وزير الشؤون البرلمانية "حاتم بجاتو"، قال يوم أمس 9/6/2013: "إن القوات المسلحة طلبت إرجاء تصويت العسكريين إلى يوليو 2020 لاعتبارات الأمن القومي". والحال أن هذا التصريح بالغ الغرابة، ويطرح عددًا من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة عاجلة: فلمَ تحدث بجاتو؟! وأين المتحدث الرسمي للقوات المسلحة؟! وطلب الأخيرة بتعليق التصويت، لسبع سنوات مقبلة، كان موجهًا لمن؟! للرئاسة أم للشورى؟!.. وما علاقة الأولى والثانية بالأمر في مجمله؟! ثم إن حق التصويت كان "حكمًا" من الدستورية العليا.. فهل يجوز للمؤسسة العسكرية، التدخل في شأن قضائي رفيع، وترجئ تنفيذ الحكم وتحدد موعدًا بعيدًا لتنفيذه، سبع سنوات؟! وما هي حدود صلاحيات الجيش فيما يتعلق بتنفيذ حكم قضائي؟!، وهل من صلاحياته وقف التنفيذ، حتى ولو تحت اسم "اعتبارات الأمن القومي"؟!.. ومن هي الجهة التي تمتلك وحدها وحصريًا، تحديد ما هو "أمن قومي" وما هو "أمن مركزي"؟! وماذا ستفعل المؤسسة العسكرية، حال توجه ضباطها وجنودها، إلى صناديق الاقتراع وأدلوا بأصواتهم مسلحين بحكم أرفع سلطة قضائية في مصر؟ً!.. هل سيحاكمون عسكريًا؟!.. وبأي تهمة سيحاكمون؟!.. وكيف يحاكم مواطن أمام القضاء العسكري، "عقابًا" على ممارسة حقوقه الدستورية، والتي أقرها الدستور، وثبتته المحكمة الدستورية العليا؟ ثم إن الجيش "طالب" بوقف تنفيذ الحكم بحسب بجاتو على افتراض أنه المظلة التي ينتظم تحتها أفراده من العسكريين.. غير أن الحكم تحدث عن "حق" المواطنين في المجمل بغض النظر عن هويتهم المهنية، ولم تتحدث عن "المؤسسة الجيش".. وهو حكم يرفع الوصاية المؤسساتية على الأفراد فيما يتعلق بهذا الحق على وجه التحديد. وإذا صح كلام بجاتو، فإن الأمر يبدو خطيرًا في معناه الحقيقي.. لأنه يعني صدامًا بين مؤسسات الدولة.. وربما يضع المؤسسة العسكرية لأول مرة أمام المحكمة الدستورية.. لأن حكمها واجب النفاذ ولا يحق لأي مؤسسة أخرى الاعتراض عليه، ولا تعليقه أو تجميده. وقد يفهم الناس من كلام وزير الشؤون البرلمانية، أن طلب الجيش، يجيز للسلطة التنفيذية العمل به.. وهو كلام يعني أن هناك سلطة أخرى، هي أعلى من سلطة المحكمة الدستورية. لا شك في أن كلام بجاتو سيفضي إلى أزمة كبيرة، وأخشى أن يتعمد صناع القرار البحث عن الحلول السهلة، ويتجاهلوا حكم تصويت العسكريين.. لأنه والحال كذلك يعتبر نوعًا من العبث.. لأن أية انتخابات قادمة، سواء رئاسة أو برلمانية تجري مع حرمان العسكريين والشرطة من الإدلاء بأصواتهم.. ستفضي بالتبعية إلى انتخاب رئيس "غير دستوري" وبرلمان باطل ومنعدم. إنها "الحفرة" التي حفرها الإخوان وحلفاؤهم بأيديهم.. ومن حفر حفرة لأخيه وقع فيها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.