فيصل شاه زاد " 30 " عاما بشتوني من قرية محب بنده قرب بيشاور نجل نائب قائد سلاح الجو الباكستاني سابقا بحر العلوم يعد بلا منازع أول جهادي عالمي باكستاني بعد أن كان المسلحون الباكستانيون يعنون بالمحلي والأفغاني فقط في معاركهم وحروبهم الممتدة من كشمير والحرب على الجيش والحكومة الباكستانية إلى الحرب في أفغانستان لدعم مسلحي طالبان .. لكن فيصل شاه زاد كان أول مسلح طالباني ينزع إلى العالمية، واللافت انحداره من الطبقة الحاكمة سابقا وتحديدا من أب ليبرالي كان على صدام معه في توجهاته الإسلامية وهو ما قد يُعيد النظر الأميركي في أولاد وأنجال المسؤولين الباكستانيين الذين يدرسون ويعملون في أميركا والغرب كون الأبواب مفتوحة أمامهم بخلاف نظرائهم الباكستانيين الآخرين، حيث أن آلافا من أبناء المسؤولين الباكستانيين يتلقون منحا دراسية من مؤسسات أميركية سنويا.. شاه زاد بدأت ميولاته نحو العمل المسلح بعد عام 2006 ، وبرز ذلك بقوة عام 2009 حين كتب لأحد أصدقائه عن بحثه عن شيخ يفهم الدين ويعلمه أيضا ، ثم أتبع ذلك بالقول إن شيخي هو في الميدان،وعلى ما يبدو كان يشير بذلك إلى التدريب العسكري، خصوصا وأنه شن في بريده ذاك حملة على الإسلاميين المعتدلين وتصالحهم مع الغرب والحكومات .. البريد اللالكتروني الأخير لفيصل قبل اعتقاله يكشف عن طريقة تفكيره التي نشرت أجزاءً منه النيويورك تايمز :"..أعرف أن قتل الأبرياء محرم في الإسلام، ولكن هل تستطيع أن تقول لي كيف يمكن حماية المظلومين ؟؟ هل يتم ذلك بالاحتجاجات السلمية في الوقت الذي يمطر العدو صواريخه علينا وتجري بذلك أنهار من دماء المسلمين، كل واحد يعرف كيف أن الدول المسلمة تركع أمام الغرب، والكل يعرف الطريقة المذلة التي يتم معاملتنا بها في كل أرجاء العالم.." فيصل شاه زاد حصل على الجنسية الأميركية العام الماضي و أكد نظرية بدأ المتابعون لشؤون الجماعات المسلحة الحديث عنها وهي أن القاعدة و الجماعات المسلحة نزعت أخيرا إلى التركيز على أبناء الطبقة المخملية مثل عمر عبد المطلب النيجري نجل الوزير النيجري والآن فيصل شاه زادة نجل نائب قائد سلاح الجو الباكستاني سابقا إذ أن ذلك يوفر للمسلحين عدة ميزات على رأسها أن هذه الطبقة مثقفة ومتعلمة وعاشت في الغرب وبالتالي تنفيذ عمليات هناك على أيديها لن يكون بالأمر الصعب ما دام التحرك والتنقل والتأشيرة والإقامة لهم أمرا متيسرا، بالإضافة إلى أنهم سيكونون في منأى عن الملاحقة والمتابعة الأمنية إن كان على مستوى بلدانهم أو على مستوى الغرب بشكل عام ، فمن سيظن أن نجل وزير أونجل نائب قائد سلاح الجو سابقا سينضم إلى المسلحين التي نُمطت صورتهم على أن أتباعهم من الفقراء والمسحوقين والطبقات المهمشة، رغم أن ظهور أسامة بن لادن والظواهري ومنفذي هجمات الحادي عشر من سبتمبر أثبتت عكس هذه الصورة، لكن رغم ذلك لا تزال الصورة النمطية القديمة هي نفسها من أن أتباع المسلحين يعودون إلى الطبقات المسحوقة المهمشة والمحرومة .. حادثة تجنيد أمثال فيصل شاه زاد وعمر عبد المطلب أكدت للأميركيين أن الجماعات الجهادية المسلحة نجحت في توسيع مشروعها المعادي للأميركيين من خلال كسب عناصر جديدة وتركيز الجهد على " العدو الأميركي الأول " وهو ما يخيف الأميركيين في أن يظهر جيل جديد وأعداء جدد من أمثال فيصل شاه زاد بحاجة إلى سنوات من المتابعة الأمنية والعمل الأرشيفي والتجسس ونحو ذلك لمعرفة الأسماء والأجندات وغيرها من المعلومات المفيدة لإحباط الهجمات قبل حصولها، وهو الفترة الطويلة التي استغرقتها الأجهزة الأمنية الغربية في ملاحقة القاعدة ... ما حصل لفيصل وعمر عبد المطلب تكرر مع آخرين بطريقة أخرى ممن هم مقيمون في الغرب وهو ما يرفع وتيرة التوتر والقلق الأميركي ، فقد اشتبه في عدد من المقيمين على الأراضي الأميركية في تنفيذ عمليات مسلحة ، ومن بينهم نجيب الله زازي الأفغاني المتهم بمحاولة تفجير نفق في نيويورك، وبرينت نيل المتهم بمحاولة تفجير محطة في نيويورك ، وكذلك ديفيد هادلي المتهم هو الآخر بالتعاون مع منظمة عسكر طيبة الكشميرية في تفجيرات مومباي عام 2008 ، أما نضال حسن الضابط الأردني فقد أطلق النار على رفاقه المجندين الأميركيين في قاعدة هود العسكرية وهو ما أسفر عن مقتل 13 جنديا أميركيا وجرح 32 آخرين، اللافت أن حادثة فيصل أتت في توقيت سيء جدا للحكومتين الباكستانية الأميركية ففي الوقت الذي كان الرئيس الأميركي باراك أوباما يصف باكستان بالدولة النووية المسؤولية، ويتحدث المسؤولون الأميركيون أيضا عن شراكة استراتيجية بين الطرفين وبدء حوار استراتيجي جاءت الحادثة لتؤكد النزعة الباكستانية أن ما تريده أميركا من باكستان مصالح تكتيكية مؤقتة وليس مصالح استراتيجية دائمة، والدليل أن حادثة فردية منعزلة مثل حادثة فيصل شاه زاد دفعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كيلنتون إلى الخروج عن طورها بالقول إن مسؤولين باكستانيين يعرفون مكان ابن لادن والملا محمد عمر،وذهبت إلى أبعد من ذلك حين قالت إن ثبت تورط باكستان في هجوم تايمز سكوير فإنها ستتحمل عواقب وخيمة، وأكمل المدعي العام الأميركي إيريك هولدر الفراغات الكلينتونية حين قال إن الهجوم الفاشل يقود إلى مناطق القبائل الباكستانية ، كل ذلك ّما كشف عن عمق هشاشة العلاقة بين الطرفين التي هي أبعد ما تكون عن الشراكة الاستراتيجية العنوان الإعلامي المعلن ، وجددت أزمة اللاثقة بين الطرفين، فالمسؤولون الباكستانيون قلقون جدا من استلام الخارجية الباكستانية لطلبات حوالي 300 طلب تأشيرة لعسكريين أميركيين سابقين يريدون زيارة باكستان دون تقديم توضيحات كافية عن أسباب وملابسات زيارتهم وهو ما يشكك المراقبون الباكستانيون في أن تكون هذه الدفعة ضمن مخطط لعمل عسكري في مناطق القبائل الباكستانية المتهمة أميركيا بملاذ للقاعدة وطالبان، سيما وأن الإعلام الباكستاني حافل وبشكل يومي عن وجود شركات أمنية خاصة مثل البلاك ووتر وغيرها وبشكل غير قانوني .. السؤال الذي يطرحه الإعلام الباكستاني الآن هو هل فيصل شاه زاد عميل أميركي وهندي تم توريطه بطريقة ما من أجل توريط باكستان؟؟، وهنا يبرز أصحاب نظرية المؤامرة مسارعة واشنطن إلى اتهام باكستان وتهديدها بعواقب وخيمة إن ثبت تورط جماعات مسلحة باكستانية متعاونة معه، واستغل البعض الآخر ذلك بالحديث عن تورط طالبان البنجاب من أجل التمهيد لشن حملة على جماعات مسلحة كشميرية معروفة بوجودها في البنجاب مثل عسكر طيبة وهو ما يخدم الأجندة الهندية أولا، وثانيا سيفجر بدوره النسيج الباكستاني الذي يتعذر عليه حتى الآن تحمل عمليات بهذا الشكل في وزيرستان فضلا عن عمليات وجبهات جديدة في قلب باكستان وهي اقليم البنجاب، لكن ما يبدد نظرية المؤامرة هذه ما تردد عن القبض على رائد في الجيش الباكستاني متورط كما أشيع في التعاون مع فيصل زاد وإن كان الجيش يؤكد أن الاعتقال لأسباب انضباطية أخرى دون أن يدخل في التفاصيل ..