* يموج بحر السياسة المصري بكثير من أمواج المظاهرات والاحتجاجات بعد ثورة 25 يناير بعد عقود طويلة سجن فيها الشعب المصري في كهوف الديكتاتورية المظلمة حالكة السواد . وطبيعي ومنطقي أن من عاش هذه السنوات العجاف فى كهف مظلم لابصيص فيه من النور ثم يفك أسره ويطلق سراحه فجأة ومرة واحدة فان النتيجة الطبيعية أن يصطدم الذين خرجوا من تلك الكهوف بحوائط وجدران المجتمع لان العين التى تعودت على سواد الظلام تحتاج إلى فترة ليست بالقليلة حتى تتعود على ضوء النور....! فتجد السجين الذي أطلق سراحه من كهف الظلام ثم خرج إلى النور يضع يده على عينيه يفركها ليزيل غشاوتها حتى يستطيع أن يرى أمامه مترا واحدا لان الرؤية الأفقية والراسية تكون معدومة تماما حيث أن الشوائب العالقة تعوق الرؤيا الصحيحة. ولا تفيد إشارات المرور على الطرق لمن أصيب بانفصال في الشبكية...! الشعب المصري كله هو ذلك السجين الذي أصابته كثافة الظلام فأصبنا جميعا بانفصال فى الشبكية فاصطدم بعضنا ببعض وخون بعضنا بعضا وامتدت أيدينا وألسننا بالسوء ضد بعضنا البعض لهدم كل القيم والمثل والأخلاق . * إن الحرية المطلقة بلا أدني تحمل للمسؤولية هى مفسدة مطلقة وفساد فى الأرض وتلويث لماضيه وتخريب لحاضره وتهديد لمستقبله . يقول العلامة الفقيه الشيخ الغزالي رحمه الله وهو يصف حال مجتمعنا اليوم " أؤكد عند فساد الفطرة لايوجد دين , وعند اختلال العقل أو نقصه لايفهم وحى , وإن الأوامر الجزئية المتناثرة المنفصلة عن روح جامع لاتكون سلوكا كما أن اللبنات المركومة وأسياخ الحديد الملقاة لاتنشئ بيتا...! " نعم وكأني بالعلامة والفقيه الكبير يقول أن أحزابنا السياسية اليوم هى بمثابة أسياخ الحديد الملقاة على الأرض لاهدف لها ولا قيمة لها فضلا عن فشلها فى إقامة نظام سياسي قوى صلب يحمى البلاد والعباد . * عندما يفيض بحر السياسة المصرى بأمواج مضطربة من الاحتجاجات والمظاهرات والوقفات وتعطيل حركة الحياة دون وجود سدود قوية تتصدى لهذا السيل العرم من تلك الأمواج فانه بلا ريب ستنهار كل السدود وستفتح كل الحدود وستنهش الفوضى بأنيابها الحادة جسد المجتمع حتى يخر ويهوى فى بئر الاستسلام وساعتها لن يفيد كلام ولا سلام...! فإذا كان الزرع يموت إذا كثر عليه الماء , فان المجتمع يغرق إذا كان عدد أحزابه السياسية يفوق عدد مواطنيه...! *. إن الاحتجاجات السلمية الراقية بمطالب واضحة لالبس فيها ولا غموض هى صلب العمل السياسي الايجابي البناء الذي يفيد ولا يضر ويبنى ولا يهدم و يصلح ولا يفسد. وهى دليل قاطع على نضج العقل السياسي المصري . كما أنها برهان ساطع على أن العقل السياسي يتطور تلقائيا باستخدام آليات حضارية مدنية لتحقيق رغباته وطموحاته. أما الاحتجاج بقنابل الملوتوف وحرق المنشآت وقطع الطرقات والتعدي على الأبرياء وإسالة الدماء فهذا أول السفر وآخر الوداع وبداية الاعوجاج والانحراف والانجراف وجر الوطن من عنقه شطر قبلة المتربصين المشتاقين إلى بحور الدماء لكى تعم الفوضى ويتحول الوطن إلى مستنقعات آسنة فاسدة راكدة يحوم حولها البعوض , ويتكاثر حولها الدود , ومااكثر البعوض والدود إذا كان وراءهم عدو ماكر لدود...! * ياعقلاء الوطن وحكماؤه : * لايقبل العقل الرشيد ولا يستسيغ المنطق السديد أن يتحول الشعب كله وبكامل طوائفه وأحزابه وجماعاته إلى متظاهرين ومحتجين ونشطاء سياسيين ومحللين استراتجيين...! ورغم ذلك نرشق بعضنا بعضا بالحجارة ونسينا أننا شعب له جذور ممتد فى أعماق الحضارة..! * لايقبل العقل الرشيد ولا يستسيغ المنطق السديد أن نستبدل صندوق الانتخابات الذي ارتضيناه حكما بيننا وشاهدا علينا بصندوق اسود ممتلئ بالقنابل والمفرقعات. * لايقبل العقل الرشيد ولا يستسيغ المنطق السديد أن تتحول المظاهرات إلى حرق للمنشآت وحصار للمقرات وقطع للطرقات وإسالة للدماء . * لايقبل العقل الرشيد ولا يستسيغ المنطق السديد أن تتحول الاحتجاجات إلى تحطيم لمحطات الكهرباء وتجريف الأرض وتلويث العرض وتدمير الأخضر واليابس . * لايقبل العقل الرشيد ولا يستسيغ المنطق السديد أن نبسط أيدينا ونفتح قلوبنا لقتلة ومفسدين ومجرمين اندلعت ضدهم شرارة الثورة فأسقطتهم بل وأحرقتهم ثم نراهم اليوم يحشدون قواهم من جديد لتعود مصر إلى سيرتها الأولى. * لايقبل العقل الرشيد والمنطق السديد أن نضع أيدينا فى أيدي الذين يفككون صرح الوطن ويهدمون بنيانه طوبة طوبة لكي يسوا بنيانه بالأرض فلا يعلو بنيانه يوما ولا تشرأب أعناقه إلى العلا فيظل الوطن كسيحا يتكئ على عصا وهو يسير فى الطريق . * لايقبل العقل الرشيد والمنطق السديد أن نستبدل قوة الحق بحق القوة ودولة القانون والدستور بدولة السيوف والسنج والمطاوي والملوتوف . * لايقبل العقل الرشيد والمنطق السديد أن نستبدل العقل بالجنون والحكمة باللكمة والوفاق بالشقاق والحوار بلهيب النار ووحدة الوطن بتقسيمه وتقطيعه وتوزيعه قطعة قطعة على أرباب السوابق لان هذا لايجوز فضلا عن انه أمر غير لائق. * ياعقلاء الوطن وحكماؤه : * إن بداية. الاعوجاج أن نتبع سياسة الأرض المحروقة..! أن نحرق الأرض ومن عليها بلا عقل أو شرع أو دين أو قانون أو دستور...! * إن طريق الغواية سهل وميسور وطريق الانحراف معلوم وطريق الانجراف واضح ومكشوف لكل ذى عينين. * إن بداية الاعوجاج أن تعتدي على منافسك السياسي فتحرق خيمته وتخلع أوتادها وتلوث سمعته وتشوه سيرته وتسرق فرحته . * إن بداية الانحراف أن تحقن أوردة أتباعك بحقن التنويم السياسي الإجرامي بأن الصعود إلى سلم الحكم لابد أن يكون على الجماجم وان الارتواء من العطش السياسي لابد أن يكون بنزيف الدماء وان الشبع والرضا من مناصب الدولة لابد أن يكون بنهش لحم الخصوم السياسيين..! * إن بداية الانجراف أن تنجر من عنقك إلى مهاوى الردى وساحة الوغى حيث لايوجد عدو حقيقى فتستهلك جهدك فى ميدان لاعدو فيه وتبذل وقتك فى ساحة لاخصم فيها وتنفق مالك فى بطولات وهمية . فتترك العدو الوطن الحقيقي وتشهر السلاح فى وجه أبناء الوطن بلا ذنب اقترفوه أو جرم فعلوه. * بداية الخسران أن تنسحب من عقلك فيختلط عليك الحابل بالنابل والحق بالباطل والأبيض بالأسود فيصبح العدو صديقا والصديق عدوا والوطني الأصيل يصبح عميلا والخائن العميل يصير أصيلا. * بداية السقوط أن تهبط فى مستنقع التمويل الخارجى لتعمل أجيرا باليوم الواحد عند أعداء الوطن الذين يتربصون به كما يتربص الذئب الجائع بفريسته ويسارع الريح ليلحق بها ويفترسها ويتغذى على دمائها. * بداية الانهيار أن تصبح سيدا على أبناء وطنك تفرض عليهم شروطك واملاءاتك حتى توافق على الجلوس والحوار معهم وفى نفس الوقت تخضعون كالعبد المملوك الذي لايقدر على شئ أمام الأسياد فى عواصم الإلحاد...! * ياعقلاء الوطن وحكماؤه : * هل تريدون أن يتشرد شعبنا فتحمل نساؤنا متاعهن فوق رؤوسهن ويفترشن الطرقات كمتشردات متسولات بلا مأوى يسألن الناس أعطوهم أو منعوهم وما نساء سوريا عنا ببعيد...؟ * هل تريدون أن يتشرد أبناؤنا فيبحثون عن ملاجئ فلا يجدون فيتحولون إلى أبناء شوارع يدمنون المخدران ويتعاطون المسكرات ويبيتون فى الكباريهات مع الغازيات..؟ * هل تريدون أن يتحول شبابنا إلى قطاع طرق ولصوص وبلطجية يمارسون أعمال الشغب والقتل والتدمير فى غياب وطن كان يسمى يوما دولة..؟ مالكم كيف تحكمون. * هل تريدون أن يتحول الوطن إلى قبائل متناحرة وفصائل متقاتلة وعشائر متصارعة وأحزاب متنافرة يقتل بعضهم بعضا ويتآمر بعضهم ضد بعض ..؟ * ياعقلاء الوطن وحكماؤه : * طريق الاحتجاج واضح وطريقه معلوم ومعالمه محدده ولسنا بصدد اختراع علمي لم يكتشفه احد من العالمين . ولايوجد نظام حكم قوى فى أي نظام ديمقراطي دون معارضة رشيدة قوية بناءة تبني ولاتهدم , تعمر ولا تخرب , تصلح ولا تفسد . . وطريق الاعوجاج والغواية والخراب والفوضى والتدمير سهل وميسور لمن أراد أن يسلك طريقه. فالشيطان يقف على ناصية شوارعه ينصح ويعظ ويخطط ويدبر ويرشد إتباعه ومااكثر أتباعه ومحبيه ومسانديه...! * في زمن كثر فيه من يفسد وقل فيه من يصلح . * في زمن كثر فيه من يتكلم وقل فيه من يسمع . * في زمن كثر فيه من يأخذ وقل فيه من يعطى . * في زمن كثر فيه من يجادل وقل فيه من يعمل . * فى زمن كثر فيه أتباع الباطل وقل فيه أتباع الحق . * فى زمن كثر فيه أتباع الشيطان وقل فيه أتباع الرحمن . * فى زمن كثر فيه أتباع الكذابين الدجالين وقل فيه أتباع الصادقين المخلصين . * إن الساعة لاتقوم إلا على أراذل الناس ولايبقى إلا حثالة كحثالة التمر والشعير كما جاء فى الحديث الشرف . فهل اقتربت الساعة وانشق القمر..؟ * فى زمن كثر فيه الروبيضة أتباع كل ناعق وزاعق وسارق ومارق وقل فيه أتباع الحكماء والعلماء والشرفاء والعقلاء .
* قولا واحدا : لايمكن العودة إلى الماضي الجريح وامن الوطن وسلامة أراضيه هى مسؤولية الجميع رئاسة وحكومة ومعارضة وشعبا . ومن نظر فى العواقب أمن من النوائب حفظ الله مصر وشعبها إلى يوم الدين . عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.