لقد أزعجنى ردود الأفعال التى تثار هذه الأيام حول قضيتين, أولهما سد النهضة الأثيوبى والثانية هى عودة العلاقات مع إيران والسياحة الإيرانية. والسبب أن ردود الأفعال أكدت لى اننا نعيش حالة من الإنهزام النفسى والإحساس بالعجز بشكل لاأجد له مبررا منطقيا. ففى القضية الأولى لاتجد إلا عويل وصراخ على المستقبل الأسود من الجفاف والقحط الذى ينتظر مصر ؟!. والعجيب أننى لم أسمع وسط هذا الصراخ الذى لايصدر الا عن أطفال او عاجزين, الأصوات العاقلة الرزينة التى تزن الأمور بقدرها وتعرف قدرنا جيدا. أيها السادة لماذا نتكلم بهذا الضعف وهذه الإنهزامية ونحن مصر أقوى دولة إفريقية بلا منازع وأعرق إمبراطورية عالمية بلا منافس. وليس هذا كلام من إستدعاء الماضى السحيق أو الغرور المضلل ولكنه حقيقة واقعة وللأسف يعلمها ويرصدها أعداؤنا ونحن آخر من يشعر بذلك. لماذا نتعامل مع هذا الملف بهذا الضعف وعندنا من أوراق القوة الكثير التى تجعل الطرف الأثيوبى هو الذى يأتى الينا ليتفاوض كيف يرضينا لتنفيذ السد. لماذا لدينا تلك الإنهزامية النفسية ونحن لدينا كثير من العقول الذكية التى تستطيع ابتكار كثير من الحلول العبقرية لجعل مشروع السد لاقيمة له ولاتأثير. وقد أطلعت على تقرير مشروع نهر الكونغو ومن المؤكد أن العقول المصرية الذكية وماأكثرها قادرة على إيجاد حلول عملية كثيرة. أيها السادة لماذا نتكلم بهذا الهوان وعندنا أفضل جهاز مخابرات فى أفريقيا ومن الأفضل على مستوى العالم والذى يملك كثيرا من أوراق الضغط لتجعل الطرف الآخر يندم أشد الندم على إرتمائه فى أحضان اليهود ويهرول لنيل رضاؤنا. أيها السادة لماذا نتباكى بهذا المنظر ونحن لدينا النخبة من القانونيين الأفذاذ الذين يستطيعون إنتزاع حقنا التاريخى والمفروض من نهر النيل بقوة القانون الدولى ورغم أنف من يريدون إقتطاع جزء منه أو يعتقدون انهم يستطيعون التحكم فيه لتعمد الضرر لنا. أما فيما يخص القضية الثانية فإننى اعجب أشد العجب عن كل هذا الخوف والإرتجاف من عودة العلاقات مع إيران والسياحة الإيرانية, ومثل الأولى لاتجد الا الصراخ بأن مصر سوف تصبح شيعية. والغريب لماذا لاتخاف إيران نفسها من عودة العلاقات والإنفتاح علينا من أن ينتشر المذهب السنى ويطغى عليهم, والأعجب لماذا لم يطرح أحد فكرة أن عودة العلاقات قد تساهم فى رفع المعاناة عن السنة فى إيران ومنحهم كل حقوقهم كاملة . وأنا أيضا لاأجد أى مبرر منطقى لتلك الهزيمة النفسية التى نشعر بها فى التعامل مع هذا الملف رغم أننا نملك الحق ونتبع المذهب القويم بلا ريب. أيها السادة الم يأن الأوان لأن نستعيد ثقتنا فى أنفسنا, ونؤمن بقدراتنا التى تمكننا من أن نستعيد المجد التليد الذى يليق بنا, ونتعامل مع التحديات التى تواجهنا من منطق القوة والمقدرة على تحقيق مصالحنا رغم أنف أعدائنا. ألم يأن الأوان لأن نكف عن الحديث عن الماضى أو الصراخ على الحاضر والمستقبل ونشمر عن سواعدنا ونحفذ الهمم فينا ونعمل ونؤمن اننا سننجح فى استعادة الريادة ةالتى لاتليق الا بنا.