- الجيش المصرى تدخل عندما فشلت القوى والتيارات السياسية فى التوافق الوطنى - تهديدات الجماعات الإسلامية للمتظاهرين فى رابعة العدوية أجبرت "السيسي" على التدخل - الجماعة "بتطلع فى الروح" لذلك ستلجأ إلى سلاح الفوضى لترويع المواطنين - تكاتف الشعب والجيش والشرطة سيقضى على دعاة العنف والتطرف - القوات المسلحة لن تكرر خطأ المرحلة الانتقالية الأولى ولن تسعى إلى الاستيلاء على السلطة - "طنطاوى" طالب "مبارك" بالتخلى عن الحكم حقنًا للدماء وأخطأ عندما وافق على الأحزاب الدينية ولم يتمسك بمبدأ الدستور أولًا - المجلس العسكرى لم يخطط طوال 18 شهرًا للسيطرة على "عرش مصر" ومهدد للعودة لثكناته
أكد اللواء أركان حرب زكريا حسين، مدير أكاديمية ناصر العسكرية السابق، أن 30 مليون متمرد مصري خرجوا في 30 يونيه أسقطوا شرعية "مرسي" وأن انحياز القوات المسلحة للشعب المصري ليس انقلابًا عسكريًا، موضحًا أن الجيش المصري تدخل عندما فشلت القوى والتيارات السياسية في التوافق الوطني.
وقال اللواء حسين في حواره مع "المصريون" إن تهديدات الجماعات الإسلامية للمتظاهرين في رابعة العدوية أجبرت الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، على التدخل لحماية المصريين، وأن الجماعة بعد أن سقطت شرعيتها "بتطلع في الروح" لذلك ستلجأ إلى سلاح الفوضى لترويع المواطنين، مطالبًا الشعب المصري بالتكاتف مع جيشه ورجال شرطته للقضاء على دعاة العنف والتطرف.
وإلى نص الحوار:
** في البداية... كيف قرأت المشهد السياسي بعد قيام القوات المسلحة بتنفيذ رغبة الشعب المصري وقيامة بعزل "مرسي"؟
قرأته كما قرأه جميع المصريين، فقد انحازت القوات المسلحة للشارع المصري وقامت بتنفيذ رغباته، بعد أن فشلت في خلق التوافق الوطني بين جماعة الإخوان المسلمين وبين بقية القوى السياسية والأهم الشباب الثائر الذي خرج في الشوارع.
** البعض يتحدث عن أن ما قامت به القوات المسلحة يعد انقلابًا عسكريًا وخروجًا على الشرعية؟
كيف يكون انقلابًا عسكريًا وقد سقطت شرعية "مرسي" بخروج أكثر من 30 مليون متظاهر، مطالبين بسقوط النظام، القوات المسلحة فعلت مثلما فعلت في 28 يناير يوم جمعة الغضب، انحازت للمواطن المصري الذي يعد مصدر كل السلطات وقامت بإجبار مبارك على التنحي حفاظًا على الشعب المصري.
** معنى هذا أن ما قامت به القوات المسلحة هو دور أصيل وأن دورها في حماية الحدود المصرية لا ينفصل عن دورها في حماية الداخل؟
بالفعل.. فالأمن القومي مسئولية القوات المسلحة سواء كان خارجيًا أو داخليًا، فمهمتها في الدستور والتي تتدرب عليه نهارًا وليلًا حماية الوطن من أي عدوان خارجي أو داخلي، وفي هذه الحالة يجب أن تتحرك لحماية أفراد الشعب، وعادة ما تجد القوات المسلحة سهولة ويسر في الانتشار في الميادين وحول المنشآت، لأنها مدربة تمامًا على ذلك، وعندما يخرج الغالبية العظمى من الشعب المصري وينادي بصيحته التي سمعها العالم فيما يعرف بوثيقة تمرد، ثم تجد من يتوعد ويهدد بأن أنصار النظام يهدد الشعب المصري تستجيب القوات المسلحة دون دعوى من أحد لمساندة الشعب في الحصول على حقوقه، وكان الفريق أول عبد الفتاح السيسي على قدر من المسئولية ومنح جميع الأطراف مهلة 48 ساعة لتنفيذ مطالب الشعب، وإلا أنها ستقدم خارطة المستقبل تنفذ فيها مطالب الشعب.
** الكثير من رموز جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية يتوعدون الجميع بالقتل وإعلان الجهاد...؟
مقاطعًا.. هذا أمر طبيعي، فجماعة الإخوان المسلمين الآن "بتطلع في الروح" لذلك تستخدم سلاح الفوضى لترويع المواطنين، فهم مجموعة من المجرمين كبسوا على أنفاس الوطن وهم في مراحلهم الأخيرة لذلك يطلقوا الوعيد والتهديدات، وفي النهاية إذا كان في يدهم شيء كانوا فعلوه، وجميعنا رأيناهم وهم ينقضون بجحافلهم لقتل المتظاهرين أمام الاتحادية وفض الاعتصام بالقوة، وقتلوا وعذبوا بلا رحمة، هذه التهديدات تؤكد أنهم لا يملكون شيئًا يمكن القيام به، فإذا كانوا يملكون شيئًا يمكن القيام به كانوا حموا مقراتهم أو مقرهم الأكبر في مكتب الإرشاد.
** معنى ذلك أنه يمكن أن يكون هناك عنف سيمارس على الشعب المصرى من تلك الجماعات؟
الحقيقة التي يعلمها الشارع المصري وحتى الجماعات الإسلامية وجماعة الإخوان المسلمين أن التوازن الموجود في مصر اليوم ليس في صالح الإخوان المسلمين، وإذا حدثت أعمال عنف سيكون في شكل فردي، فالمؤكد أن شعب مصر وغالبيته إلى جانب القوات المسلحة، والجديد هذه المرة أن الشعب انضم إلى الشرطة أيضًا، وكل هذا يشير إلى نجاح ما يحدث في الشارع المصري، وحتى أعمال العنف التي ستجرى بدافع عقائدي ستكون محدودة طالما الشعب متماسك وموجود بهذا الشكل في الشوارع.
** ولكنهم يرددون على أن موقف القوات المسلحة عبارة عن انقلاب على الشرعية؟
هذا ليس صحيح.. والعالم كله يعلم ذلك، فالأغلبية هي التي تمنح الشرعية لأي رئيس، فمحمد مرسي جاء للحكم لأنه حصل على 51% من الأصوات، وإذا أجرينا مقارنة بين حجم الشعب المعارض وبين المؤدين نجد أن الأغلبية المطلقة الموجودة في الشارع لا تتوازن مع المؤيدين، وهذه هي الشرعية الحقيقية.
** هناك من يؤكد أن عزل "مرسي" بداية لعودة حكم العسكر؟
القوات المسلحة لن تكرر الخطأ السابق ولن تدير البلاد، ومن يقرأ البيان الذي أدلاه الفريق السيسي سيعلم أنه سلم السلطة بالفعل إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا لحين إجراء انتخابات رئاسية وكتابة دستور جديد، وتشكيل حكومة مكونة من 15 وزيرًا، وأن يتولى حكم مصر مجلس الدفاع الوطني.
** هل تعتقد أن القوات المسلحة تتعامل بحساسية هذه المرة في مسألة التدخل في الشئون الداخلية؟
هذا صحيح.. فالقوات المسلحة تعلمت الدرس جيدًا من تجربتها طوال عام نصف، وقررت أن تكون في مسافة واحدة مع الشعب المصري والقوى السياسية،وهي لن ولم تواجه الشعب المصري وتقف ضد رغباته، وسيكون عملة الرئيسي حماية المنشآت والأهداف الحيوية لمصر ولن تنحاز لأي فصيل سياسي.
** هناك دائمًا نقطة فارقة بين الانقلاب وحماية الأمن القومي متى تنقطع تلك الشعرة ويتحرك الجيش المصري؟
قمنا بقطع تلك الشعرة في تجربة سابقة وتحركنا عندما زادت المواجهات وحصل طوفان من البشر وصل إلى حوالي 20 مليون متظاهر في كل أنحاء الجمهورية طوال 18 يومًا متصلة، وكان لابد أن تتدخل القوات المسلحة لأن تتولى دورها لتنفيذ رغبة الشعب في تنحي النظام وفرض السيادة والسيطرة على الدولة، وهذا ما رأيناه في أحداث سقوط مبارك في فترة من 25 يناير عندما تدخلت القوات المسلحة عندما فرضت الجماهير تدخلها فهذا القرار ليس قرارًا سياديًا إنما قرارًا شعبيًا ولم نصل بعد إلى هذا المستوى الذي يفرض على القوات المسلحة التدخل لإسقاط النظام وإسقاط الحكم، واليوم يكرر الجيش المصري نفس السيناريو وينحاز للشعب المصري ولكن بعد أن تعلمت الدرس من الخطأ السابق.
** إذا في رأيك توجد سلبيات حدثت من المجلس العسكري أثناء إدارته للبلاد؟
بالتأكيد هناك سلبيات ولكنها جاءت وليدة الصدفة نتيجة ظروف دفعتها إليها الأحداث، ولم يفصح حتى الآن ما هي الدوافع الحقيقية التي دفعت القوات المسلحة للقيام بمثل هذه الأخطاء التي وردت في هذا التوقيت، لأنه لم تخرج معلومات أو تسجيلات واضحة عنها، بالإضافة إلى أن حسين طنطاوي لم يخرج ليكشف حجم الإيجابيات والسلبيات التي انتهى إليها دوره، وبالتالي فإن تصريحات المرشد لم يكن لها عمق ولا جذور ولا نوايا للتنفيذ، لأنه لا يمكن أن ينكر هو أو أعوانه من أن القوات المسلحة بقوانينها التي أصدرتها هي التي مهدت الطريق للإخوان.
** لذلك اتهم البعض المجلس العسكري بأنه عقد صفقه مع الإخوان المسلمين ليمكنهم من الحكم في سبيل الخروج الآمن؟
هذا ليس صحيح.. فلا توجد حقيقة واحدة تؤكد أن هناك صفقة تمت بين المجلس العسكري والإخوان المسلمين لتسليم عرش مصر لهم، فإن كان هناك اتهام على هذا المستوى من التحالف أدى إلى وجود إخواني، وإبعاد القوات المسلحة إبعادًا كاملًا، فلا يمكن أن يكون ذلك في إطار صفقة وتظل أبعادها مجهولة، لأنه إذا لم تعلنها القوات المسلحة سيعلنها آخرون.
** البعض يؤكد أن إقالة المشير ورئيس أركانه ثم تكريمهم بقلادة النيل دليل على وجود صفقة؟
ما كان معلنًا ومنذ اللحظة الأولى التي تولت فيها القوات المسلحة إدارة شئون البلاد، هو أنها ستستمر لفترة زمنية حتى تقوم ببناء مؤسسات الدولة ثم ستترك الساحة لمن يختاره الشعب، وبالتالي فبمجرد اختيار رئيس جمهورية قامت القوات المسلحة بتحقيق وعدها، ولا يمكن أن ننسى المليونيات التي قامت في ذلك الوقت سواء كانت بدافع ذاتي أو بدافع من آخرين، وكان المطلب الرئيسي هو إنهاء ما يسمى بحكم العسكر، فكان الوضع الطبيعي هو تسليم الإدارة للرئيس المنتخب، الذي أراد أن ينفرد بالحكم وأن يكون دور القوات المسلحة محصورًا في مهمتها الرئيسية، وهي التأمين، ولقد قبلت القوات المسلحة هذا الأمر بصدر رحب لذلك تم تكريمها.
** كان من الممكن إعادة المشير ورئيس أركانه إلى مواقعهم الأولى دون الإطاحة بهم؟
من يمكنه نفي ذلك.. فمن المحتمل أن يكون الرئيس طلب منه ذلك، وهو الذي رفض، خاصة أنه أعلن أكثر من مرة أنه يكفيه هذا الدور، لا أحد يمكنه أن يصل إلى حجم الحوار الذي تم بين المجلس العسكري ومحمد مرسي.
** في رأيك ما هي أبرز الأخطاء التي حدثت في الفترة الانتقالية الأولى ويجب تجنبها في الفترة الثانية؟
عندما قام مجموعة من المصريين يوم 25 يناير بالتظاهر لم يكن في مخيلتهم إنهم سيقومون بثورة، ولكن رد الفعل العنيف الغبي الذي قام به النظام وقيامة بدفع قوات الأمن المركزي بالتنكيل بالثوار، هو الذي أثار جموع الشعب المصري وجعلهم يخرجون إلى الشوارع، وبالتالي اندفع الشعب دون قيادة أو تفكير أو إحساس كأنها ثورة، وعندما انطلقوا في كل المحافظات بأعداد مهولة وصلت إلى حد خروج أكثر من 20 مليون متظاهر في وقت واحد، وهذا كان أمرًا غريبًا على مستوى العالم، لأنه أثبت عجز الأمن المركزي المواجهة، فكيف كان سيقاوم 20 مليون متظاهر، وبالتالي انهارت الشرطة التي كانت تمثل العامود الفقري الذي اعتمد عليه مبارك في قمع الجماهير وقهر الثورة، الأمر الذي أجبره على اللجوء للقوات المسلحة أملًا في ردع المتظاهرين، ولولا انحياز "المجلس العسكري" للشعب لعشنا التجربة السورية والليبية واليمنية.
** وهل حدث أي محادثات بين مبارك والجيش لقمع المتظاهرين؟
ما حدث أن الجيش لم يستجيب لهذه الرغبة على الإطلاق، فعندما أصبحت بوادر نجاح الثورة ضرورة ملحة، خاصة أن الجماهير لم يكن أمامها إطلاقًا إلا بديل واحد وهو إسقاط النظام، كانت القوات المسلحة في ذلك الوقت قد استطاعت أن تسيطر على كل الدولة، لذلك لم يكن أمامها في النهاية سوى أن تطلب من "مبارك" أن يرحل لأن الشعب لا يريده وهذا هو الدور الذي لعبه المشير طنطاوي، لأنه هو الذي طالب بتحقيق رغبة الشعب حقنًا للدماء، وفجأة وبلا مقدمات وجد نفسه أمام قيادة البلاد دون أن يكون هناك تخطيط محدد لإعادة صياغة مصر بما فيها من ميراث بشع تركه النظام السابق، والذي ظهر بعد أن تولى المجلس العسكري البلاد ووضح حجم القصور والفساد الذي يفوق تفوق البشر.
** هذا لا يعفيه من إنه لم يضع خطة بديلة خاصة أنه استمر 18 شهرًا؟
كان يمكن أن يضع المجلس العسكري خطة بالفعل ولكن ذلك إذا كان في نيته الاستمرار في الحكم، فعلى سبيل المثال الذي مكن ثورة 23 يوليو ومكن جمال عبد الناصر من الاستمرار حتى موته إنه كانت لديه النية للاستمرار في الحكم، إنما المجلس العسكري أعلن إنه يدير فترة انتقالية ثم سيعود إلى ثكناته، وإذا نظرنا في الفرق بين ما فعلته الإخوان المسلمين في فترة ستة أشهر وما فعله المجلس العسكري في فترة ثمانية عشر شهرًا، نجد أن "مرسي" أمكن من السيطرة على مفاصل الدولة، واليوم يسعى إلى خطة التمكين من وجود الإخوان المسلمين في كل مكان في الدولة.
** وما الأخطاء الأخرى التي ارتكبها المجلس العسكري؟
أعتقد أن الخطأ الأول الذي وقع فيه المجلس العسكري، ويعد الخطأ الأكبر الذي أوقع الوطن فيما آل إليه الحال هو أنه وافق على وجود أحزاب دينية، رغم أن ذلك لم يكن قائمًا في الدستور المصري، ولم يضف أي قيود عليه في الإعلان الدستوري الذي صاغه بنفسه في هذا التوقيت.