قتلت الموضوع بحثًا عن الحقيقة.. حقيقة الفشل الذريع بالرجل والمرأة.. حقيقة الحلم الوردى الذى يعيشه كل منهما قبل الزواج، ثم سرعان ما يتحول إلى كابوس مزعج بعد الزواج. جلست أفكر فى الدعامات التى ترتكز عليها العلاقة بين الرجل والمرأة ومدى تأثيرها على فشل الحياة الزوجية أو نجاحها.. فوجدت أنها أربع دعامات أساسية 1- الدعامة المادية 2- الدعامة المعنوية 3- الدعامة الجنسية 4- الدعامة العاطفية.. ووجدت أن الدعامات المادية والمعنوية والجنسية هى دعامات منها ما هو واضح من قبل الزواج، ومنها ما يأخذ بعض الوقت ثم يتضح عاجلا أم آجلا، تستطيع أن تضع يدك على السبب الحقيقى للمشكلة. ولكن تبقى الدعامة العاطفية السر الخفى لفشل الحياة الزوجية أو الجندى المجهول لنجاحها الذى لا يعرفه أحد وسأستفيض فى شرحها، ولكن نجعلها فى آخر كلامنا.. ونبتدئ بالدعامة المادية. الماديات هى الأمور الواضحة من دخل شهرى وشقة وممتلكات وخلافه.. وآفة تلك الدعامة هى الكذب أو عدم المصارحة أو الجهل.. فقد يكذب الرجل فى إمكاناته المادية أو على أقل تقدير يخفيها ويتجنب الحديث عنها ويتجنب المكاشفة، رغم أن الوضوح والصراحة قد تجنب الحياة الزوجية كثيرًا من المخاطر، وأولها فقدان ثقة الزوجة بزوجها أو اضطرارها أن تعيش حياة مادية لا ترضيها فتنقلب الحياة إلى جحيم. وثانى آفة لتلك الدعامة المادية الجهل وقلة الخبرة.. فربما يصدق الرجل فى حديثه عن إمكاناته، ولكن لجهل المرأة بمتطلبات الحياة وقلة خبرتها، ترضى بزوج لا يحقق الحد الأدنى من طموحها المادى، فتبدأ المشاحنات بمجرد الاصطدام بالواقع.. ثانيًا الدعامة المعنوية: وهى كل السلوكيات الشخصية والأخلاقيات والدين والعادات.. وآفة هذه الدعامة أيضا الكذب لأنه لو صدق كلا الطرفين وكانا حريصين على توضيح حالهما من البداية ولم يتجملا، لكان سهلاً أن يعرف هل الآخر يناسبه أم لا، ومع ذلك فالوقت كاف بأن يعرف كل طرف ما أخفاه الآخر. ثالثا الدعامة الجنسية: آفة هذه الدعامة هى قلة الثقافة التى فرضتها علينا المجتمعات الغاشمة، فتجدنا بين مفرط فيها بشكل سلبى وهمجى وبين جاهل بها، كأنها ليست من مقتضيات الحياة وبين منكر لها ومعتبرها قلة حياء.. رغم أن ديننا الحنيف لا يخجل منها، بل يتعرض لها ويطيل الشرح فيها، بحيث لا يستقيم مع هذا التفصيل والإسهاب جهل أحد الطرفين أو تعنته تجاه الطرف الآخر. رابعا الدعامة العاطفية: (وأراها هى مربط الفرس).. وآفة هذه الدعامة أنها لا يراها أحد رغم عظم تأثيرها، وتحتاج إلى مزيد من الشرح والتفصيل: فلكل منا درجة عاطفية معينة، إذا بلغها فقد وصل إلى حد الإشباع العاطفى والرضا عن الطرف الآخر، وتختلف هذه الدرجة من إنسان لآخر.. والعجب أن الدعامة الجنسية ليس لها علاقة بالدعامة العاطفية، فربما نجح الشخص فى إحداهما وفشل فى الأخرى. فقد تجد الضجر وعدم الارتياح وشعور بأن شيئا ما ناقص ويختفى الرضا بين الطرفين، فإذا سألتهما عن حالهما فتجد عندهما بيتا وأولادًا ومادياتهما مرضية والعلاقة الجنسية منتظمة، ولا يوجد شىء يختلفان عليه، غير أن هناك شيئا ما غامض لا يستطيعان معرفته.. فى اعتقادى أنه العاطفة. فقد تجد زوجا يكفيه من زوجته أن يحدثها فى اليوم دقائق قليلة ولا يريد منها أكثر من ذلك، وتكون الزوجة ممن يحتجن زوجًا محبًا مدللاً لها يقضى معها الساعات، لا يمل وجودها، لا يمل حديثها، فحينها فقط ستصل إلى قمة الإشباع العاطفى والرضا عن زوجها ويختفى الضجر من حياتهما، والعكس صحيح. فقد تجد الزوجة التى يكفيها جدًا أن تجد زوجًا يفتح لها بيتًا وتنجب منه أطفالاً ثم تقضى أوقاتها مع أهلها وصديقاتها والزوج مهمته الإنفاق على الأسرة وفقط، ويكفيها منه هذا وتكون فى قمة الرضا والشعور بالراحة، وهو يضجر فهو لا يكفيه هذا هو يريد أن يشعر بالاحتواء بالاهتمام، ويأبى إلا أن يكون محور حياتها الذى تدور حوله بكل كيانها. والحقيقة جميعهم ليس مخطئًا، فالذى لا يحتاج إلا القليل من العاطفة ليستقر هذه طبيعته، وذلك العطاء العاطفى الفقير هو آخر إمكاناته.. وأيضًا من يحمل عاطفة جياشة ويحتاج من يبادله فهو ليس مخطئًا، بل تلك نفسه التى فطره الله عليها، ولكن يأتى الخطأ فى سوء الاختيار من البداية. فلا يستقيم الأمر أن يتزوج رجلاً صاحب عواطف جياشة والمرأة محور حياته وملهمة اتزانه النفسى من امرأة تريد أن تتزوج مجرد شكل اجتماعى أو للإنجاب، وللأسف هذا الخطأ فادح ومنتشر، وسببه الزواج العشوائى دون فهم أو دراية. فيجب أن تفهم نفسك أولاً ثم تختار ما يناسبك، فإذا اختار كل منا ما يناسبه استقامت الحياة.. فالرجل العملى قليل العواطف تلزمه امرأة فقيرة المشاعر، وستجد بينهما نجاحًا واستقرارًا.. والرجل المحب كثير العاطفة تلزمه امرأة ودودة جياشة المشاعر، فستجد بينهما آيات من الحب والتآلف.. ويبقى هنا سؤال: إذا ما كنت قد تزوجت فعلاً ووقعت فى تلك المعاناة فما الحل؟ أراه فى محاولة التهذيب والتقارب.. نعم لن تحول قليل العاطفة إلى كثير العاطفة، ولكن تحوله إلى درجة أعلى ولو قليلاً فيخف الألم.. ولكن هذا الأمر لن يستقيم إلا إذا فهم الطرف الآخر أنه متسبب فى معاناة نفسية لرفيق حياته، وتكون لديه الرغبة فى النجاة بسفينته وكسب ود رفيق عمره.