ثمة رسائل تلقيتها يوم أمس تقول إن قيادات بالجماعة بدأت تقترب أكثر إلى القبول بالأمر الواقع.. ليس من قبيل "الهزيمة".. ولكن على سبيل "المراجعة".. وطي صفحة "الخطايا" التي ارتكبتها القيادات التي أضاعت "الشرعية" بعد أن كانت بين يديها. لن يكون مفيدًا الحديث عن المؤامرة وعن "الفلول".. وقوى الثورة المضادة.. فهذا كله كان ولا يزال وسيظل موجودًا.. غير أنها لا تبرئ أبدًا قادة الجماعة، من مسئولية ضياع السلطة والحكم من بين أيديهم وبكل هذه السرعة المدهشة. هذه النهاية.. لم تكن مفاجأة.. بل كانت النتيجة المنطقية، لطريقة الإدارة الإخوانية للدولة.. وكنا نتحدث بصراحة عنها في مقالاتنا أو على الفضائيات.. وأذكر أنني قلت ذلك صراحة للمهندس نور الدين عبد الحافظ، الشهير ب"خميس" ومسئول التثقيف بالجماعة.. وذلك في حلقة جمعتني به على قناة الحافظ وذلك قبل 30 يوليو بشهرين أو أكثر.. وقلت له صراحة: الجيش سيعزل مرسي، ويعلق العمل بالدستور.. وستعودون جميعًا إلى السجون! لم أقلها والله أمنية مني ولكنها "نصيحة" لعلهم يرجعون.. وتلقيت منه حينها زخات من الشتائم بلغت حد اتهامي بالعمالة للأمريكان.. وهذه الحلقة مسجلة ويمكنني إعادة نشرها إذا اقتضى الأمر. لا نريد أن نبكي على اللبن المسكوب الآن، لقد مضى وقت العتاب، وحان وقت المراجعة والقرارات التاريخية الكبيرة.. ولن يجدي الكلام المتكرر عن "الانقلاب" وعن "المذابح". والذي لا ينتبه إليه الجميع: "سلطة" و"معارضة"، أن الضحايا في صراعات السلطة أيًا كان عددهم يتحولون إلى "أرقام".. محض أرقام وحسب.. وبوسع كل طرف أن يقدم للرأي العام مسوغات ل"شرعنة" القتل وارتكاب المذابح. ويتعين على الإسلاميين، معرفة فحوى الأزمة، بوصفها "صراع وجود" وفي مثل هذه الصراعات، يبقى كل شيء "مباحًا".. وفي الخبرة السياسية الإسلامية، شواهد لا تعد ولا تحصى، ولعلنا نتذكر نموذج السياسي الأموي الشهير"الحجاج".. والذي في صراعات السلطة، لم يتورع عن حصار مكة وضربها بالمنجنيق كما زعمت بعض الروايات قبل أن يكذبها ابن تيمية وصلب الصحابة وقتلهم (عبد الله بن الزبير). اليوم.. مصر تحتاج إلى تفكيك حالة العنف، وبشكل سريع وعاجل، وهو كلام ليس موجهًا إلى الإسلاميين وحسب.. إنما إلى السلطة أيضًا.. وهو الهدف الذي لا يمكن أن نبلغه إلا إذا فككنا خطاب الكراهية من الطرفين، وطالبنا زملائنا في كل وسائل الإعلام بالتحلي بالمسئولية واستبدال لغة التطرف بخطاب تصالحي.. يرقق القلوب ويقرب الناس ولا يفرقهم.. فمصر منقسمة فعلاً انقسامًا خطيرًا.. والنفخ في النار الآن سيحرق الجميع، ليس فقط الهاربين من الملاحقات الأمنية.. وإنما أيضًا القاطنين في مجتمعات النخبة المخملية.. من إعلاميين وسياسيين مثقفين، لا تحكمهم إلا الضغائن وشهوة الانتقام من الإسلاميين. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.