المكان، أمام محكمة من محاكم مصر.. الزمان، العاشرة صباحًا؛ وبعد أكثر من عامين من ثورة 25 يناير، دخلت السيارة السوداء الفخمة فيما ينبعث من داخلها أغنية صاخبة في المكان المخصص للسادة المستشارين ووكلاء النيابة، لمحت فرد الأمن الذي تجاوز الخمسين من عمره والمخصص لحراسة المحكمة يترك مكانه ويهرول خلفها ثم وقف أمام باب السيارة الذي فتح بتؤدة وهو يرفع يده بالتحية ( صباح الخير يا ...... باشا)، لم يغادر الباشا مقود السيارة حين فتح الشنطة الخلفية لفرد الأمن الذي تراجع والتقط حقيبة أوراق الباشا. حينها خرج الباشا الصغير الذي لم يتجاوز العشرينيات من العمر منفوخًا وسماعة البلوتوث المثبتة في أذنه تزيده وجاهة فوق وجاهة الوظيفة، ودخل مبنى المحكمة من الخلف ليس الطريق الذي يسلكه الأناس العاديون، سألت من هذا؟ قالوا: متعرفوش؟!!ده وكيل النيابة. دقائق وتكرر نفس السيناريو مرة أخرى مع شاب آخر، أتلفت حولي أرى الاستهجان يعتلي وجوه من حولي. اتضح لي أن ثورة 25 يناير لم تصل إلى هؤلاء النفر حتى الآن، وكأن هؤلاء النفر بمنأى عما يحدث في البلاد من ثورة بمفهومها الشامل؛ فوكيل النائب العام واجب عليه العدل والتواضع، وليس من العدل والتواضع أن يترك رجلًا في سن والده يهرول خلفه، حاملًا له حقيبة أوراقه (أكل عيشه)، وليس له أن يميز نفسه عن الآخرين في دخوله وخروجه بمكان العمل، كأنه بشر من طينة أخرى، وهذا لا يحدث إلا في بلادنا وقد تتذكرون واقعة حذاء أحمد عز، والرجل الذي يلبسه الحذاء، المهم، حتى لو كان هذا الرجل تطوع من تلقاء نفسه لحمل الحقيبة وعمل (شوية أرجزه) ما كان لوكيل النائب العام تركه على حاله، فلابد من تقويمه ويفهمه أن عمله حراسة المحكمة لا حمل حقيبته، صدقوني لو فعلها مرة واحدة لانتهى وأمثاله عن تلك الأمور، وكيل النائب العام مواطن مثل أي فرد في المجتمع له حقوق وعليه واجبات؛ واجباته إرساء العدل واسترجاع الحقوق لأصحابها ......... وحقوقه أن يحميه فرد الأمن المكلف بحراسة المحكمة حتى يتم عمله في مناخ آمن ومن ثم لا يضطرب ميزان العدالة، فهما سواء؛ فإن كان ثمة أولويات أو فضل أحد على لآخر، فالأولى أن يمسح ويقبل الباشا أو البيه الصغير سلاح فرد الأمن الكبير، لأنه لولاه ما جلس على كرسي وظيفته بطمأنينة . ولي طلب من وزيري العدل والداخلية أرجو إصدار تعليمات بمنع كلمة بيه وباشا داخل المحاكم وأقسام الشرطة وعقاب من يخالف ذلك، يكفى لقب أستاذ. [email protected]