يبدو أن القصاص للشهداء والمصابين في ثورة 25 يناير سيأتي عاجلا أم آجلا, رغم مهرجان "البراءة للجميع" لرموز نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك. ففي تقرير لها في 7 سبتمبر, سلطت قناة "الجزيرة" الضوء على موقع إلكتروني جديد تحت اسم "ويكي ثورة", الذي يوثق الأحداث في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، ويرفع شعار "حتى لا ننسى", لتذكير المصريين دائما بثورتهم المجيدة وضرورة القصاص لجميع ضحاياها. ويهدف الموقع بهذا العمل إلى تسجيل ما يحدث في مصر، اعتمادا على مصادر معلومات موثوقة يذكرها في كل ما ينشره، في محاولة على ما يبدو لمواجهة ما أصبح يوصف بالتحريض والأخبار المغلوطة, التي تروجها بعض وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وكذلك لتحقيق الدقة والموضوعية، بعيدا عن التهويل أو المبالغات أو التهوين. ويقول القائمون على هذا العمل, الذين رفضوا الكشف عن أسمائهم, إن الموقع ليس مصدر المعلومات نفسها، وإنما هو مكان من أجل تسجيل كل المعلومات والأرقام من كل المصادر المتاحة الموثوق فيها ومن أجل تحري الدقة وكسب الثقة بخصوص البيانات المنشورة. وفي بيان تعريفه, يقول الموقع إنه ليس لديه متحدث إعلامي أو أشخاص يمثلونه، ولا علاقة له بأي عمل جماهيري أو ميداني، وإنما يرصد فقط ويحصر ويفرز ويحلل لتوثيق وتخليد كل تضحية وحق لمواطن خلال الثورة. ويقسم "ويكي ثورة" عمله إلى عدة مراحل، الأولى تتمثل في حصر القتلى والمصابين والمعتقلين في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي عدديا, ثم تفصيليا، والثانية, حصر القتلى والمصابين والمعتقلين في عهد المجلس العسكري, الذي تولى إدارة البلاد عقب الثورة, التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك, والمرحلة الثالثة, حصر قتلى ومصابي ومعتقلي الأيام ال18 التي سبقت تنحي مبارك عن السلطة، ثم تأتي المرحلة الرابعة والأخيرة لتشمل توثيق "المجازر", التي وقعت بحق أنصار مرسي في الحرس الجمهوري والمنصة ورابعة العدوية والنهضة ورمسيس. ويحاول الموقع تحري الموضوعية والحياد فيما ينشره من تقارير ومقاطع فيديو وصور، مؤكدا عدم انتمائه لأي جهة أو حزب سياسي أو جماعة دينية، حيث يوجد عليه الكثير من التقارير والإحصائيات عن المعتقلين والمصابين والقتلى, الذين سقطوا في مظاهرات وقعت في عهد مرسي، وكذلك الحشود التي نزلت للتظاهر في 30 يونيو الماضي ضد مرسي والإخوان المسلمين. وفي نفس الوقت, يوثق الموقع الاعتداءات التي وقعت بحرق مقرات جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة قبيل وبعد عزل مرسي، وكذلك الدماء, التي سالت في فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة, وميدان رمسيس, وغيرها. ويضع الموقع تصنيفا لكل ما ينشره من أرقام وإحصائيات وفيديوهات تبعا للزمان والمكان الذي وقع فيه وجغرافيا بحسب المحافظة، ويقسم كل هذا إلى وقائع كبرى وأخرى متفرقة. كما يضع تصنيفا آخر لطبيعة الحدث الموثق فهناك قسم خاص لحصر الضحايا من القتلى، وثان لحصر المصابين، وثالث لحصر المعتقلين على مدار الفترة الزمنية التي يتناولها، مستعينا في ذلك بجداول توضيحية وأشكال ورسوم بيانية. ويبدو أن "ويكي ثورة" جاء في توقيته, حيث لم ينته مسلسل الدماء والعنف والقمع بعد ثورة 25 يناير، بل ظلت كل سلطة تستخدم نفس النهج الأمني على أمل إسكات صرخات الشعب, الذي يطالب بالعيش والحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية. كما لم ينته استرخاص دماء الشعب المصري والتعامل مع الشهداء على أنهم مجرد أرقام, ولم يحاسب أحد من من أجرموا على فعلتهم, في ظل مهرجان "البراءة للجميع". ويبدو أنه لا بديل عن محاسبة كل من قتل وعذب وتآمر، حيث أنه لا يمكن الحديث عن إصلاح في مصر دون اقتلاع جذور الفساد والقمع.