فى كثير من الأحيان تجد الحياة بين الرجل والمرأة مستقرة، فكلاهما على خلق ولا يوجد مشاكل مادية، والعلاقة الخاصة بينهما منتظمة ومرتضيها كلا الطرفين.. ولكن القلب غير مرتاح والنفس غير مطمئنة وثمة شيء ما مفقود!!! إن كانت تلك حالتك.. فلا يوجد غيرها.. فتش عن العاطفة.. فتش عن أكسير الحياة.. فقد تغير حياتك ويرتاح قلبك أو تعرف الداء فتؤثر الصبر.. في كلتا الحالتين سترتاح، فإذا عرف السبب بطل العجب.. فالعاطفة شيء معنوي مستقل تمامًا خلط الناس بينه وبين الحب تارة وبينه وبين الرغبة تارة أخرى.. ولكني أراها حالة وجدانية يولد بها الإنسان تتحكم بها الوراثة.. وقد تؤثر فيها البيئة والتجارب، فربما ترفع من درجتها أو تقلل منها.. فتجد إنسانًا درجة عاطفته عالية جدًا فيحتوي أكثر الأشياء من حوله حتى تراه يتعلق بالشوارع وجدران المنازل وتربطه علاقة عاطفية قوية ربما ببلاد أو أمم.. وقد تكون العاطفة أقل فتجده مرتبطًا عاطفيا بأهله وذويه فقط، وقد تكون تجاه امرأته وأولاده فقط، وربما يكتفي ببعض العاطفة تجاه أولاده دون امرأته، ثم تراه فقير العاطفة تجاه غيرهم.. وقد يتقوقع على نفسه فلا يحمل لأي مخلوق إلا القليل من العاطفة التي لا تسمن ولا تغني من جوع.. فيتخلف ويصبح مصابًا بتخلف عاطفي، فلا تكاد عاطفته تدرك الحد الأدنى المطلوب ليشمل المقربين منه فيدخل التجارب الزوجية، ويخرج منها دون أن تخرج عاطفته من مرحلة الطفولة المبكرة.. طفل لا يرى إلا نفسه. فكما ترى فالعاطفة لها مقياس ولكل منا درجته العاطفية.. فمتى تقاربت الدرجة العاطفية بين الرجل والمرأة وكان كل منهما يشبه الآخر عاطفيًا نجحت العلاقة.. إذا كانت متوازنة في باقي النقاط المادية والجنسية والأخلاقية.. ومتى اختلفت الدرجة العاطفية بين الرجل والمرأة ظهر الضجر والتذمر، فهذه لا تستقر عاطفيًا ولا تشعر بكامل الإشباع العاطفي والرضا التام عن زوجها، إلا إذا كان زوجها هو صديقها الحميم، الذي يلازمها ويحتويها.. فما الحال إذا ما رزقت بزوج يتزوج كشكل اجتماعي وليعف نفسه وينجب الأولاد، ولكنه مستقل تمامًا بحياته وأصدقائه وعمله.. فحتى لو كان صاحب خلق حميد ودين ومقتدرًا ماديًا ومنتظمًا مع زوجته في علاقتهما الخاصة.. فلن تسعد زوجته فقد قابل فيضان عاطفتها بقليل من العاطفة فحطم آمالها وحرمها الاتزان النفسي والشعور بالرضا والإشباع.. ونفس المعاناه قد يعانيها رجل كثير العاطفة لا يقبل إلا أن يكون المحور الذي تدور حوله زوجته لا يرضي منها أن يكون ظل الرجل بدلًا من ظل الحائط أو يكون المصدر المادي لها وفقط.. فمهما كانت متدينة ومطيعة ومريحة في العلاقة الخاصة فهو غير راضٍ يشعر كأنه يقود سيارة ليست ملكه ولا يصل للرضا عنها إلا إذا شعر بأنه يملك كل عواطفها وأنه الملك المتوج على قلبها وعقلها معًا. ويبقى الآن سؤال مهم يستحق الإجابة عنه: ماذا نفعل إذا كنا سقطنا فعلًا في مثل هذه الزيجات، التي لا يوجد بها توافق عاطفي بين الزوجين.. وإليك الإجابة: يجب أن يغير قليل العاطفة نفسه ويتدرب على العطاء فيرقى من درجته العاطفية ويجب على كثير العاطفة أن يدرك أن شريكه المحدود العاطفة مهما ارتقى بها فلن تصل إلى حد الامتياز مثله، كمثل محدود الذكاء فمهما فعلت به لن يصير عبقريًا ولكنك ستنمى ذكاءه إلى درجة ما أكثر بكثير مما كان بها.. ولذلك فقبول الآخر والصبر عليه والرضا بالحياة الزوجية هو الحل الأمثل، فربما الحياة على أمل وهمي بالتغيير الكلي لم يجدِ شيئًا، فرفيق حياتك لم يقصر تجاهك، ولكنها قدراته العاطفية التي فطر عليها.. ولذلك فحسن الاختيار ومحاولة فهم الآخر قبل الزواج مهم جدًا. فربما يرتاح الزوجان فقيرا العاطفة كل منهما مع الآخر وتنجح حياتهما ويرتاح الزوجان كثيرًا العاطفة مع بعضهما البعض، ويعيشان حياة دافئة، وكذلك يجب أن نفصل بين أمور في غاية التعقيد.. خلط الناس بينها خلطًا عجيبًا وهي العاطفة والحب والرغبة، وهذا ما سنتناوله في المقال القادم بإذن الله.