قرأت مقالة الأخ الكريم: د محمد سعد أبو العزم، الذي نشرته (المصريون) أمس الأربعاء (26/5) وسررت بما احتواه المقال من بث لروح الأخوة بين العرب، وانصافه للشعب الجزائري الشقيق، الذي نكن له كل حب وتقدير، بعيدا عن أحداث كرة القدم التي فرّقت بين الشعبين، وأظهرت نوعا من الشقاق فيما بينهما، قاد زمامه إعلاميون ليسوا على قدر المسؤولية، ذكرني بقول الشاعر: كبهيمة عرجاء يقود زمامها أعمى على حوج الطريق الجائر وبالرغم مما أحداثه بعض هؤلاء، فإن لسان شعوبنا العربية والإسلامية يقول: يا أخي في الهند أو في المغرب أنا منك أنت مني أنت بي لا تسل عن عنصري عن نسبي إنه الإسلام أمي وأبي ولكن لي ملاحظة على كلام د: أبو العزم، إذ أنه سأل عن دور الشعب المصري في هذه القافلة قائلا: (دعك الآن من الدور الرسمي المصري الذي اكتفى بموقف المتفرج من كل ما يحدث، فضلاً عن المشاركة الرمزية لاثنين من نواب الإخوان في مجلس الشعب مع أسطول الحرية، ولكني الآن أتحدث عن الشعب المصري وتفاعله مع القضية، أتحدث عن الحركات المؤثرة في المجتمع ودورها، أتحدث إلى كل مصري يتعاطف مع قضية الشعب الفلسطيني والحصار الظالم على أهل غزة، تعاطفكم وحده لم يعد يكفي، النيات الحسنة والخطب الرنانة ليس لها مكان). وللحديث عن الدور المصري فإنني أقول وبعيدا عن التعصب: ليس هناك من شعب أعطى القضية الفلسطينية مثلما أعطى الشعب المصري، سواء العطاء المادي، أو المعنوي، وليس هذا تطوعا من المصريين، وإنما هو حق الجيرة وحق الأخوة بشقيها: الديني والإنساني، بل هو واجب الشقيق الأكبر بتاريخه وجغرافيته وعطائه وحضارته، وأذكر الأستاذ الكاتب والقارئ بالشرارة الأولى التي عرّفت أهل مصر بواجبهم تجاه إخوانهم في فلسطين، والتي سجلها الأديب العظيم صاحب (من وحي القلم) مصطفى صادق الرافعي، والذي كتب تحت عنوان: (الأيدي المتوضئة): (... ولما قُضيت الصلاة ماج الناس، إذ انبعث فيهم جماعة من الشباب يصيحون بهم ويستوقفونهم ليخطبوا فيهم، ثم قام أحدهم فخطب، فذكر فلسطين وما نزل بها، وتغيُّر أحوال أهلها ونكبتهم وجهادهم واختلال أمرهم، ثم استنجدوا واستعان، ودعا الموسِر والمخف إلى البذل والتبرع وإقراض الله تعالى، وتقدم أصحابه بصناديق مختومة فطافوا بها على الناس يجمعون فيها القليل والأقل من دراهم هي في هذه الحال دراهم أصحابها وضمائرها.. وأخرج القروي كيسه فعزل منه دراهم وقال: هذه لطعام أتبلّغ به ولأوبتي إلى البلد، ثم أفرغ الباقي في صناديق الجماعة، واقتديت أنا به فلم أخرج من المسجد حتى وضعت في صناديقهم كل ما معي، ولقد حسبت أنه لو بقي لي درهم واحد لمضى يسبني ما دام معي إلى أن يخرج عني، قال أحد الشيوخ في المسجد للشاب: ممن أنت يا بني؟ قال: أنا من جماعة الإخوان المسلمين". ولهذا فإنني وأنا في انتظار تحركنا لركوب السفن من ميناء انطاليا التركي متوجهين إلى قبرص، أقول: إن الفرصة التي أتيحت لي لأتشرف بالسفر إلى إخواننا في غزة بصفتي عضوا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، بل وممثلا عنه، فإنني أقول: لو سمحت الفرصة لأي مصري لأجاب، ولسان حالهم ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم عن حلف الفضول:"لو دعيت لمثله لأجبت) وأهل مصر جديرون بمنافسة إخوانهم في الجزائر، إنطلاقا من قوله تعالى:( وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)(المطففين:26)، وهي منافسة شريفة لن يعجز المصريون عن سبق إخوانهم الجزاريين فيها. ولكني أعود فأقول: إن منافسة شعب مصر لا تكون في إرسال سفن تخوض عباب البحر، وتكسر أمواجه، وإنما في إرسال شاحنات تشق الأرض شقا، وتملأ قلب العدو غيظا، شعارها: والله لنرسلن قافلة أولها في غزة الجريحة وآخرها في أرض مصرنا الحبيبة، ولن يكون هذا جديدا إذ سبق إليه عمرو بن العاص حين طلب منه الفاروق إمداده بالطعام لأهل المدينة عام المجاعة، فكان جوابه: والله لأرسلن لك مددا أوله عندك وآخره عندي.. وما ذلك على أهل مصر بعزيز.... أكرم كساب الخميس: 27/5/ 2010م مدينة أنطاليا التركية قبل توجهنا إلى الميناء مباشرة