبتهم الدنيوية والأخروية فقال: {لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} أي: يفتضح هذا في الدنيا قبل الآخرة، وهذا من آيات الله العجيبة، فإنك لا تجد داعيا من دعاة الكفر والضلال، إلا وله من المقت بين العالمين، واللعنة، والبغض، والذم، ما هو حقيق به، وكل بحسب حاله. {وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ} أي: نذيقه حرها الشديد، وسعيرها البليغ، وذلك بما قدمت يداه، {وَأَّن اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}. هذا هو المصير المحتوم لهؤلاء ،لن تشفع لهم الجوائز التى تمنحها لهم لجان من أمثالهم ،أومرثيات فى الصحف ممن هم على شاكلتهم، فشبيه الشئ منجذب إليه، والطيور على أشكالها تقع ،وقد نفق أحدهم مؤخرا، وعقبال كاتب القمامة الذي في بالى هو و من على شاكلته . لقد أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة المصرى مؤخرا حكما بإلزام الكنيسة الأورثوذكسية بمنح المطلقين تصريحا بالزواج الثاني،وعلى الفور أعلن البابا شنودة الثالث بابا المسيحيين الأرثوذكس بمصر بهدوء وحسم وثقة رفضه لهذاالحكم !! ، معتبرا أن المسيحي الذي يلجأ للقضاء من أجل أن يتزوج للمرة الثانية زان. وقال البابا شنودة، في مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع للمجمع المقدس: «الكنيسة تحترم القضاء وتُبجله، وفي الوقت نفسه لن تقبل أحكاما ضد الإنجيل، فزواج المسيحيين سر من أسرار الكنيسة، ومتعلق بتعاليم الدين المسيحي، وليس للمحكمة شأن في ذلك». وقد تضامن المسيحيون مع موقف البابا لأن الإنجيل عنده يعلو على القانون وعلى والقضاء،والتفوا حوله وحدث ما حدث من ردود أفعال لا مجال للخوض فيها الآن.. لم نسمع من دعاة "التنوير" أو المفكرين الإسلاميين أو من العلمانيين تعليقا على موقف الكنيسة من أحكام القضاء، ولم نسمع شيئا مثل ذلك من دعاة فصل الدين عن الدولة والمطالبين بالدولة المدنية. ولكن لو افترضنا –جدلا يعنى – أن الأزهر الشريف كان قد أصدر فتوى انتصر فيها للشريعة الإسلامية يعارض فيها قانونا أو حكما قضائيا أو قرارا من الدولة يتعارض معها – جدلا يعنى - وقال أن القرآن يعلو ولا يُعلى عليه - باقول جدلا يعنى – لقامت الدنيا على دماغ الأزهر والأزهريين واللى خلفوهم من هؤلاء الذين ذكرهم الله تعالى فى سورة الحج وستكون الفرصة سانحة لتكرار المطالبة بإلغاء الأزهر ذاته ،و تعديل القرآن وهما من المطالب المزمنة!!، وستكون الفرصة سانحة لتكرار الهجوم على القرآن الكريم والمطالبة بتعديله بحذف الكثير من الآيات وخاصة تلك التى تتحدث عن اليهود ،و التطاول على سنة النبي صلى الله عليه وسلم. و لننتقل إلى أرض الواقع لضرب أمثلة حية ، فقد التقيت مع بعض هؤلاء فى جلسة خاصة ضمت لفيفا من رجال القانون فى سهرة رمضانية ،دعانا إليها فى منزله قانونى كبير يدعى" عبد الكريم بك .." كان المتحدث شخصا يدعى "عبد الفتاح ..... " قدم نفسه لنا على أنه "كاتب و مفكر إسلامي ". شكّك " عبد الفتاح ..... " فى أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وفى رواتها وقرر أن العبرة بالنص القرآني فقط فهو الذى يعتد به ،أما الأحاديث فقد كتبت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنوات طويلة، ولا اعتداد بها وخاصة صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم .قال أن تدخين الشيشة و السجائر لايُبطل الصيام. ومن أغرب ما قاله " عبد الفتاح ..... " أن قول الله تعالى فى سورة آل عمران "إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ " يعنى أن اليهود و النصارى مسلمين ،ويعتبرون من المؤمنين بالشريعة الإسلامية شأنهم شأن المسلمين ...!! فالأديان كلها واحد . سألته: " بناء على ذلك هل يكون القسيس الأنبا "صليب عبد المسيح" مسلما مثلنا ويمارس شعائرنا ؟" قال " طبعا .. !!".... قلت " إنهم أنفسهم لم يقولوا ذلك، وهو نفسه لم يدّع أنه مسلم " !! فأجاب: "مش مهم..بس هوه مسلم ..." سألته : " طيب قول لي: في أي مسجد يصلى الأنبا" صليب عبد المسيح" صلاة صلاة الجمعة أو صلاة التراويح فى رمضان حتى أذهب وأصلى معه ؟ فأجاب :معرفش ....!! إن هذا الكاتب "وأمثاله "هو ممن وصفهم الله تعالى بقوله : "* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " .. جاء هذا الكلام على هوى صاحب الدار " عبد الكريم بك .." الذى يصر على أن ينطق إسمه بكسر الكاف... ما أن يرد ذكر الإسلام حتى ينطلق كمدفع سريع الطلقات فى الهجوم ، فشن هجوما عنيفا على أحاديث النبي الكريم وسخر من أبى هريرة رضي الله عنه وزعم أن الأحاديث التى قالها النبى صلى الله عليه وسلم لا تزيد عن سبعة أو ثمانية .!! تطرق الكلام إلى اليهود ، فقلت له أن الله تعالى قد ذكر فى القرآن الكريم: " وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ .... " فقاطعني غاضبا وقال :" ما قالوش..هوة بالعافية؟ أنا سألت واحد صاحبي يهودي أمريكاني فقال :إحنا ما قلناش كده ...." ثم هاجم الفلسطينيين قائلا "واحنا مالنا ومال فلسطين ؟ مش ربنا هو اللى قال على اليهود فى سورة الإسراء (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوّاً كَبِيراً ) فلازم تؤمن بأن مايجرى حاليا هو العلو الثانى بقدر الله وقضائه .." ،وغضب بحدة لوصفي "للبهائية " بأنها "عقيدة صهيونية ". كما هاجم فقهاء المسلمين.. وزعم أنه يمكنه تفسير القرآن الكريم بأفضل من أئمة المفسرين مثل الطبري والقرطبي وابن كثير، رغم أن من يقول ذلك لايعرف كيف يقرأ الفاتحة ولا يعرف "مثلا "الفرق بين "الحمد لله " و"لله الحمد" وتطاول على شيخ الإسلام ابن تيمية ، زاعما أن كتاباته هى مصدر التطرف والعنف والإرهاب الموجود فى العالم،وبما أنه ليست لدى معلومات فى هذا الموضوع فقد سألته :"ماذا قال ابن تيمية ؟" وكانت المفاجأة أنه لم يقرأ سطرا واحدا له .!! إنه من الفريق الثاني الذي وصفه الله تعالى فى قوله : " ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " ،فاستحق أن يكون " عبد الكريم بك الثاني " أى الثانى عطفه وقد تقدم ذكر المعنى. لايرون فى المسلمين إلا النقائص وغيرهم مبرأ ون منها .. يزدرون الأزهر ورجاله ،ولكنهم يذكروا بالخير "فقط "موقف شيخ الأزهر السابق د.محمد سيد طنطاوي حينما نزع النقاب عن فتاة منتقبة بدون وجه حق ،وأعطى بذلك الضوء الأخضر للعالم المسيحي و للعلمانيين لإعلان الحرب على النقاب ،حتى أن رئيس إحدى الجامعات قام بتمزيق حكم قضائى يلزم الجامعة بالسماح بدخول المنتقبات وألقى به على الأرض..!! الحرية الشخصية عندهم هي" قدرة الشخص على الإتيان بأي عمل لايضر الآخرين "وهو التعريف السائد فى الفقه الفرنسي والعالم الغربى،ولما قال أحد الحاضرين أن هذا العمل قد يكون محرما فى شريعتنا الإسلامية "مثل اللواط " قال " عبد الكريم بك الثاني": "وانت مالك يا أخى.. هوه انت مندوب ربنا فى الأرض؟ إنت ها تصلح الكون ؟ بلاش كلام فارغ " ولكن إذا جئنا للحجاب و النقاب ولو من باب الحرية الشخصية قال: " بلاش كلام فارغ..هذه عادات بدوية وهابية مستوردة من السعودية". يرى أن الصلاة فى المساجد هى" فولكلور" وبدعة مستحدثة ،وأن الخمر ليست محرمة ،و يزعمون أنه لايوجد نسخ فى القرآن ،وأن زواج المتعة مباح !! أنهم يزدرون سنة النبى صلى الله عليه وسلم ويرددون فى كل مناسبة أن الإسلام هو الإهتمام بطول اللحية أو الجلباب ،والرجل اليمنى واليسرى والإستنجاء و الثعبان الأقرع وما شابه ذلك ،و" عبد الكريم بك الثاني" مثل لهم . وإذا قلت له : لماذا تحرف إسم الله تعالى " الْكَرِيم " بفتح الكاف وتقول " عبدالكريم "بكسر الكاف " مثل من يحرف إسم" الرَّحِيم" بفتح الراءالمشددة وتفخيمها وتقول الرحيم بكسر الراء ؟ قابل الكلام بالسخرية ..!! لايهمهم التحريف المتعمد لإسم من أسماء الله عز وجل. ويعمد الواحد منهم إلى أن يقحم فى ثنايا كلامه عبارات مثل :"سيدنا النبى " أو "حضرة الرسول" أو"عايزين نبقى نعمل خاتمة " أو " يالله نصلى العشا" ليخدع السامعين بها ،وهو فى الواقع لايخدع إلا نفسه،فهو من الذين قال تعالى فيهم : ( يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)البقرة وإلى أعضاء ذلك الفريق ال "* ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ " نقول بملىء الفم وبالفم المليان : إن ازدراء سنة النبى صلى الله عليه وسلم والتهكم عليها أو إنكارها هو " ردة عن الإسلام " هل سمعتم ؟؟ كفر وردة عن الإسلام ... وهاهى بعض الأدلة : ( أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ )التوبة63 (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )الأحزاب36 (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (57) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (58) الأحزاب هذا هو المصير المحتوم لهؤلاء .. لن تشفع لهم الجوائز التى تمنحها لهم لجان من أمثالهم ،أومرثيات فى الصحف ممن هم على شاكلتهم، فشبيه الشئ منجذب إليه، والطيور على أشكالها تقع ، وقد نفق أحدهم مؤخرا، وعقبال كاتب القمامة الذي في بالى (وفى بالكم أيضا ، عارفينه؟؟ ) هو و من على شاكلته . إحذروا هؤلاء لا تقرأوا لهم ولاتقعدوا معهم حتى لايفتنوكم فتقلدوهم فى أقوالهم وأفعالهم فتصبحوا من الفئة الأولى التى أخبر المولى عز وجل عنها بقوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ * كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ). فروا منهم فراركم من المجذوم ..يرحمكم الله. [email protected]