عندما يقع الخطأ الفادح من صحيفة صغيرة أو هامشية أو ذات إمكانيات مالية أو بشرية محدودة يمكن أن تلتمس لها العذر وتتأول لها الأخطاء ، ولكن أن تقع صحيفة في حجم "الشروق" في خطأ يرقى إلى مستوى الفضيحة ، فإن الأمر يستدعي تحقيقا وليس بحثا عن تأويلات أو التماس الأعذار ، فلا يمكن أن نفترض الجهل والرعونة في أن تنشر صحيفة مثل الشروق مقالا سوداويا يقطر سما لكاتب تعرف هي نفسها قبل غيرها أنه يهودي متصهين ويعمل في أحد المراكز البحثية المتصدرة للمشهد الصهيوني في الولاياتالمتحدة ، لكي يتمطع على صفحات الشروق ويصف حركة حماس بالإرهابية ، ويصفي أحقاده مع بني جنسه الأتراك ، هذا بالضبط ما حدث في المقال الذي نشرته الشروق بتاريخ 10 مارس 2010 للكاتب التركي اليهودي المتصهين "سونر كاجابتاي" ، وتحت عنوان "نقطة التحول التركية" نشرت الشروق لكاجابتاي ، شتائم وطعون يهودية تمثل تصفية حساب مع حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب أردوغان ذي الأصول الإسلامية الذي أهاج الدوائر الصهيونية الأمريكية أيام العدوان على غزة وما بعده ، فحاول الكاتب المتصهين أن يصور الأوضاع في تركيا على أنها مؤامرة دينية إرهابية أصولية بين حزب العدالة ودعوة الشيخ فتح الله كولن الإصلاحية التي لا تشتغل بالسياسة أصلا ، يقول المقال : (ظل حزب العدالة والتنمية الحاكم وحلفاؤه من غلاة المحافظين، حركة فتح الله جولين، المعروفة بحركة الجولينيين، يرسلون عملاء شرطة متعاونين معهم للتنصت الإلكترونى على كبار ضباط الجيش واعتقالهم بتهمة التخطيط لانقلاب على الحكم) وهذا الكلام السخيف والمؤامراتي الذي لم يقدم عليه أي دليل ولن يقدم ، هو "كلام مصاطب" كما يقول العامة في مصر ، مجرد شتائم واتهامات مرسلة للتشويه ، كما أن اتهام أتباع فتح الله كولن بأنهم يتجسسون على الجيش التركي ويخترقون الشرطة ، هو كلام مما يمكن تجريمه قانونا ، ويضيف المقال المتصهين قائلا : (ويقوم حاليا مدعون عامون من أتباع الحركة الجولينية باعتقال مدعين عامين علمانيين كانوا يحققون فى شبكات تمويل تديرها الحركة وفى علاقاتها بإرهابيين فى الشيشان وحركة حماس) ، ولو لم يكن في مقاله سوى هذه الفقرة لكانت كافية لأي محرر في الشروق لكي يدرك أن كاتبها صهيوني بامتياز ، يرى أن فتح الله كولن كان يدعم الإرهابيين في حماس ، وهذه جريمته ، حتى لو صحت ، في نظر مقال صحيفة الشروق ، ثم يستمر المقال على هذه الرؤية السوداوية التآمرية المختلقة ضد العلامة الشيخ فتح الله كولن وحزب العدالة والتي لم يقدم عليها أي دليل أو شاهد ، لكي يصل إلى القول بأن عملية الكشف عن محاولات الانقلاب التي ينظر فيها القضاء التركي حاليا من قبل قيادات عسكرية سابقة ، هي مؤامرة من أتباع فتح الله كولن وحزب العدالة ، ويقول : (وفى عام 2002، دعموا حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات التى جلبت الإسلاميين للسلطة، وبالمقابل، قام حزب العدالة والتنمية بتعيين الجولينيين فى مناصب رئيسية فى كل مؤسسة علمانية، ابتداء بالمحاكم وحتى فى مجموعات الضغط فى مجال الأعمال وكذلك الإعلام، ما عدا الجيش. والهدف من الضغط الحالى من قبل الحركة الجولينية على الجيش هو تحطيم القلعة العلمانية الأخيرة. وأحد المخرجات المحتملة لهذه العملية هو أن الجيش إن تحطمت معنوياته قد يقبل الإسلاميين فى صفوفه، ويخسر بالتالى هويته) وهو هنا يكشف عن كراهيته العميقة "للهوية الإسلامية" لتركيا كما يكشف عن دفاعه المستميت عن جنرالات الجيش العلماني ، وهو دفاع ليس عشقا في العلمانية وإنما كراهية في أي معلم تركي يرمز إلى "هوية" تركيا المسلمة ، أو علاقتها بالعالم الإسلامي فضلا عن تصفية الحساب مع أردوغان وحزب العدالة الذي عاقب الدولة الصهيونية في أكثر من موقف وأهاج عليها الدنيا أيام العدوان على غزة ، بقي أن أقول أن صحيفة الشروق هي ذاتها التي نشرت تقريرا بتاريخ الأول من مارس نفسه ، أي قبل عشرة أيام فقط من نشرها هذا التقرير الفضائحي ، ذكرت فيه عن سونر هذا ما نصه ( سونر كاجابتاي مدير البرنامج التركي في المعهد المحسوب على اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة) ، من الذي سمح بنشر كلام الصهاينة في الشروق يا أستاذ سلامة ؟! [email protected]