أودعت محكمة جنح مستأنف البدرشين برئاسة المستشار حاتم العزبى، وعضوية المستشارين أحمد زكريا وعادل نصر وسكرتارية محمود كارم، وماجد سيد حيثيات حكمها ببراءة جميع المتهمين فى قضية حادث قطار المجندين المنكوب بمدينة البدرشين. كان الحادث قد أسفر عن مصرع 19 مجند وإصابة 117 آخرين، وإعادة القضية للنيابة لإدخال متهمين جدد فى القضية هم وزير النقل، ورئيس هيئة سكك حديد مصر، ونائب رئيس هيئة سكك حديد مصر لقطاع المسافات القصيرة، ورئيس الإدارة المركزية للصيانة لقطاع المسافات القصيرة، ورئيس الإدارة المركزية للمنطقة الوسطى لقطاع المسافات القصيرة، وقت الحادث وقالت المحكمة فى أسباب حكمها، وأن السبب الرئيسى للحادث يرجع إلى تشغيل القطار منذ عام 1977 . وتأكدت المحكمة أن القطار مخصص وتابع لقطاع المسافات القصيرة ولم يكن بإمكانه السير لمسافات طويلة تصل إلى مئات الكيلو مترات، حيث من المفترض أن يعمل القطار داخل الضواحى والقرى، ولا يجب أن يسير مسافة طويلة ولكن تبين أن القطار قطع مسافة تتعدى 350 كيلو مترا من محطة أسيوط إلى أن وصل إلى مكان الحادث بمزلقان محطة البدرشين، دون عارض سوى إخطار السائق بوجود شرز بالعربة الثالثة من الخلف من برج مراقبة المنيا، واتبع السائق الأصول الفنية، حيث توقف بمنطقة الفشن، وقام مساعد السائق بتفريغ الهواء، والاطمئنان على العربة واستكمال المسير، إلا أن الحادث وقع دون أى ملاحظة من عمال أبراج المراقبة والمزلقانات وهو ما يؤكد أن القطار خرج من محطة أسيوط دون أى عوارض أو إهمال من قبل طاقم الصيانة، كما أن اللجنة الفنية أكدت أن سبب الحادث هو سقوط الشيالة، الأمامية للبوجى الخلفى للعربة الأخيرة، ومحاشرتها فى الفلنكات أو كلبسات لتثبيت الذى أدى إلى خروج البوجى على القضبان، مما أدى إلى وقوع الحادث. ومن ثم قد أيقنت المحكمة أن السبب الرئيسى فى هذا الإهمال الجثيم هو مسئولى هيئة السكة الحديد، الذين خصصوا تلك العربات لقطع الرحلة الطويلة، بعربات غير مهيأة لذلك مع احتمالات وجود عوارض خلال المسير، وذلك دون إجراءات احترازية مثل إصدار تعليمات بتخفيض السرعة المعتادة على الرغم من تهالك البواجى "العجلات التى تحمل العربات"، وإجهاداها وتعرضها لعمرات متعددة، كما تناسى المتهمون عمر البواجى الافتراضى، وتخصيصها للمسافات القصيرة، بما يؤكد أن السائق ومساعدة والراد والملاحظ ومهندس الصيانة ليسوا هم سبب الحادث. وقالت المحكمة فى نص حكمها التاريخى، أنه لكى يرتاح ضميرها حيال كل تلك الأرواح التى أزهقت، لكى لا يفلت المتهم من العقاب أيا كانت مكانته أو منصبه، حيث أن منصة العدل تسير على خط واحد لا تنحرف عن الحق ولا تميل عنه ولا تجامل أحد بما يوجب الجزاء على الكبير والصغير دون محاباة، فإن المحكمة تنأى بنفسها عن محاسبة صغار موظفى الهيئة بلا ذنب أو أن يكونوا كبش فداء لرؤسائهم، إذ ثبت للمحكمة أن خطأهم كصغار موظفين لا يتجاوز خطأ إدارى هو اتباع التعليمات بالتوقيع على نموذج "ج"، وأن يأتى استكمالاً لإهمال الذى أصاب الهيئة بأكملها، حيث صاروا على نهج رؤسائهم. وأكدت المحكمة أن محاسبة المتهمين المقدمون للمحاكمة ينبغى أن تكون مرتبطة بتوفير المناخ المناسب لكى يؤدوا دورهم على أكمل وجه ويتحملوا مسئوليتهم حيال ذلك، وأنه من الظلم أن يحاسب هؤلاء المتهمون البسطاء على قرار تشغيل عربات قطار لأكثر من 36 عاما، وأن الخطأ فى هذا يقع على عاتق مسئولى الهيئة الذين سلبوا حق مواطنين فى الحياة، وتعريض حياة آخرين لانتهاك حقهم فى السلامة الجسدية ووقف المسئولين مكتوفى الأيدى أمام انتهاكات متكررة وغالبًا ما يدفع الفقراء ومحدودى الدخل ثمنها بعدم النظر إلى حياتهم وسلامتهم. وأبدت المحكمة تعجبها من أمر النيابة العامة التى التفتت عن تقديم كبار المسئولين للمحاكمة الجنائية، فى حين أنهم من سمحوا لقطار متهالك، بقطع مسافة تصل إلى 400 كيلو متر، لنقل خيرة أبناء هذا الشعب من جنوده، كنوا فى أسمى مهمة، وهى شرف خدمة الوطن، فتم تخصيص قطار متهالك لهم من قبل المسئولين الذين غاب ضميرهم.