عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة غير فلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    نجم الزمالك السابق: نهائي الكونفدرالية يحتاج 11 مقاتلًا في الملعب    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    رقص أحمد السقا مع العروس ريم سامي على غناء عمرو دياب «يا أنا يا لاء» (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    بعد 94 دقيقة.. نوران جوهر تحسم الكلاسيكو وتتأهل لنهائي العالم للإسكواش 2024    قبل مواجهة الترجي.. سيف زاهر يوجه رسالة إلى الأهلي    «مش عيب تقعد لشوبير».. رسائل نارية من إكرامي ل الشناوي قبل مواجهة الترجي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    عاجل.. رقم غير مسبوق لدرجات الحرارة اليوم السبت.. وتحذير من 3 ظواهر جوية    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    حلاق الإسماعيلية يفجر مفاجأة بشأن كاميرات المراقبة (فيديو)    شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة "اصليح" بخان يونس جنوب قطاع غزة    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    تعادل لا يفيد البارتينوبي للتأهل الأوروبي.. نابولي يحصل على نقطة من فيورنتينا    حضور مخالف ومياه غائبة وطائرة.. اعتراضات بيبو خلال مران الأهلي في رادس    منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصريحات السيسى تؤجل الصراع مع الجماعة
مصر تلعب "عسكر وإخوانجية"
نشر في الوفد يوم 15 - 05 - 2013

خرجت تصريحات الفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، خلال تفتيش حرب بمقر الفرقة التاسعة المدرعة التابعة للمنطقة المركزية العسكرية بدهشور، لتلقي كرة البنزين علي النيران المشتعلة في الحياة السياسية، فالرجل أراد بتلك التصريحات أن يخرج الجيش من الملعب السياسي، بعد أن كان جالساً علي مقاعد الاحتياطي وتدفعه بعض القوي إلي النزول الي الملعب ليواجه الإخوان ويفوز بمباراة السلطة.
ولكن السيسي قرر في لحظة فارقة وفي توقيت اختاره بدقة أن يخرج الجيش من الملعب السياسي ويلقي الكرة في الملعب لتكون المباراة بين نظام الإخوان والمعارضة علي أن ينضم الجيش إلي الفائز في المباراة، وترك السيسي للشعب مصير تحكيم المباراة وتحديد الفائز فيها.
صحيح أن تصريحات السيسي أغضبت الحالمين بعودة الجيش ونظر إليها الكارهون لحكم الإخوان بحذر، وأسعدت الإخوان، والمؤيدين لهم إلا أنها رسمت خريطة لمستقبل الصراع السياسي في مصر بدون الجيش الذي قرر أن يقف في مفترق طرق بين ممرين لا ثالث لهما.. إما الرضوخ لحكم الجماعة والسير خلف الرئيس لو نجحت في تبريد حالة الغضب أو الانحياز إلي الشعب والانقلاب علي الرئيس لو قرر الثورة مرة أخري علي حكم الإخوان.
تصريحات السيسي امتداد لحركة 12 أغسطس الماضي التي قرر فيها الرئيس مرسي إبعاد العسكر عن الحكم وإقالة المشير طنطاوي وعدد من جنرالات المجلس العسكري، فمنذ تلك الفترة انفرد الرئيس بالحكم وسلب السلطة التشريعية التي كانت بيد المجلس العسكري بإصداره إعلان دستوري صدر وقت إقالة الجنرالات.
وبعد تولي السيسي وزارة الدفاع انشغل الجيش كله بالتدريبات القتالية الشاقة وابتعد عن السياسة مؤقتاً إلي حد أنه دعا القوي السياسة الي الحوار أكثر من مرة، واعتبر الكثير من معارضي الجماعة أن السيسي جاء لينفذ تعليمات الرئيس، حتي جاءت أزمة الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي وحصن من خلاله قراراته وحصن مجلس الشوري والجمعية التأسيسية من الحل وهو الإعلان الذي فجر عاصفة غضب شديدة بين القوي السياسية والثورية علي حكم الإخوان حتي ظهر الجيش من جديد بدعوته القوي السياسية إلي حوار القرية الأوليمبية، وهي الدعوة التي ازعجت الإخوان ودفعتهم إلي الضغط علي الفريق السيسي لإلغائها وهو ما حدث بالفعل.
ومنذ تلك الفترة بدأ المعارضون لحكم الإخوان والحالمون بعودة الحكم العسكري برسم آمال عريضة علي الجيش لتخليصهم من حكم الجماعة، وبدأت الدعوات تزداد بشكل كبير لعودة الجيش إلي الحياة السياسية إلي حد أن بعض السياسيين والقوي السياسية دعت الجيش إلي القيام بانقلاب عسكري، ولكن السيسي كان يلتزم الصمت ولم يعلق علي تلك الدعوات، وهو ما ازعج الإخوان كثيراً إلي حد قيام مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع بعد ذلك بمهاجمة قيادات الجيش في رسالتة الأسبوعية، وقال: «إن ضباط الجيش في حاجة إلي قيادة رشيدة»، قبل أن يتراجع عن تلك التصريحات وتبعة في الهجوم عدد من أعضاء الجماعة.
السيسي نفسه أعطي إشارات خضراء تحمل في طياتها انحياز إلي المعارضين لحكم الجماعة، وقام بالسير في مواقف عديدة عكس رغبة الجماعة مثل قيامه بتخصيص طائرة خاصة لنقل يسري فودة بعد إصابته وسط حالة الهجوم الإخواني علي الإعلام، كما اعترض الجيش علي كثير من مشروعات الجماعة الاستحواذية، منها مشروع إقليم قناة السويس وغيرها من المواقف التي كان لها رد فعل إيجابي علي المعارضين لحكم الإخوان وزادت من خلالها ثقتهم بالجيش وارتفعت حدة الدعوات بالثورة علي حكم الإخوان.
ولكن جاءت تصريحات السيسي أثناء حضوره تفتيش حرب الفرقة التاسعة لتعيد الأمور إلي مرحلة ما بعد إقالة طنطاوي وليدخل الصراع بين العسكر والإخوان في الثلاجة مؤقتاً انتظار لتغير المواقف، خاصة أن الأيام الماضية شهدت صراعاً وحرباً عنيفة بين الإخوان والجيش إثر تسريب الجماعة لبعض فقرات تقرير لجنة تقصي الحقائق في أحداث الثورة التي تشير إلي تورط الجيش في قتل بعض الشهداء، وهو ما استدعي إطلاق «السيسي» تصريحات عنيفة في حضور مرسي أقسم من خلالها أن يد الجيش لم تمتد علي أي مصري، وقام باستغلال احتفالات الجيش بأعياد تحرير سيناء، وقام بمخاطبة المواطنين بأسلوب عاطفي تعاطف معه الجميع، إلا بعض القوي الإسلامية التي هاجمت السيسي إلي حد أن المرشح الرئاسي المستبعد حازم صلاح أبوإسماعيل وصفه ب «الممثل العاطفي».
وحسب تأكيدات المصادر العسكرية فإن وزير الدفاع في الغالب لا يحضر تفتيش حرب الفرق العسكرية، وإذا حضر لا يكون في صحبة الفنانين والمثقفين والإعلاميين وأن ما فعله السيسي يوم السبت الماضي تقليد هو الأول من نوعه وذلك لأنه كان يريد أن يرسل رسائل سياسية عاجلة في هذا التوقيت تحديدا دون الانتظار لأي وقت آخر أو حادث سياسي يكون في حضور الإعلاميين والمثقفين.
بل إنه بتأكيدات المصادر المختلفة هناك 3 أسباب دفعت الفريق السيسي إلي إطلاق التصريحات التي أثارت الجدل علي كافة المستويات وبين مختلف القوي السياسية، بل أن نفس الأسباب هي التي دفعت السيسي إلي التصريح بما يخالف ما قاله خلال الأشهر التسعة الماضية وهي عمره في وزارة الدفاع وبما يخالف رغبة معظم الحاضرين معه.
السبب الأول والأهم يرجع إلي توقيعات حركة «تمرد» التي تدعو إلي سحب الثقة من الرئيس، التي تمددت بشكل كبير في الشارع ووصل عدد التوقيعات المؤيده لسحب الثقة من مرسي حتي الآن 2 مليون توقيع في أقل من 10 أيام وهي التوقيعات التي أزعجت الرئاسة وحزب «الحرية والعدالة» إلي حد أن الرئيس مرسي طلب الاستفسار والمعلومات الكاملة عن الحركة، كما قامت جماعة الإخوان بتشكيل مجموعات لقياس تطور الحركة ودراسة كيفية مواجهتها.
حركة «تمرد» التي تدعو أيضاً إلي حصار الاتحادية والدعوة إلي إسقاط الرئيس مرسي في ذكري توليه السلطة يوم 30 يونيه القادم، دعت الرئاسة إلي ممارسة ضغوط علي الفريق السيسي لإصدار تصريحات ترفع الغطاء السياسي عن تلك الحركة التي أيدتها عدد كبير من القوي السياسية والثورية الداعية إلي عودة المجلس العسكري مرة أخري.
السبب الآخر - بحسب تصريحات مصدر مقرب من جماعة الإخوان المسلمين - هو أن مكتب الإرشاد تلقي تقارير من بعض أمانات حزب «الحرية والعدالة» الذراع السياسية للجماعة يؤكد أن شعبية الجيش في ارتفاع مستمر، وأن أغلبية المواطنين أصبحوا يؤيدون عودته إلي الحكم بشكل كبير وهو ما يمثل تهديد صريح لحكم الجماعة التي تعتبر الجيش الآن هو العدو الاستراتيجي لها والخطر الذي يهدد استمرار حكمها.
توكيلات المواطنين للفريق السيسي أيضاً وضعت جرس إنذار للجماعة، خاصة أنها وصلت إلي عدد كبير في بعض المحافظات وهي التوكيلات التي تعتبرها الجماعة الذريعة الأساسية لتدخل الجيش في العملية السياسية، حتي الآن فشلت في إيقافها رغم محاولات التضييق الذي يتعرض لها المواطنون في الشهر العقاري عند تحرير تلك التوكيلات.
تلك الأسباب دفعت مؤسسة الرئاسة إلي ممارسة ضغوط هائلة علي الفريق السيسي وصلت إلي حد التلويح بإقالة عدد من القيادات المهمة في الجيش والخروج بمظاهرات ضده من القوي الاسلامية وستكون تلك المظاهرات ذريعة للرئاسة للتدخل في شئون الجيش.
ضغوط الرئاسة علي السيسي دفعته إلي التعجيل بمثل هذه التصريحات، خاصة أن هناك متغيرين حدثا خلال الأيام السابقة تدعم موقف الرئيس في مواجهة الجيش أولهما هو حديث القوي الإسلامية المضاد للجيش وهو الحديث الذي فهم منه أنهم من الممكن الدخول في عمليات جهادية مسلحة ضده علي غرار ما حدث في سوريا عند بداية المظاهرات وهو الموقف الذي قد يحول مصر إلي سوريا جديدة، خاصة أن سيناء تنتشر فيها مخازن السلاح والجماعات الجهادية التي تريد فرض الإمارة الإسلامية في سيناء.
الموقف الدولي أيضاً داعم لمرسي وصحيح أن هناك حالة عدم رضا علي أداء جماعة الإخوان، خاصة أنها فشلت في إخماد الحالة الثورية في مصر، إلا أن أمريكا مازالت تري فيها الجماعة القادرة علي تحقيق مصالحها في المنطقة وإلا لما انقلبت علي حكم العسكر الذي كان يمثله الرئيس المخلوع حسني مبارك القادم من المؤسسة العسكرية، كما أن زيارات بعض أعضاء الجماعة إلي واشنطن نجحت في تجميل وجه الجماعة مرة أخري.
تصريحات «السيسي» أيضاً حملت رسائل خفية إلي الإخوان والمعارضة فكانت أهم رسالة إلي المعارضة هي ضرورة الحديث عن ضمانات الانتخابات وهي الضمانات التي طالبت بها كل القوي السياسية، ولكن الجماعة كانت تصر في كل قانون انتخابات علي أن تضع تصورها فقط بما يخدم مصالحها ويخدم أهدافها الانتخابية، ولكن السيسي دعم موقف المعارضة في ضمانات الانتخابات وتأكيده علي أن الجيش سيقوم بالتأمين هي رسالة للمعارضة لكي تشارك في الانتخابات البرلمانية دون أي قلق من عمليات التزوير، كما أن مقولة: «إن الجيش نار لا تلعبوا بها»، موجهة إلي الإخوان، فالجيش يدرك أن الجماعة تريد أن تخترقه وتدير مخطط لتفكيكه حتي تسيطر عليه تماماً ويحذرها من الاقتراب منه.
الأخطر في تصريحات «السيسي» هو حديثه عن مرتكبي مذبحة رفح وتأكيده أن الجيش لا يعلم حتي الآن من هم.. وهي تصريحات في منتهي الخطورة، خاصة مع الحديث الدائر والتسريبات عن أن الجيش يعلم هوية القتلة وأن ثلاثة منهم ينتمون إلي حركة حماس، كما أن رفض السيسي مقابلة خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس حملت رسائل ضمنية بأن الجيش يعلم أن حماس وراء قتلة ضباط رفح وهو ما يطرح السؤال عن سر تغيير موقف السيسي الآن وفي هذا التوقيت تحديداً.
الأخطر من ذلك أن تصريحات السيسي عن أن نزول الجيش إلي الشارع سيؤخر مصر 30 أو 40 سنة كما قال، لا يمكن أن تصدر من قائد عسكري قال قبل 10 أيام من تلك التصريحات أن الجيش هو الضمانة الأساسية للشعب وتغيير المواقف في أقل من أيام يعكس انقلاباً في الخريطة السياسية بحيث يبقي الصراع بين القوي المدنية المعارضة والقوي الإسلامية التي تملك السلطة والميليشيات والقوة الآن.
الأهم من ذلك أن تصريحات «السيسي» التي يراها البعض تحمل وداً غير مألوف بين الإخوان والعسكر لا تعكس موقفاً ثابتاً من العسكر تجاه الجماعة ولكنه موقف متغير سرعان ما يتلاشي بعد تغير الظروف الحالية، فالفاشية الدينية التي تمثلها جماعة الإخوان لا يمكن أن تعيش في سلام وود مع الديكتاتورية العسكرية، فكلاهما يريد أن يكون فوق الآخر ويسيطر عليه ويطوعه لأهدافه، والدليل أن الصراع بينهما منذ ثورة 1952 لم ينته ولكنه تغير.
فبعد وصول عسكر يوليو إلي السلطة حافظوا علي علاقات مؤقتة مع جماعة الإخوان ولكنهم سرعان ما انقلبوا عليها وأداروا حرباً خفية ضدهم وسجنوا أعداءها وكانت أعنف ضربة وجهت إلي الجماعة أيام الرئيس جمال عبدالناصر، واليوم الجماعة في السلطة وتعلم أن الجيش عدوها الاستراتيجي بدليل أن الرئيس مرسي قال في أول كلامه: «الستينيات وما أدراك ما الستينيات»، في إشارة واضحة إلي ما تعرضت له الجماعة علي يد الرئيس جمال عبدالناصر.
الجيش يعلم تماماً أن الجماعة تتربص له وتريد أن تجهز عليه ولذلك فهو لن يبقي علي مساحة الود المؤقتة بينهما لفترة طويلة، ولكنه سيبقي علي حالة الحذر من الغدر الإخواني حتي يتغير الوضع الحالي والظروف الحالية وساعتها ربما يتخلي عن الجماعة، خاصة أن فكرة الانقلاب العسكري نفسها غير واردة في الوقت الحالي علي الأقل لأن المجتمع الدولي يرفضه، كما أن قطاعات عديدة من المجتمع لن تقبل به، وحديث «السيسي» عن أن الجيش لن يتدخل فهو يؤكد علي المعني الذي يعلمه الجميع فهو يحتاج إلي تحرك شعبي ضد الجماعة مثلما حدث في الموجة الأولي من الثورة في 25 يناير ودعم خارجي غير متوفر الآن.
اللواء محمد شفيق النجومي، الخبير الاستراتيجي قال: إن توقيت تصريحات السيسي مهمة جداً وتحمل دلالة معينة، ففي الغالب لا يحضر وزير الدفاع تفتيش الفرق العسكرية وإذا حضر لا يكون بصحبته الإعلاميون والمثقفون والفنانون وحضورهم يؤكد أنه يريد أن يقول رسائله في حضورهم مثلما فعل أثناء الاحتفالات بأعياد تحرير سيناء.
وأكد «النجومي» أن هناك دوافع عجلت بتلك التصريحات ودفعت الوزير إلي عدم انتظار أي موقف سياسي آخر ليقول تلك الرسائل أهمها حركة «تمرد» التي تجمع توقيعات لعزل الرئيس مرسي، التي وصل عدد التوقيعات فيها حتي الآن إلي ما يتعدي ال 2 مليون توقيع، والسيسي أراد أن يوصل رسالة بأن الجيش لا يؤيد هذه الحركة، كما أن توكيلات المواطنين إلي الفريق السيسي أزعجت الجماعة بشكل كبير، خاصة أن عددها يفوق ما توقعته بكثير.
وأشار إلي أن السيسي لم يتطوع من نفسه لإطلاق تلك التصريحات، ولكن هناك ضغوطاً هائلة مورست عليه من قبل مؤسسة الرئاسة فمن الصعب أن يقول وزير الدفاع بأن الجيش لو تولي الحكم سيعود بالبلاد 30 أو 40 سنة إلي الوراء والمفترض أن يفعل العكس، ولكن تلك التصريحات هي إدانة للحكم العسكري واعتراف بقصور العسكريين.
وقال النجومي: إن السيسي من الصعب أن يقبل ضغوطاً من تركيا أو من أي قوي أخري ولا يمكن الربط بين زيارته إلي تركيا وتلك التصريحات، ولكن من الممكن أن يكون هناك ضغوط من أمريكا فقط وهي القوي التي يمكن أن يتقبل منها السيسي الضغوط.
وأشار إلي أن تلك التصريحات أحبطت قطاعاً كبيراً من الشعب ولكنها جاءت نتيجة ضغوط هائلة من الممكن أن تكون وصلت إلي التعهد بإقالة عدد من الجنرالات الموجودين، ولكن ليس معني ذلك أن الجيش سيدافع عن مرسي ولكنه سينحاز إلي الشعب لو تكرر ما حدث في ثورة 25 يناير وقرر النزول لإسقاط نظام الرئيس محمد مرسي.
وقال محمد أبوحامد، البرلماني السابق: إن تصريحات السيسي إيجابية لأن المؤسسة العسكرية لها دور في الحفاظ علي حدود الدولة والحفاظ علي الشعب في الوقت نفسه، ولو أن ميليشيات الإسلاميين قررت النزول إلي الشارع سيتصدي لها الجيش، ولابد أن يقوم الجيش بهذا الدور، كما أنه لو قرر الشعب الثورة علي الإخوان فسينحاز إليها الجيش.
وأشار إلي أن الجيش يحافظ علي نفسه لأنه يتعامل مع جماعة محظورة عدوة للوطن وللدولة، فالجيش يعلم أن الإخوان هم العدو الاستراتيجي ولو تم إقحام الجيش في السياسة في ظل وجود الجماعات المسلحة يمكن أن يضر به ولكن موقف الجيش سيتغير لو أن الشعب قام بثورة علي حكم الإخوان ولو قال الشعب كلمتة سينحاز إليه الجيش.
وأكد «أبوحامد» أن السيسي أحبط محاولة لمرسي للبطش بقيادات الجيش الحالي وقام بضربة استباقية حتي لا تطيح الجماعة به بحجة أنه يساند الانقلاب العسكري وتلك التصريحات وضعت الجماعة في مأزق حقيقي، خاصة أنها كانت تفكر في إقالة السيسي.
وأكد عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تصريحات السيسي متزنة حتي لا يدخل البلاد في أزمة جديدة، والجيش منع أزمة سياسية ممكن تمر بها مصر، خاصة أن الصراع بين القوي السياسية في ظل وجوده طرفاً في الصراع يؤدي الي إنهيار الدولة
وقال «جاد»: إن حالة الوئام بين الإخوان والعسكر مؤقتة وإذا قررالشعب الخروج علي الجماعة والثورة عليها سينحاز إليها الجيش.
وأكد الفريق يوسف عفيفي، الخبير الاستراتيجي، أن أي وزير دفاع من المفترض ألا يتحدث بشكل مستمر لأن كثرة الكلام تقلل الهيبة، وكان علي «السيسي» أن يلتزم الصمت تجاه تجاوزات بعض الأفراد في حق المؤسسة العسكرية ولا يتحدث إلا في الأمور العامة، وهناك محاولات من الجماعة لتوريط السيسي في تصريحات مستمرة حتي يخطئ في أي تصريح، كما أن الشعب سيترجم تصريحات السيسي بمواقف مختلفة وهو ما تريده الجماعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.