عفوًا يا سيدي.. نعم لست مع اقتحام وفض اعتصامي «رابعة» و«النهضة» بالقوة.. وليكن ما يكون كما تقول، وطالما بقي بصيص أمل، ولو %0.01 فلنتمسك به، بدلًا من سفك دماء المصريين بأيدي إخوتهم وأبنائهم ضباط وجنود الجيش والشرطة. تقول إن موقفي «متخاذل» وضعيف؟.. لا يا سيدي بل أعتقد أن الحفاظ على كل قطرة دم مصري يستحق الصبر والتحمل والمجهود والانتقادات اللاذعة التي سأتلقاها بسبب هذه الدعوة. وليس صحيحًا أبدًا أن «هيبة الدولة» ستنكسر أو أن «كرامة مصر» أصبحت على المحك، لأنها لا تستطيع فض اعتصامين بهما بضع عشرات الآلاف، ولدى الدولة جيش قوي وشرطة استعادت عافيتها!!.. ليست المعادلة هكذا أبدًا، بل سننظر لأنفسنا وسينظر لنا العالم كدولة «محترمة» تحافظ على دماء مواطنيها، ولا تلجأ لاستخدام العنف ضدهم حتى لو بالغوا في اعتصامهم، أو تجاوزوا في مظاهراتهم، أو لجأ بعض منهم لاستخدام العنف ضد أفراد الجيش والشرطة. تقول إنهم تجاوزوا وعاندوا واعتدوا وتجب معاقبتهم على ما اقترفوه؟.. وأقول إن عشرات الآلاف يعتقدون أنهم بدفاعهم عن رئيس فشل، إنما يدافعون عن الإسلام الحق، والديمقراطية الخالصة، وهؤلاء ليسوا من البسطاء فقط، بل هناك مثقفون وإعلاميون وأساتذة جامعة ومفكرون، إخوان وغير إخوان، متشددون دينيًا ومعتدلون يفكرون بنفس الطريقة، ويتبعون ذات النهج، وهؤلاء تنبغي محاورتهم ومناقشتهم، فإن لم يتفهموا – وأغلب الظن أنهم لن يتفهموا – فلهم مطلق الحرية في اعتناق ما يشاؤون، أما من «حرض» على العنف أو التخريب أو إسالة الدماء، فالقضاء موجود، ومازال في مصر قانون يعاقب المجرمين الذين استمعوا للتحريض وألغوا عقولهم، وارتكبوا من الجرائم ما يستحق العقاب. يا سادة.. أسمع وتسمعون على «الفضائيات»، وأقرأ وتقرأون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للحكومة بضرورة الإسراع بفض الاعتصام بالقوة، والبطش بقادة الجماعة الذين ارتكبوا جرائم التحريض والتعذيب، حتى تعود الحياة الطبيعية إلى كل أنحاء مصر، ويتنفس أهالي «مدينة نصر» و«شارع مراد» بالجيزة الصعداء، ويفيقوا من كابوس «الاعتصام» الذي يعيشونه، ولهم كل الحق في العودة للحياة، ولكن إذا كان أئمة الإسلام العظام رفضوا إراقة دماء المسلمين في الفتن،.. والملك فاروق – الألباني الأصل – ترفَّع عن استعادة عرش مصر بإراقة الدماء، وفضل المغادرة بسلام، وقال مقولته الشهيرة عن قدسية دماء المصريين، فهل سيتحمل المستشار عدلي منصور والفريق أول عبدالفتاح السيسي أن يصبحا أول مصريين تسفك في أيامهما دماء المصريين بأيدي المصريين؟. حتى الآن، أقدر وأحترم وأجلُّ حكمة وصبر الرئيس المؤقت ورئيس الوزراء ووزير الدفاع بعدم استخدام «التفويض» الذي منحهم إياه الشعب باستعمال «القوة» لفض الاعتصامات، ومكافحة الإرهاب. وأدعوهم للتمسك بأهداب أي بارقة أمل لحل سلمي للأزمة، دون تفريط في حقوق الدم أو الخيانة العظمى، أما ما دون ذلك فقابل للبحث على موائد التفاوض. ولا يفسر أحد كلامي على أنه دعوة للتفريط في سيادة الحكومة، أو المساس بكرامة مصر، أو إهدار هيبة الدولة،.. بل هو حفاظ على كل ذلك، وقبله الحفاظ على دماء المصريين من أن تسفك بأيد مصرية. أما إخوتنا وأبناؤنا ونساؤنا «المعتصمون» في «رابعة» و«النهضة»، فاعلموا أن الرئيس الذي فشل في انتشال مصر من كبوتها، و«جماعته» التي أقصت الجميع عدا «الأهل والعشيرة»، واعتبرت «حماس» هي العزوة والسند ضد المصريين.. هؤلاء لا يستحقون أن تنزفوا قطرة دم واحدة دفاعًا عنهم، فالإسلام موجود قبل وجودهم، وسيظل بعد غيابهم، والمصريون مسلمون قبل إنشاء «الجماعة»، وسيظلون مسلمين بعدها. فلا تتسببوا - بجهل أو علم - في إيذاء مصر، ويكفيها ما عانته على يد بعض أبنائها على مدى 60 عامًا. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66