* مايحدث في مصر الآن من هرج ومرج وإراقة للدماء هنا وهناك أمر لم يكن يتوقعه اشد الناس تشاؤما بمستقبل مصر فى الفترة الراهنة . لقد اختلط الحابل بالنابل والحق بالباطل والظلام بالنور . إن مصر الآن تسير فى نفق مظلم ولا توجد أي إشارة للضوء فى نهاية هذا النفق الذي عرفنا بدايته ولم نعرف نهايته بعد . إلى اى طريق نحن سائرون..؟ والى اى قبلة نحن ماضون..؟ والى اى منهج نحن متجهون..؟ لااحد يعلم لأنه لايوجد لوحات استرشادية تهدى السائرين وكل إنسان يجتهد فى الوصول إلى نهاية الطريق الذي يبدو معالمه غامضة ومقلقة ومزعجة . · إن الحل الامنى لن يفيد كثيرا . وان القبضة الحديدية واعتقال رؤساء الأحزاب والنشطاء السياسيين وإلقاؤهم فى السجون بلا قضية واضحة أو تهمة معروفة لن يحل الوضع المعقد . وان غلق القنوات الفضائية وإسكات صوت المعارضين لن يزيد الوضع إلا اشتعالا بل هو بمثابة سكب مزيد من السولار على النار...! إن ثورة 25 يناير مااندلعت شراراتها فى المقام الأول إلا لكى يسترد الشعب حريته وكرامته وعزه وشرفه . وان يعبر كل صاحب قلم عن فكرته وكل صاحب فكر عن فكره وكل صاحب رأى عن رأيه وكل صاحب أيدلوجية عن أيدلوجيته دون خوف أو وجل من سجن أو اعتقال أو قصف للأقلام. * إن مصر الآن فى فترة حرجة مخيفة و مرعبة من حياتها السياسية لأنه لايبدو فى الأفاق أو المستقبل القريب بوادر حل لما نحن فيه بعد عزل الرئيس وحل الشورى وتجميد الدستور . نحن الآن بلا رئيس منتخب وبلا برلمان وبلا دستور. وحالة الاحتقان السياسى بلغت الحلقوم والاتهامات توزع هنا وهناك بالقناطير المقنطرة وزادت حالات الاعتقال واخشي مااخشاه أن تزداد حالات القتل وإراقة الدماء بسبب وبلا سبب وان تسيطر حالات الانتقام والتشفى بين أبناء المجتمع. * لم يكن يدور بخلدى لحظة واحدة بعد ثورة 25 يناير وفتح نوافذ الحرية أن نصل إلى ماوصلنا إليه من حالة مزرية مخيفة لاتبشر أبدا بخير بأي حال من الأحوال . لقد انقلبت الموازين وانقلبت كل الأمور رأسا على عقب وازدادت المظاهرات هنا وهناك وازدادت حالات اقتحام بيوت الله وارتفع صوت الرصاص وانخفض صوت العقل . وتلاشت كل القيم الأخلاقية فى هذا الشهر الكريم ولم نعد نراعى حرمة لصوم أو صلاة أو شهر كريم . ولم نعد نأمن على أنفسنا أو على أبنائنا أن نخرج خطوة واحدة خارج حدود البيت فالبلطجية يملأون الشوارع شاهرين سيوفهم وأسلحتهم فى وجوه المارة بلا خوف من قانون او شرطة وكأننا فى غابة استوائية البقاء فيها للأقوى...! * إن ارخص شئ فى مصر اليوم هو الدماء...! مع أن الدماء وحياة اى إنسان عند الله اشد حرمة من الكعبة الشريفة . إن إباحة القتل وإشاعة الفوضى وحل مشاكلنا بالقوة وبصوت الرصاص لن يصل بنا إلى طريق معالمه واضحة بل سيزيد الأمور تعقيدا أكثر مما هو معقد وسيزيد الوضع اشتعالا أكثر مما هو مشتعل . إن مصر اليوم تقف على مفترق طرق إما تسير على طريق الديمقراطية والاعتراف بالآخر وإما تسير على طريق الديكتاتورية والسجون والمعتقلات ونعود مرة أخرى إلى الدولة البوليسية الغاشمة التي لاعقل لها ولاقلب لها ولاحل عندها لمواجهة أبنائها إلا بلغة السيف وحد القوة بدلا من الحوار العاقل الهادئ الايجابي المثمر بين شرائح المجتمع وفصائله ونخبته السياسية .
* لابد لعقلاء هذا الوطن ومثقفيه ومفكريه وسياسيه أن يضعوا حلا سريعا لوقف نزيف الدماء فى كل مكان . لان نزيف الدماء سيؤدى لامحالة إلى انفجار ماسورة الغضب فى كل مكان وستخرج الأوضاع عن السيطرة وستتحول مصر الى بلد غير امن وغير مستقر وستشمت بنا الأمم وسيفرح أعداء الوطن بما آلت إليه أحوالنا من فوضى وارتباك وعدم سيطرة على الشارع. * إن السياسة هى فن الممكن ولايوجد مشكلة سياسية فى العالم إلا ولها أكثر من حل . أما أن تتصلب المشاكل فى شرايين وعقل الأمة ولايوجد طبيب ماهر واحد يستطيع أن يشخص الحالة ويصف الدواء فان هذا يعنى فى المقام الأول تعرض هذا الوطن للموت الاكلينكى السر يرى الذى لن يفيق بعده أبدا لاقدر الله . إن سفينة الوطن تتنرنح وتتمايل ومعرضة للغرق فى قاع المحيط فى اى لحظة وتبحث عن الربان الماهر الذى يقودها وسط تلك العواصف الهادرة لينتشلها وركابها من الموت المحقق والغرق المؤكد . وان غرقت فلن ينجو مؤيد أو معارض فالكل سيدفع ثمن الفاتورة الباهظة التي قد نعجز فى لحظة معينة عن دفع ثمنها لان حالة الإفلاس السياسي أحاطت بمجتمعنا من كل جانب . * مازلت متعلقا بأستار الأمل وبأ حبال التفاؤل أن فى مصر رجالا لايخشون إلا الله ولايخشون فى الله ولا فى الحق لومة لائم وقادرون بإذن الله على فرض مبادرة تلم الشمل وترضى الجميع وتخرجنا من نفق الفتنة المظلم إلى نور الحكمة وضياء الحوار الايجابي البناء بين الجميع دون تدخل من جهات أجنبية مشبوهة لاتريد لمصر حلا ولاتريد لمصر أن تكون بلدا ديمقراطيا نباهى بها الأمم ونفتخر بها بين شعوب العالم . * لن تنجر مصر أبدا إلى مستنقع الحرب الأهلية ولن تسقط مصر أبدا فى بئر الفتنة ولن تستطيع العواصف أن تخلع شجرة الاستقرار والأمن والأمان من تربة هذا الوطن . أمامنا طريق واحد فقط ألا وهو طريق الديمقراطية وبناء مصر الحديثة وان يعترف كل فصيل أن مصر ملكا للجميع ولن يستطيع فصيل أن يقصى فصيلا آخر من العملية السياسية تحت اى غطاء وتحت اى ذريعة وبأى حجة لان مصر ليست ملكا لأحد وليست عقارا مسجلا فى الشهر العقارى باسم فصيل معين أو شخص معين أو حزب معين . إن مبدأ الاعتراف بحق كل فصيل فى هذا الوطن وبحق كل حزب فى هذا الوطن وبحق كل مواطن فى هذا الوطن وعدم إقصاء اى طرف لطرف آخر هى أرضية مشتركة محترمة يمكن أن ننطلق منها لبناء وطننا الغالى العزيز فهل الى ذلك من سبيل...؟ والله من وراء القصد .