يبدأ الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم الاثنين جهودًا جديدة لبناء علاقات اقتصادية وتجارية مع العالم الإسلامي، لكنّ محللين يقولون: إن الحاجة إلى تحقيق تقدم في القضايا الهامة مثل السلام في الشرق الأوسط ستلقي بظلالها على مبادرته. ويستضيف أوباما مؤتمرًا لرجال الأعمال يستمر يومين ويجمع نحو 250 من كبار رجال الأعمال الناجحين من 50 دولة معظمها ذات غالبية مسلمة ليَفِي بالتعهُّد الذي قطعه على نفسه في خطاب وجهه في مصر للعالم الإسلامي في يونيو الماضي. وصرّح بن رودس (نائب مستشار الأمن القومي) بأنّ الرئيس الأمريكي سيلقي خطابًا في ختام اليوم الأول من المؤتمر ليؤكّد على التزامه " بتعميق تعاملنا مع المجتمعات ذات الأغلبية المسلمة في شتى أنحاء العالم". ورغم النظر إلى المؤتمر على أنه خطوة إيجابية تظهر حرص أوباما على متابعة ما بدأه في خطاب القاهرة يرى المحللون أن الحكم سيكون في نهاية المطاف على تعامله مع القضايا الكبرى في العالم الإسلامي مثل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية والبرنامج النووي الإيراني وحربي العراق وأفغانستان. وقال جوان زاراتي (المحلل بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ونائب سابق لمستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش): "لن يتم الوفاء بما قيل في القاهرة إلى أن نصل إلى حلول أوسع لعدد من المشكلات الجيوسياسية الكبرى". وقال: "سيحكم على الرئيس بقدرته على تحريك تلك القضايا الكبرى لا باستضافته مؤتمرًا في البيت الأبيض". وحاول الرئيس الأمريكي جاهدًا دفع بعض تلك القضايا قدمًا. وأعاقت الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية جهوده لأحياء عملية السلام في الشرق الأوسط كما قوبلت محاولاته للتواصل مع إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي بالصدّ. وتمضي إدارة أوباما في استراتيجيتها في الحرب في أفغانستان رغم العلاقات الأخذة في التوتر مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بسبب مخاوف من استشراء الفساد في حكومته. ويشير مسئولو الإدارة الأمريكية إلى خطوات أوباما لإنهاء حرب العراق والوفاء بما التزم به في خطاب القاهرة بإنشاء صندوق لتعزيز التنمية التكنولوجية وتعيين مبعوثين في مجال العلوم والآن استضافة مؤتمر رجال الأعمال. وقال زاراتي: "هذه الأشياء لا تضرّ بل تفيد، لكن يجب ألا نفرط في التفاؤل بشأن حدوث تأثير كبير لها." وصرح مسئول رفيع في الإدارة الأمريكية بأنّ قمة رجال الأعمال التي تستمر يومين تشارك فيها شخصيات متباينة تتفاوت أعمارها بين 20 و79 عامًا "الكل.. من تجمع دافوس إلى أناس لا توجه لهم عادة الدعوة لأشياء كهذه". ويشارك في جلسات المؤتمر وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ووزير التعليم أرني دنكان ووزير التجارة جاري لوك ومسئولون أمريكيون كبار آخرون إلى جانب خبراء بالقطاع الخاص منهم جيري يانج الرئيس التنفيذي لشركة ياهو ومحمد يونس مؤسس بنك جرامين وعارف نقوي رئيس شركة أبراج كابيتال الرائدة للاستثمار في الشرق الأوسط. والهدف من المؤتمر هو ترتيب لقاء بين رجال أعمال ناجحين في القطاعين الاقتصادي والاجتماعي من دول مختلفة ومستثمرين ومصرفيين متخصصين في التنمية وخبراء آخرين في قطاع الأعمال لبحث الأفكار وتبادل الخبرات بهدف إقامة شبكات داعمة تساعد على تعزيز التنمية في المنطقة. وحثّ البيت الأبيض جماعات من خارج الحكومة على المشاركة من خلال تنظيم فعاليات خاصة بها وتمخض هذا عن أكثر من 30 جلسة أخرى تنظمها جماعات منها غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية والتمكين العربي ومبادرة شباب الشرق الأوسط في بروكينجز. والتركيز على رجال الأعمال المهتمين بالقطاع الاجتماعي ورجال الأعمال المهتمين بالقطاع الاقتصادي يساعد بشكل خاص لأنه يجذب اهتمام الشبان الحريصين على أن يكون لهم تأثير خاصة وأن قطاعًا كبيرًا من السكان في العالم الإسلامي تقل أعمارهم عن 30 عامًا. وقال ديفيد هامود رئيس غرفة التجارة الأمريكية العربية الوطنية "الأولوية القصوى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يجب أن تكون لتوفير فرص عمل... هذا جزء من العالم به نسبة بطالة عالية بين الشبان وحين لا يجد الناس عملاً من السهل التورُّط في الرذائل." لكن المراقبين والمشاركين في الاجتماعات يرون أن نجاح المؤتمر يعتمد في النهاية على تحقيق نتائج ملموسة.. مالية وخلافها. ويعتزم أوباما الإعلان عن بعض التمويلات الجديدة لدعم رجال الأعمال لكن مسئولي الإدارة أوضحوا أنّ الحكومة الأمريكية لا تريد أن ينظر لها كمموِّل لكن كمحفز للتعاون بين رجال الأعمال والمستثمرين المحتملين.