للأسف الشديد، يبدو أن الوصول إلى مصالحة حقيقية بين فصائل الشعب المصري سيستغرق بعض الوقت، وكنا نتمنى أن تنتهي فترة القلاقل والانقسامات التي تهتك نسيج المجتمع الذي عرف الوحدة قبل البشرية، وعلم العالم كيف يتم «توحيد» الدولة على يد ملك وقائد عسكري وطني، كما فعل الملك مينا قبل آلاف السنين. للأسف الشديد أيضًا، لم يخرج علينا الحكماء والعقلاء حتى الآن بمبادرة تحقن الدماء المصرية، وتقرب وجهات النظر، وتجنب مصر مزيدًا من التراجع الاقتصادي، والارتباك السياسي، والتطاحن الاجتماعي، وكان الأمل كبيرًا في شيخ الأزهر أن يطلق ويرعى مبادرة وطنية قادرة على إنقاذ مصر، مما هي مندفعة إليه، وقادرة على توحيد الصفوف لإنقاذ البلاد من الوقوع في براثن الانقسام والتقسيم، وانتشال العباد مما هم فيه من تطاحن وتقاتل لن تحمد عقباه. وحتى يهدي الله الحكماء في مصر إلى ما فيه خير البلاد والعباد لا يوجد منفذ ولا طريق للخروج من المأزق الكارثي الراهن، سوى البدء فورًا في العمل.. ثم العمل.. ثم العمل، فقد عانى الاقتصاد المصري عناءً شديداً منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم، ولا يتصور عاقل أن دعم الأشقاء العرب، والمليارات التي بدأ وصولها بالفعل ستكون بديلاً عن «زيادة الإنتاج»، ومع كل الشكر والعرفان للأشقاء، فنحن وهم نعرف أن جسر الدعم الاقتصادي لا بد أن يتوقف يوماً، وأننا لابد أن نعتمد على أنفسنا، وأن نتذكر أن أحد مساوئ النظام «المباركي» كانت اليد الممدودة دائماً «للشحاتة» على 80 مليون مصري!! وواصل «المعزول» د.مرسي نفس النهج، فاقترض من الجميع، وسمح للكباريهات بتجديد تراخيصها 3 سنوات متواصلة، بعد أن كانت «سنة.. بسنة».. المهم الدفع!! ولم يعد مقبولاً الآن الاستمرار في «مد اليد» والاتكال على الأشقاء والأصدقاء، وأكرر كل الشكر والتقدير لمن مد ويمد يد المساعدة في هذا الظرف الحالك، ولكن علينا أن نبدأ فوراً باستعادة كرامتنا وعزتنا والبدء في العمل الجاد، والإنتاج الذي يبهر العالم بجودته حتى يستعيد المنتج المصري سمعته المهدرة. .. كفاية «وقف حال».. أكاد أسمع المواطن المصري البسيط وهو يصرخ بهذه العبارة المخنوقة بمشاعر الفقر والعوز.. وهو الذي حبا الله بلاده خيرات، قلما أنعم بها مشتركة على أرض غير أرض الكنانة.. لا تجعلوا العامل والمزارع وسائق التاكسي والموظف والبائع ورجل الأعمال والعاملين بالسياحة والتجارة.. وغيرهم «يكفرون» بالثورات.. ومن قام بها منذ ثورة 1919 حتى الآن!!.. فقد تعثرت «أرزاق» ناس كثيرة، وتكاد عجلة الإنتاج «تصدأ» من التوقف، والمصانع تنعى من أنشأها، والمتاجر لا تجد مشترين.. توقفت الحياة في مصر.. منذ أمسك كل مواطن بآلة حاسبة ليعرف كم سيتبقى من الأموال المنهوبة بعد استعادتها!!.. ثم استمرأنا عدم العمل، وتحولنا جميعًا إلى منظرين سياسيين.. وانقسمنا بين التحرير وروكسي.. ثم التحرير و«رابعة العدوية».. واليوم يجب أن نستفيق مما نحن فيه، ونبدأ فورًا معركة العمل لاستعادة مصر، واستعادة ثقة رجال الأعمال المصريين الشرفاء ليعيدوا افتتاح مصانعهم، والمستثمرين العرب والأجانب لإعادة ضخ استثماراتهم وإيجاد فرص عمل، و«إنعاش» الاقتصاد الذي هو فعلاًَ في «الإنعاش»!!.. بعد ثورتين ورئيسين و5 حكومات خلال عامين ونصف!.. أفيقوا يرحمكم الله. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66