على قمة تل عاصف يقع بين خنادق جيش مهجورة وحقول ألغام ترتفع سبعة توربينات رياح إسرائيلية مثل عمالقة أصابتهم الشيخوخة. وتمثل التوربينات التي يبلغ عمرها 18 عاما وتستخدم تكنولوجيا عتيقة جهد إسرائيل الوحيد لتسخير طاقة الرياح على نطاق واسع.لكن هذا على وشك أن يتغير. وبعد عقود من التركيز على الطاقة الشمسية وهو مشروع طبيعي لدولة تغطي الصحراء ثلثي مساحتها، تبدأ إسرائيل في ضخ الموارد لتطوير صناعة طاقة الرياح. وتقول إسرائيل إن جانبا كبيرا من الفرص في هذا المجال يقع في مرتفعات الجولان وهي موقع استراتيجي تغمره الرياح استولت عليه من سورية في حرب عام 1967. وسيكون مستقبل المنطقة المحورية التي كانت يوما من الأيام موقعا لحرب دبابات شرسة داعما أو عائقا لأي اتفاق سلام مع سورية. وأبلغ وزير البنية الأساسية الإسرائيلي عوزي لانداو "رويترز" أنه يتعين أن تشمل أي مفاوضات مع سوريا مشروعات مثل حقل التوربينات. وتقود شركتان مساعي طاقة الرياح وتعتزمان استبدال التوربينات المتقادمة بما تقولان إنه سيكون أكبر مزرعة لتوربينات الرياح في المنطقة. ويرأس المشروع شركة "مالتي ماتريكس" الإسرائيلية التي في طريقها لشراء نصف شركة "مي جولان" التي تدير توربينات الرياح. وقالت "مالتي ماتريكس" إن تكلفة الصفقة التي من المتوقع استكمالها في الأسابيع المقبلة ستدور بين 20 و25 مليون دولار. وتأمل المجموعة بالتعاون من شركة "ايه.إي.اس كورب" ومقرها الولاياتالمتحدة في بناء 160 توربينا ستنتج نحو 450 ميغاواط من الكهرباء. وامتنعت "ايه.إي.اس كورب" عن التعليق على المشروع. وقال رئيس مجلس إدارة شركة "مي جولان" زاهال هاريل إنه سيجري بناء أول سبعة توربينات في 2011 بتكلفة تبلغ نحو 27 مليون دولار. وأضاف أنه سيجري تشييد باقي التوربينات خلال عامين اعتمادا على الحصول على التراخيص النهائية وذلك بتكلفة تبلغ نحو 800 مليون دولار. وتقدر الشركتان أن المشروع سيحقق إيرادات في نهاية المطاف قدرها 150 مليون دولار سنويا. وقالت وزارة البنية الأساسية الإسرائيلية التي حددت هدفا لإنتاج عشرة في المئة من طاقة البلاد من مصادر متجددة بحلول عام 2020 إن هناك بالفعل تراخيص ممنوحة لتوليد 200 ميغاواط من الكهرباء. أما باقي قطاع الطاقة فسيستخدم الغاز الطبيعي المستخرج من حقول بحرية جديدة وواردات الفحم. وعلى مدى السنوات العشر المقبلة، تعتزم إسرائيل زيادة استهلاكها من طاقة الرياح إلى أكثر من ثلاثة أمثالها بينما ستزيد من إنتاجها من الطاقة الشمسية التي لاتزال مهيمنة بنسبة 40 في المئة فقط. وقال لانداو إن هذا القرار يهدف إلى خفض التكلفة. وبالرغم من أن اسرائيل من الدول الرائدة في العالم في تكنولوجيا الطاقة الشمسية إلا أنها تفتقر في الوقت نفسه إلى توليد الكهرباء بثمن رخيص. وقال لانداو: "حتى في الأشهر القليلة الماضية حدث تقدم في كفاءة توربينات الرياح التي تعد مناسبة جدا لأوضاعنا". وأضاف أنه مقارنة بالطاقة الشمسية ستتطلب مزارع الرياح دعما حكوميا أقل كما أنها تأخذ مساحة أقل من الأرض. وقالت السكرتيرة التنفيذية لشبكة سياسات الطاقة "ار.إي.ان21" فرجينيا سونتاج-أوبراين إن إسرائيل لديها امكانات ضخمة لتوليد الطاقة من الرياح وإن ذلك التحول ليس مفاجئا. وقالت أوبراين: "طاقة الرياح هي الاتجاه الرائج هذه الايام كما أنها قطاع الطاقة المتجددة الرائد في 2009 بلا منازع". وتبحث إسرائيل عن خيارات لتشييد عدد من مزارع الرياح في جميع أنحائها بما في ذلك في صحراء النقب في الجنوب وعلى طول الحدود بالتعاون مع الأردن. لكن رئيس مجلس إدارة "مالتي ماتريكس" أوري أوميد قال إن الاحتمال الأكبر يبقى في مرتفعات الجولان. واستأجرت المجموعة بالفعل أرضا لإقامة التوربينات من سكان المنطقة الدروز. ولا تسبب الآفاق الدبلوماسية غير المؤكدة قلقا لأوميد. وقال: "إذا عادت الأرض إلى سوريا ضمن اتفاق سلام فسيجري تعويضنا"، مضيفاً: "مهما يكن بوسع هذا المشروع أن يعمل لنا أو لهم (...) وسيكون هناك دائما من يحتاج إلى الكهرباء".