هل يمكن للذكاء الاصطناعي إلغاء دور الأب والأم والمدرسة؟    رسميًا بعد الانخفاض الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 16 مايو 2025    مستشار ألمانيا: العقوبات الأوروبية الجديدة ضد روسيا جاهزة وستُعتمد في 20 مايو    وزير الطاقة الأمريكي: مستعدون لتعزيز الشراكات مع الشرق الأوسط لضمان طاقة آمنة    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي    رسالة إلى عظيم أمريكا.. داعية سلفي شهير يدعو ترامب إلى الإسلام (فيديو)    صفقات بمئات المليارات وتحولات سياسية مفاجئة.. حصاد زيارة ترامب إلى دول الخليج    برشلونة يحقق أرقاما قياسية بالجملة فى طريقه لحصد لقب الدوري الإسباني    الحوثيون يعلنون حظر الملاحة الجوية على مطار اللد-بن جوريون    برشلونة بطلاً للدوري الإسباني للمرة 28 في تاريخه    بعد الهزيمة من المغرب في أمم أفريقيا| نبيه: أشكر اللاعبين.. والتوفيق لم يحالفنا    «يتمنى اختفاء الفيديو».. قناة الأهلي تهاجم حازم إمام وتستعرض مقطعا مثيرا    النصر للتعدين يواجه أسمنت أسيوط.. والأقصر يصطدم ب مسار في ترقي المحترفين    الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد اليوم    حريق بأشجار يمتد لسطح منزلين بسوهاج.. والحماية المدنية تتدخل    مصرع طفل وإصابة 20 فى حادث انقلاب سيارة عمالة زراعية بوادى النطرون    دون إصابات.. سقوط سيارة في ترعة بالغربية    الثانوية العامة.. ننشر جدول مدارس المتفوقين STEM المُعدل    هل النوم تحت أشعة «الواي فاي» ضار؟ أطباء يجيبون على السؤال المحير    رامي جمال يعلن عن موعد طرح ألبومه الجديد ويطلب مساعدة الجمهور في اختيار اسمه    الكاتب صنع الله إبراهيم (سلامتك).. الوسط الثقافي ينتفض من أجل مؤلف «ذات».. بين الأدب وغرفة العمليات.. «صنع الله» يحظى باهتمام رئاسي ورعاية طبية    4 أبراج «جمالهم في روحهم».. أنقياء يؤمنون بالأحلام ويشعّون طاقة إيجابية    لقب الدوري السعودي يزين المسيرة الأسطورية لكريم بنزيما    لتوفير سلع غذائية بأسعار تنافسية.. محافظ الشرقية يفتتح مولًا تجاريًا في العصلوجي    محاكمة متهم بجلب «الاستروكس» وبيعه في دار السلام    الرؤى متعارضة.. خلافات ترامب ونتنياهو تُحدد مصير «الشرق الأوسط»    بطلها أمير سعودي، أرملة الأبنودي تكشف عن لحظة مؤثرة في حياة الخال (فيديو)    الأهلي يمهل ثنائي الفريق فرصة أخيرة قبل الإطاحة بهما.. تقرير يكشف    فيفى عبده تشعل حفل زفاف ابنة أمل رزق بالرقص على الأغانى الأجنبية (صور)    إعلان أسماء الفائزين بجوائز معرض الدوحة الدولي للكتاب.. اعرفهم    بعد زيارة ترامب له.. ماذا تعرف عن جامع الشيخ زايد في الإمارات؟    النائب إيهاب منصور يطالب بوقف إخلاء المؤسسات الثقافية وتحويلها لأغراض أخرى    سعر الذهب اليوم الجمعة 16 مايو محليا وعالميا بعد الانخفاض.. بكام عيار 21 الآن؟    أخبار × 24 ساعة.. الحكومة: جهود متواصلة لتأمين المخزون الاستراتيجى للقمح    الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء : عدد سكان العالم سيصل 8.9 مليار نسمة بحلول 2035    رئيس قناة السويس: قرار تخفيض الرسوم مدروس وهذا حجم الخسائر في 18 شهرا    عرض على 5 أندية.. غموض حول مصير ساني مع بايرن ميونيخ    دعمًا للمبادرة الرئاسية.. «حماة الوطن» بالمنيا يشارك في حملة التبرع بالدم| صور    حيازة أسلحة بيضاء.. حبس متهم باليلطجة في باب الشعرية    بسنت شوقي: نجاح دوري في «وتقابل حبيب» فرق معي جماهيريًا وفنيًا    وزير التعليم يتخذ قرارات جريئة لدعم معلمي الحصة ورفع كفاءة العملية التعليمية    أمين الفتوى: التجرؤ على إصدار الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر    البحيرة: الكشف على 637 مواطنا من مرضى العيون وتوفير 275 نظارة طبية بقرية واقد بكوم حمادة    استعدادا للامتحانات، أطعمة ومشروبات تساعد الطلاب على التركيز    ما حكم الأذان والإقامة للمنفرد؟.. اعرف رد الإفتاء    هل يجوز الزيادة في الأمور التعبدية؟.. خالد الجندي يوضح    بمشاركة واسعة من المؤسسات.. جامعة سيناء فرع القنطرة تنظم النسخة الثالثة من ملتقى التوظيف    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة مطروح لجميع المراحل (رسميًا)    طريقة عمل القرع العسلي، تحلية لذيذة ومن صنع يديك    دايت من غير حرمان.. 6 خطوات بسيطة لتقليل السعرات الحرارية بدون معاناة    تعزيز حركة النقل الجوى مع فرنسا وسيراليون    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل الإخوان بحاجة الى "التمصر"؟!!
نشر في المصريون يوم 12 - 05 - 2013

"إننا مصريون بهذه البقعة الكريمة التي نبتنا فيها ونشأنا عليها . ومصر بلد مؤمن تلقي الإسلام تلقياً كريماً وذاد عنه العدوان في كثير من أدوار التاريخ وأخلص في اعتناقه و طوى عليه أعطف المشاعر وأنبل العواطف ، وهو لا يصلح إلا بالإسلام ولا يداوى إلا بعقاقيره ولا يطب له إلا بعلاجه .
وقد انتهت إليه بحكم الظروف الكثيرة حضانة الفكرة الإسلامية والقيام عليها فكيف لا نعمل لمصر و لخير مصر ؟ وكيف لا ندفع عن مصر بكل ما نستطيع ، وكيف يقال إن الإيمان بالمصرية لا يتفق مع ما يجب أن يدعو إليه رجل ينادي بالإسلام ويهتف بالإسلام! إننا نعتز بأننا مخلصون لهذا الوطن الحبيب عاملون له مجاهدون في سبيل خيره ، وسنظل كذلك ما حيينا معتقدين أن هذه هي الحلقة الأولي في سلسلة النهضة المنشودة ، وأنها جزء من الوطن العربي العام ، وأننا حين نعمل لمصرنعمل للعروبة والشرق والإسلام .
وليس يضيرنا في هذا كله أن نعني بتاريخ مصر القديم , وبما سبق إليه قدماء المصريين الناس من المعارف والعلوم .
فنحن نرحب بمصر القديمة كتاريخ فيه مجد وفيه علم ومعرفة . ونحارب هذه النظرية بكل قوانا كمنهاج عملي يراد صبغ مصر به ودعوتها إليه بعد أن هداها الله بتعاليم الإسلام وشرح لها صدرها وأنار به بصيرتها وزادها به شرفاً ومجداً فوق مجدها ، وخلصها بذلك مما لاحق هذا التاريخ من أوضار الوثنية وأدران الشرك وعادات الجاهلية."
لعل هذه الكلمات الواضحة للشيخ حسن البنا - والتى تعمدت نقلها حرفيا - أبلغ رد على الذين يتقولون على الإخوان ويتهمونهم فى وطنيتهم،فتارة نسمع عن تنازلهم عن حلايب وشلاتين وتارة أخرى عن تنازلهم عن سيناء لتوطين الفلسطنيين،والغريب أن من يثيرون هذه الترهات والأباطيل، ويرفعون سلاح التخوين ويتصورون أنهم يملكون صكوك الوطنية يستشهدون بأقوال وآراء حسن البنا
ونحن إذا تأملنا من يرددون هذه الأقوال نجدهم ينقسمون الى ثلاثة أقسام:.
القسم الأول : الذى يلتقط من أقوال الإخوان كلمة من هنا وأخرى من هناك كحاطب ليل دون بذل الجهد لمعرفة حقيقة موقفهم ،ولهذا تأتى أحكامه بعيدة عن الحقيقة
القسم الثانى : الذى ينقل عن الأخرين دون تحر أو بحث
القسم الثالث: الذى يعى تماما حقيقة موقف الإخوان من الوطنية ولكنه يتعمد نقل مايدعم اتهامه للإخوان ويوظفه فى خلافه السياسى والفكرى معهم
لقد نشأ حسن البنا (1906 – 1949) فى عصر شهد نقاشا وجدالا شديدا حول هوية مصر، فالبعض رفع لواء الوطنية المرتبطة بالحدود الجغرافية، وكان لهذا الاتجاه الغلبة بعد ثورة 1919 الذى كان معظم قاداتها ينتمون الى حزب الأمة الذى كان يرفع شعار مصر للمصريين
بينما رفع البعض الآخر شعار القومية ونادى بالفرعونية مثل سلامة موسى ثم ظهر الاتجاه العروبى الذى شهد تحول كثير من المنادين بالفرعونية والمصرية اليه
فى تلك الأجواء التى كانت تثار فيه قضية انتماء مصر ظهر حسن البنا الذى توقف كثيرا عند هذه القضية فى مقالاته ورسائله وخطاباته والذى يجب التوقف عندها بوصفه مؤسس جماعة الإخوان وواضع الإطار الفكرى لها
لقد حرص حسن البنا عند تعرضه للمصطلحات المتداولة فى عصره مثل الوطنية ،والقومية ،والشرقية على تحرير معانى هذه المصطلحات، وهو أمر نحن فى أشد الحاجة اليه الآن فى ظل فوضى المصطلحات والمفاهيم التى نحياها ، والتى لانعرف لها تعريفا محددا مثل العلمانية والليبرالية والدولة المدنية
صحيح أن بعض المصطلحات المتداولة على الساحة الآن نشأت فى الغرب فى بيئة وظروف مختلفة عن ظروفنا ،كما أن لها فى الغرب مفاهيم محددة إلا أنه من الصعب إصدار أحكام على من يتبنون هذه المصطلحات انطلاقا من التعريفات الغربية لها، ومن هنا تاتى أهمية تحديد وتحرير معناها لدى من يتبنونها حتى يمكن الحكم عليها بصورة صحيحة، وكما تقول القاعدة الفقهية فإن الحكم على شىء فرع من تصوره
لقد حرص البنا على تحرير معنى الوطنية والقومية، والتأكيد على المعانى الإيجابية لهما مثل حب الوطن والعمل على تحريره واستقلاله وتقوية الروابط بين أفراد الوطن، ونبذ ورفض المعانى التى رأى أنها سلبية وتتعارض مع رؤيته الإسلامية مثل تقسيم الأمة الى طوائف متناحرة والتعصب والعدوان
وقد أوضح البنا بجلاء وجه الخلاف بين الإخوان والداعين الى الوطنية فيذكر " أما وجه الخلاف بيننا وبينهم فهو أننا نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الأرضية والحدود الجغرافية، فكل بقعة فيها مسلم يقول (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وطن عندنا له حرمته وقداسته وحبه والإخلاص له والجهاد في سبيل خيره، وكل المسلمين في هذه الأقطار الجغرافية أهلنا وإخواننا نهتم لهم ونشعر بشعورهم ونحس بإحساسهم".
إن مفهوم الإخوان للوطن هو الذى يثير اللغط لدى البعض الذى ينتقى من أقوال حسن البنا فى هذا الصدد مايعتبره دليلا على الطعن فى وطنية الإخوان ويتغافل عن الأقوال الأخرى التى توضح الرؤية الكاملة له فى هذا الموضوع
لقد حدد البنا موقف الاخوان بوضوح من الوحدة القومية والوحدة العربية والوحدة الإسلامية ،فقد أوضح "أن الإخوان المسلمين يحترمون قوميتهم الخاصة باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود، ولا يرون بأسا بأن يعمل كل إنسان لوطنه، وأن يقدمه فى الوطن على سواه، ثم هم بعد ذلك يؤيدون الوحدة العربية باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض، ثم هم يعملون للجامعة الإسلامية باعتبارها السياج الكامل للوطن الإسلامي العام، ولى أن أقول بعد هذا: إن الإخوان يريدون الخير للعالم كله، فهم ينادون بالوحدة العالمية لأن هذا هو مرمى الإسلام وهدفه ومعنى قول الله تبارك وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) (الأنبياء:107).
و أنا في غنى بعد هذا البيان أن أقول أنه لا تعارض بين هذه الوحدات بهذا الاعتبار، وبأن كل منهما يشد أزر الأخرى يحقق الغاية منها، فإذا أراد أقوام أن يتخذوا من المناداة بالقومية الخاصة سلاحا يميت الشعور بما عداها، فالإخوان المسلمون ليسوا معهم ولعل هذا هو الفارق بيننا وبين كثير من الناس".
من الواضح من حديث حسن البنا أن الانتماء السياسى لدى الإخوان يقوم على ثلاث حلقات الحلقة الأولى الانتماء الوطنى الإقليمى ،ثم الحلقة الثانية الانتماء للوحدة العربية ،ثم الحلقة الثالثة الانتماء للوحدة الإسلامية وأنه لاتعارض بين هذه الانتماءات
وقد اهتم البنا بالرد على من "يغمزون الإخوان المسلمين في وطنيتهم ويعتبرون تمسكهم بالأفكار الإسلامية مانعا إياهم من الإخلاص للناحية الوطنية".
مؤكدا "أن الإسلام قد فرضها فريضة لازمة لا مناص منها أن يعمل كل إنسان لخير بلده وأن يتفانى في خدمته، وأن يقدم أكثر ما يستطيع من الخير للأمة التي يعيش فيها وأن يقدم في ذلك الأقرب فالأقرب رحما وجوارا حتى أنه لم يجز أن تنقل الزكوات أبعد من مسافة القصر – إلا لضرورة – إيثارا للأقربين بالمعروف فكل مسلم مفروض عليه أن يسد الثغرة التي هو عليها وأن يخدم الوطن الذي نشأ فيه ومن هنا كان المسلم أعمق الناس وطنية لأن ذلك مفروض عليه من رب العالمين وكان الإخوان المسلمون بالتالي أشد الناس حرصا على خير وطنهم وتفانيا في خدمة قومهم، وهم يتمنون لهذه البلاد العزيزة المجيدة كل عزة ومجد وكل تقدم ورقى، وكل فلاح ونجاح، وقد انتهت إليها رياسة الأمم الإسلامية بحكم ظروف كثيرة تضافرت على هذا الوضع الكريم، وإن حب المدينة لم يمنع رسول الله أن يحن إلى مكة وأن يقول لأصيل، وقد أخذ يصفها (يا أصيل دع القلوب تقر) وأن يجعل بلالا يهتف في قرارة نفسه:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة *** وهل يبدون لي شامة وطفيل
فالإخوان المسلمون يحبون وطنهم، ويحرصون على وحدته القومية بهذا الاعتبار ولا يجدون غضاضة على أي إنسان أن يخلص لبلده، وأن يفنى في سبيل قومه وأن يتمنى لوطنه كل مجد وكل عزة وفخار، هذا من وجهة القومية الخاصة".
ويؤكد البنا على نظرية الأمن القومى المصرى من خلال المطالبة بالحفاظ على الحقوق الوطنية لوادى النيل (كانت المطالب المتفق عليها من الحركة الوطنية المصرية فى ذلك الوقت الجلاء ووحدة وادى النيل ) من خلال تأمين حدوده فى الشرق بحل قضية فلسطين بما يتفق مع وجهة النظر العربية، وفى الغرب بإقامة حكومة عربية مستقلة فى ليبيا ،وفى الجنوب نجد البنا يطالب باستعادة مصر لحقوقها فى إرتريا وزيلع ومصوع وهرر وأعالى النيل وهى المناطق التى خضعت للحكم المصرى فى عهد الخديوى إسماعيل والتى رأى البنا أنها "اغتصبت من جسم الوطن ظلما وعدوانا وليس هناك اتفاق دولى أووضع قانونى يجعل الحق فيها لغير مصر وإن أبى علينا ذلك الناس.."
ويؤكد البنا أن من "واجبنا ألا نتلقى حدود بلدنا (لاحظ كلمة حدود بلدنا) عن غيرنا وأن نرجع فى ذلك الى تاريخنا لنرى أى ثمن غال دفعناه من الدماء والأرواح فى سبيل تأمين حدودنا لا لمطامع استعمارية ولالمغانم جغرافية ولكن لضرورات حيوية لامحيص منها ولامعدى عنها والفرصة الآن سانحة لتطالب مصر برد ما أخذ منها..."
وقد قرن الإخوان القول بالعمل فكان لهم إسهامهم فى القضية الوطنية فعقدوا العديد من المؤتمرات وقادوا المسيرات والمظاهرات والإضرابات المطالبة بالجلاء ووحدة وادى النيل وشاركوا فى العمال المسلح ضد الانجليز فى القناة عام 1951 بعد إلغاء معاهدة 1936،كما كان لهم إسهامهم فى مجالات الخدمة الاجتماعية والصحة والتعليم وغيرها من المجالات
الغريب أن الكثير ممن يوجهون سهام النقد للإخوان ويطعنون فى وطنيتهم نتيجة تمسكهم بأفكارهم الإسلامية هم من القوميين والناصريين الذين يتبنون الوحدة العريبية وهى نفس الفكرة التى يتبناها حسن البنا وإن كان البنا يعتبرها خطوة نحو الوحدة الإسلامية ولو حاكمنا دعاة القومية العربية بنفس المنطق الذى يحاكمون به الإخوان لوجهت إليهم نفس التهمة التى يوجهونها للاخوان وهو ماحدث بالفعل من جانب بعض دعاة المصرية والرافضين للقومية العربية الذين وجهوا سهام النقد لعبد الناصر متهمينه بإلغاء اسم مصر بعد الوحدة مع سوريا والتى أصبح اسمها الجمهورية العربية المتحدة وأصبحت مصر الإقليم الجنوبى، وسوريا الإقليم الشمالى
بل لومددنا الخط على استقامته وانطلقنا من هذا المنهج لكان من السهل اتهام عبد الناصر بالتفريط فى حلايب حيث ظهرت هذه المشكلة لأول مرة فى عهده عام 1958 عندما تقرر إجراء الانتخابات البرلمانية فى السودان فى27 فبراير1958 حيث تم إدخال حلايب ضمن الدوائر الانتخابية للسودان فى نفس الوقت الذى كان مقررا إجراء الاستفتاء على الوحدة المصرية السورية ، وقد لجأ السودان الى مجلس الأمن الذى انعقد فى 21 فبراير فى توقيت غير مناسب لمصر التى أعلنت تأجيل تسوية الموضوع الى ما بعد الانتخابات السودانية ،وبناء على ذلك أجل المجلس اتخاذ أى قرار فى هذا الشأن وإن ظلت القضية مطروحة على جدول أعمال مجلس الأمن .
وقد استند السودان فى ادعاء أحقيته فى حلايب من ضمن الأمورالتى استند اليها أن مصر لم تثر موضوع حلايب فى اتفاقية الحكم الذاتى للسودان عام 1953،ولابعد الاسقلال عام 1956 كما أنها قبلت بتجميد الوضع بعد إثارة الموضوع فى مجلس الأمن عام 1958
وهو مافسرته السودان بقبول مصر بالأمر الواقع وهو الأمر الذى قد يراه البعض تفريطا سواء من جانب مجلس قيادة الثورة أو من عبد الناصر بعد ذلك ،وقد يوجه الاتهام لعبد الناصر أنه لم يتخذ موقفا حازما وقبل بتجميد الوضع فى حلايب حرصا على القومية العربية على حساب المصلحة الوطنية
*مدرس التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية – جامعة دمنهور
[email protected]
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.