* لقد من الله على شعب مصر بثورة 25 يناير المجيدة التي أخرجت الشعب المصري بأكمله من ظلمة نفق الاستعباد والاهانة إلى نور الحرية والكرامة . ومن ضيق الديكتاتورية إلى سعة الديمقراطية. ومن ظلم وظلام الحاكم الابدى الذي لايسال عما يفعل إلى ضياء ونور حق الشعب فى انتخاب من يمثله بلا تزوير أو تدنيس أو تدليس من زبانية إبليس...! . وتنفس الشعب نسيم الحرية بعدما ضاق صدره وانحبست أنفاسه كأنما يصعد فى السماء بسبب غلق النوافذ وإحكام الأقفال على أبواب الحرية التي اقتحمها الشعب وفتحها على مصراعيها واسقط صناديد الاستبداد فى مهاوى الردى إلى غير رجعة. * لقد انتفض وهب الشعب فى صعيد واحد كبيرهم وصغيرهم , رجالهم ونسائهم , شبابهم وأطفالهم ضد نظام لم يرع فى مصري إلا ولا ذمة واستخدم كل أدوات البطش والقتل والسلخ والجلد , المحلى منها والمستورد لقمع إرادة الشعب وخلع أنيابه وتقطيع ثيابه وتلطيخ وجهه وحقن جسده بحقن اليأس والقنوط حتى رفع الشعب راية الاستسلام 30 سنة كاملة من الحكم بقانون الطوارئ قتل من الشعب من قتل واعتقل من اعتقل وسجن من سجن وشرد من شرد وفصل من عمله من فصل وفقد بصره فى السجن من فقد بل وفقد عقله من فقد من هول التعذيب الجهنمي الذى لوصب على النهار لأصبح ليلا ولو صب على رأس الولدان لصاروا شيبانا...! * ولكن مما يحزن القلب ويصدم الفطرة ويعطل سريان الدم فى العروق ويعوق النبض فى الصدور أن أصدقاء الأمس صاروا أعداء اليوم...! وان الذين وحدتهم صيحات الحناجر فرقتهم طعنات الخناجر. وان الذين جمعتهم دفء القبلات فرقتهم برودة الاتهامات . وان الذين جمعت شملهم ميادين النفير فرق بينهم تقسيم العير. وان الذين ألفت بين قلوبهم مطالب الثورة فرقت بينهم مغانم الثروة . وإن الذين التقوا على شرف الميدان فرق بينهم نوح الغربان . وان الذين رفعوا باقات الورود فرق بينهم مكر وخبث القرود ...! وذلك بما كسبت أيديهم وماربك بظلام للعبيد . * إن القبلة التي وحدت الثوار هى سر الأسرار وسبب الانتصار ويوم أن ضلت بوصلة الثورة طريقها وتشعبت أهدافها وتفرق شبابها هذا اسلامى وهذا ليبرالي وهذا علماني وهذا اشتراكي وهذا يساري وهذا اصولى , يوم أن خرجت الافاعى من الجحور وهدمت الذئاب كل الجسور واطفات أفواه الكراهية مصابيح النور ودخلت الثورة النفق المظلم وفقدت القدرة على الإبصار وأوشك صرحها على الانهيار واصطدمت بحوائط الصد ففقدت توازنها وخسرت تماسكها وأضحت قاب قوسين أو ادني من العودة إلى نقطة التجمد فى ثلاجة دفن الثورات بعد أريقت فى سبيلها دماء الشهداء وأصيب من اجلها الآلاف من الشرفاء وترملت من اجلها مئات النساء وهذا مما يندى له الجبين إلى يوم الدين...! . * لامناص ولا فكاك من أن يعود كل الثوار بشتى انتماءاتهم تحت راية الثورة مع اختلاف توجهاتهم وتنوع أيدلوجياتهم وتباين نظرياتهم لان نبل الأهداف وسمو الغايات يذوب معه وفيه كل هذه التوجهات . وان بوتقة الثورة يجب أن ينصهر فى حرارتها المطامع الشخصية والمكاسب الحزبية والخلافات الفردية فتعلو مصلحة الوطن فوق مصلحة الفرد وتسمو المصلحة العامة على المصلحة الخاصة وتعلو المبادئ العامة على المطالب الذاتية. * هذا هو الطريق الوحيد إن أردنا انتصارا ولم نرد انكسارا . * هذا هو الطريق الوحيد إن أردنا أن نجنى المنح ولم نرد أن نحصد المحن . * هذا هو الطريق الوحيد إن أردنا إحسانا وتوفيقا ولم نرد خسرانا وتلفيقا..! * هذا هو الطريق الوحيد أن أردنا أن نرتقي على سلم القمم ولم نرد أن نقبع ونرسو فى قاع الرمم...! . * هذا هو الطريق أن أردنا أن نجنى ثمار التوافق ولم نرد أن نتجرع مرارة التراشق. * هذا هو الطريق أن أردنا أن نلتقي على كلمة سواء ولم نرد أن نكون أعداء. *هذا هو الطريق أن أردنا أن نحلق بأجنحة النصر فى السماء ولم نرد أن نهبط بإثقال الهزيمة فى أدغال ووحل الشقاق . * ياثوار مصر : * يطيب لي أن أسألكم والسؤال حق لى : ماولاكم عن قبلتكم التي وحدتكم ..؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة الشرف و التحدي والصمود والانتصار....؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة التوحد والألفة إلى التشرذم والانكسار......؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة الهمم العالية إلى مهبط وقاع الرمم البالية..؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة العزة والكرامة إلى قاع المذلة النابية........؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة العظمة والإجلال إلى خيبة الأمل والاختلال..؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة الغاية الواحدة إلى مفترق الطرق المتعددة...؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة الوطن الجميل إلى قبلة التحزب الذميم.......؟ * ماولاكم عن قبلتكم قبلة الصبر والاستمرار بدلا من الفتن وإشعال النار.؟ * ياثوار مصر : انه من العيب والعار أن يضع بعضكم يده فى ايدى من خرب هذا الوطن وهدم صرحه وبنيانه وحول الوطن إلى أطلال تنوح فوقها الغربان ويشيب من هولها الولدان. اختلفوا مع الرئيس كيف شئتم وعارضوه كيف شئتم وتظاهروا ضده أنى شئتم وانتقدوه وحكومته بما شئتم ولكن كل هذا فى كفة وان تضعوا أيديكم الطاهرة البريئة الشريفة فى الايادى الملوثة بدماء الشهداء فهذا وحده فى كفة أخرى. لان هذا أمر خطير وكارثة حقيقة وحفرة عميقة لايجب السقوط فيها...! ولاعذر لكم بعد اليوم أمام الله وأمام الشعب وأمام دماء الشهداء أن تحولوا المعارضة إلى حرق الأخضر واليابس أو إن شئت فقل سياسة الأرض المحروقة. * ياثوار مصر : *إن كان للموت سكرات وللعلماء هفوات وللحكماء زلات فان للثورات لعثرات...! ألا فاحذروها ولا تتساقطوا فيها واحد تلو الآخر. لان الحفرة عميقة والخطة قديمة عتيقة والنيران ساعتها لن تكون صديقة..! فلا تبلعوا الطعم كالسمك لان السمكة إذا بلعت الطعم المقدم لها فهذا ليست حبا فى سواد عيونها ولا فى انتفاش ريشها ولا فى جمال لونها ولكن فقط لاصطيادها...! فإن اصطادوها وخرجت من الماء إلى الشاطئ فلاتلومن إلا نفسها ولن ينفعها ساعتها بكاء الحبيب ولا دهشة الغريب ولا دواء الطبيب لأنها للتقطيع معرضة والى النار مصيرها والى بطون الجوعى مستقرها وهذا قدرها التى اختارته لنفسها يوم أن بلعت طعم الصياد الماهر الماكر..! * ياثوار مصر : إلى الله لوذوا.. والى الحق عودوا .. وبأوقاتكم وجهدكم فى سبيل نصرة الحق جودوا ولا تضيعوا جهدكم وأعمالكم هباء منثورا وحددوا أهدافكم ولا تتشعبوا فى طرق الغواية فتفرق بكم عن سبيل الحق والعدل والمساواة . وان لم يجمع بينكم الحب فلا اقل من أن يجمع بينكم الاحترام . واعلموا أن عدوكم يتربص بكم الدوائر ولن يفوت الفرصة إذا اختلفتم وفشلتم وذهبت ريحكم أن ينقض عليكم انقضاض الذئب الجائع على رقبة فريسته لغرس أنيابه فى لحمها ومص دمها ثم فى النهاية يحلى فمه بقرقشة عظامها نكاية فيكم وانتقاما منكم..! فهل على ذلك توافقون أيها الشرفاء المجاهدون..؟ * واذكر بقول الحق عز وجل " واعتصموا بحبل جميعا ولا تفرقوا " فان لم تعتصموا بحبل الله فباى حبل بعده تعتصمون ..؟ وان لم تسيروا على طريق الله فعلى أى طريق غيره تسيرون..؟ وان لم تلتقوا وتتوحدوا وتتآلفوا على منهج الله فعلى اى منهج دونه تلتقون وتتوحدون وتتآلفون..؟ *ياثوار مصر من تمام المروءة أن تنسى الحق لك وتذكر الحق عليك وتستكثر الإساءة منك وتستصغر الإساءة إليك. فانسوا مالكم من حقوق على أوطانكم حتى يتعافى وتذكروا ماعليكم من واجبات حتى يقف الوطن على قدمين ثابتتين ولا تضخموا تقصير الوطن فى حقوقكم وتستصغروا تقصيركم فى حق الوطن . والله معكم مادمتم على طريق الحق سائرون وعن عرضه مدافعون.