لايؤمن بالوطنية إلا من يذوب فى قيم التعايش .. ولايدرك ذلك جيدًا من تربي علي الإخلاص لثوابت خُطت من ثقوب ضيقة بواسطة مجموعة أو طائفة من الناس أرادت أن تُكون لنفسها أطرًا خاصة بقوانين ربما تخالف دستور المجتمع الأكبر الذي منحها الحياة وتربت بين أحضانه .. وأحيانا من فرط إخلاصها للفكرة لا تدرك أنها تعزف عزوفاً كليًا عن مصالح الوطن.. فالوطنية فى تعريفاتها تحقيق "أيدلوجيا" الجماعة .. ولاسبيل لنهضته إلا من خلال مايطرحونه من رؤي وأفكار .. على الجميع أن يلزم نفسه بها .. لايهم أن يكون رأي الجماعة خاطئ .. ولا يهم أن يُسيطر علي المجتمع التطرف الفكري والإقصائي من الجميع ضد الجميع عملاً بنفس الأفكار التي استخدمت لتحقيق رؤية الجماعة في إدارة دولة ضاربة في جذور التاريخ منذ فجر الإنسانية .. كانت دومًا بكل أبنائها عملاقه في عيون العالم .. المخيف أن المجتمع المصري يقف ربما لأول مرة في تاريخه علي أعتاب مرحلة فارقة قد تطيح بالأخضر واليابس .. ولن يبقي وطناً يحكمه أحد إذا ماتملكت نار وشهوة الإنتقام " التيار الاسلامي " .. وصارت دماء أبناءئهم مجرد وقود نيران تسعى لإعادة " الكرسي " بأي ثمن .. بالرغم من خروج الملايين ضددهم للتنديد بالعند الإخواني فى إدارة البلاد .. وليست الجماهير وحدها .. بل كل مؤسسات الدولة التي دخلت في صراع مرير بعد حملات وصفوها بالترهيب والتخوين والمحاصرة .. وهو مايجعل الإنسان في أشد الحيرة من مثابرة الإخوان ومناصريهم للعودة للحكم فى هذا التوقيت بالرغم من معاداة كل أجهزة الدولة التى انسخلت وانضمت فعليًا للتظاهرات المطالبة بإسقاط الرئيس السابق محمد مرسي قبل أن تعلن الدولة رسميًا على لسان قواتها المسلحة "عزل الإخوان ". قلناها مرارا وتكرارا .. لايقدم عاقل على مصادرة حق الاخوان في الوصول لأعلى هرم السلطة فى البلاد باعتبارهم فصيل وطنى .. وليس بيد أحد السطو علي حقهم فى تقديم مشروع إسلامى وسطى برؤية عصرية .. لا يقصى أحدا .. يفرض على المجتمع القيم والأخلاق الإسلامية السمحة .. ولكن حتى الأن لم يحدث ذلك .. بل على العكس .. هناك الكثير من المفاهيم والمفرادات التى تحكم أدائهم الإجتماعى والسياسي لابد من تغييرها لمصلحة الدين والوطن. الحقيقة الوحيدة التى يجب أن يعيها الإخوان قبل أن تنفجر الجماعة وتبيد نهائيًا .. أنهم فشلوا في إدارة الدولة من جراء عناد غريب إنتهجته قادتها بتشددهم في المواقف حتى جعلوا منها خصيمة كل وطنى مازال يبحث عن " الحب " في عيون المصريين جميعًا بكل طوائفهم.. وليس معني ذلك أنهم صاروا بعيدين عن حقهم في العودة للحكم .. بل مازالت الفرصة أمامهم للإندماج فى المجتمع الذي يفتح أحضانه لهم بإعتبارهم من أبناءه .. ولكن بمعايير " مصرية " .. تجمع ولا تفرق .. تحن ولاتقسوا .. ترحم ولا تزجر . أمام الإخوان فرصة تاريخية للخروج من عنق الزجاجة والوصول بالجماعة لبر الأمان حتى لا تصبح مزمومة من كافة أطياف المصريين .. وقتها لن يستطيع أحدًا البكاء على اللبن المسكوب .. فمصر لن تتنازل بعد اليوم عن كامل حصتها من هواء الحرية النقى .. والذي فهمت جيدًا معناه الحقيقي بعدما سُرب اليها منذ مايقرب من ثلاثة أعوام مختلطًا " بدخان الغضب " .. والكراهية .. والطائفية رغمًا عنها .. .. ويبقي النداء الأخير للإخوان .. حتي لايطير دخان التعصب ويتحول الي نيران غضب ضدكم .. تراجعوا فقط .. لوجه " الله والوطن ".