يحزن المرء، وتترقرق عيناه بالدمع، وهو يرى نخبة تتصارع على أشلاء وطن، وإعلاميين ينهلون من بحر الكذب والتضليل، ومتفيهقين يتاجرون بثورة لم تجف دماء شبابها. يحزن المرء، وهو يرى نخبة عمياء، "فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور"، وقد تكفنت ضمائرهم، ولاذوا بالبهتان والخداع، دون حياء أو حمرة خجل، حتى صار الوطن يدفع كل يوم ثمن العبث من نخبة فاسدة، وسياسيين وإعلاميين وقانونيين ودستوريين – إلا ما رحم الله-، لا يراعون في مصر إلًّا ولا ذمة. أزعم.. وكلى يقين أن النخبة المصرية أضرت بالثورة المصرية ضررًا شديدًا، ونجحت في تفريغها من مضمونها، وهي لا تختلف إطلاقًا عن عصابات البلاك بلوك.. فقط هم يظهرون بالملابس الأنيقة في السهرات المسائية، لكنهم ملثمون يقطعون الطريق على إرادة شعب، ويسلبون مكتسبات الثورة، ويروعون وطنًا بأكمله. نخبة تقصفك يوميًا ب"المولوتوف السياسي"، وهى تناضل بالتويتات والمداخلات التليفزيونية، وبعضها يناضل بأثر رجعي، بعد ابتلاع لفافة بانجو أو حشيش مدعيًا الثورية، والنضال، وجبينه لم تلامسه نقطة عرق. قانونيون تحولوا إلى ترزجية، وإعلاميون وصحفيون باتوا نشطاء سياسيين، ورموز وطنية تحولوا إلى ملاكمين في حلبة المصارعة الحرة، وقيادات حزبية أصبحوا "أجرية"، وثوار انشغلوا ب"التتويت". والله إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنّا لحال مصر لمحزونون، ومن نخبة فاسدة شاكون، وإلى الله المشتكى والمصير.. نعم المولى ونعم النصير. أتضرع إلى الله شاكيًا من نخبة تتصارع على الغنائم تلو الأخرى، وهناك وطن مثخن الجراح، نخبة تتاجر بأحلام شعب بحثًا عن قناطير مقنطرة من الذهب والفضة، أو انتصارًا لحزب أو نفس، وهم في ذلك ينطقون زورًا وبهتانًا. ألا لعن الله السياسة وساس ويسوس وسائس ومسوس، وكل ما اشتق من السياسة، فإنها ما دخلت شيئًا إلا أفسدته. اللهم إنا نشكو إليك ضعف قوتنا وهواننا على الناس، أنت أرحم الراحمين، إلى من تكلنا؟ إلى عدو يتجهمنا؟ أم إلى قريب ملكته أمرنا؟ إن لم يكن بك غضب علينا فلا نبالي، غير أن عافيتك أوسع لنا، نعوذ بوجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن ينزل بنا غضبك أو يحل بنا سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم من تفيهقوا علينا وضللوا ألبابنا، فشتت شملهم، وفرق جمعهم، واجعل بأسهم بينهم، وأشغلهم بأنفسهم، وأخرجهم من بيننا مدحورين، خزايا نادمين. اللهم.. إنا نشكو إليك ظلم "نخبة" ضلت وأضلت، وزلت وأزلت، فاطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم، ورد كيدهم في نحرهم واجعل تدميرهم في تدبيرهم. اللهم كما قال عبدك سعد بن أبي وقاص: أَمَا وَاللَّهِ لأدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هَذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ. اللهم من أضلنا فأضله، ومن كاد لنا فكد له، ومن مكر بنا فامكر له، ومن نهب أموالنا، فاجعلها حسرة عليه. اللهم يا منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب، عليك بمن سفك دم شهدائنا، وضيع ثورتنا، ونهب أموالنا، وأهدر إرادتنا، اللهم أرسل عليهم جندًا من جندك، واهزمهم كما هزمت الأحزاب قبلهم. يا من أهلكت قوم نوح وعاد وثمود وصالح وشعيب، وأهلكت فرعون الذي علا في الأرض وقومه، وكل جبار معتد، أهلك كل مزيف مضلل، وكل كذاب أشر، وكل معتد ظالم، واكفنا منهم بما شئت وكيف شئت. اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد، اللهم أحبط يا ذا الكيد المتين كيدهم، وأبطل يا خير الماكرين مكرهم. اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم. اللهم لا تدع لهم سبيلًا على أحد من عبادك المؤمنين. اللهم احفظ ثورتنا.. وولِّ خيارنا، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واجعل هذا البلد سخاءً رخاءً وسائر بلدان المسلمين.. اللهم آمين.