وراء تلك الأسياخ الممدودة والتي يطلقون عليها "قفص" جلس المخلوع وحوله نجلاه المبجلان, الأصغر ذو الوجه الصلف المتكبر والآخر الذي يحمل طيبة ظاهرة عليه, نظر المخلوع جهة الحضور ورفع يده للتحية وهو يتذكر ما كان متفق عليه بالأمس. لقد حضر ذلك المحامي الذي يستفزه ولولا أن أبناءه يضغطون عليه ما قبله, كان الاتفاق كالآتي. غرفة بها سرير فخم تغطيه ملاءة بيضاء وأمامه شاشة "lcd" كبيرة وفتح عليها قناة "النيل للأخبار" وأسفلها منضدة عليها فازة بها بوكيه ورد تم تغييره في الصباح وفق ما هو معتاد, قال المحامي وبجواره حارس من إحدى الأجهزة السيادية. غدًا يا ريس الطيارة هاتاخد سعادتك الصبح, وبإذن الله خمس دقايق وهاترجع تاني, لأن فيه أخبار اتسربت للصحف إن القاضى هايتنحى, نظر إليه المخلوع شرذًا, ووضع يده اليمنى وراء أذنه كأنه يريد تكرير الكلام لثقل سمعه, فكرر المحامي الكلام فحرك المخلوع رأسه, وفي خياله يريد أن يسأل.. هل جمال وعلاء جايين, ولم يمهله المحامي فقال له والبهوات بإذن الله هايبقوا مع جنابك وحبيب بيه والكام لوا الباقيين, أشار المخلوع رأسه مرة أخرى, ونظر إلى الشاشة مرة أخرى وهنا انتبه المحامي معه إلى التلفزيون كانت المذيعة تذكر خبرًا عن اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع الرئيس وأنصت كلاهما لكلمة وزير الدفاع, وبعدها نظر كلاهما لبعض, فرد المحامي, الشعب عايز الجيش يحميه وبيتندم على أيام معاليك والناس زهقت من الجماعة دول, بس الجيش خايف على البلد شكله ومش عايز يوضع نفسه في السنة الناس رد مبارك بضحكة خفيفة "بس هايحصل". دقق المحامي في وجهه يريد أن يكمل المخلوع كلامه إلا أن الأخير بطبيعته الباردة اكتفى بتلك الجملة. من بعيد سمعت أصوات كلاكسات عربيات بطريقة غريبة وملاحظة فنظر إلى الحارس, وبدوره نظر إلى المحامي وكأنه يستأذنه فأشار إليه بالموافقة, فقال الحارس الجماعة بتوع المظاهرات اخترعوا حاجة جديدة إنك لو معترض على المرشد اضرب كلاكس ومن وقتها الناس ما بطلتش زى ما معاليك شايف, رد المخلوع المرشد عاكف ده راجل طيب فبادره المحامى لا دلوقتي فيه الشاطر وبديع جنابك, تذكر المخلوع اااه صحيح ولم يذكر ما جال في باله, لأنه يعلم تمامًا أن هناك اجتماعًا بين هؤلاء وأطراف يعلمها جيدًا جرت في إحدى الأماكن لتسوية أمر ما. في وسط هذا الزخم سمع الصوت "محكمة.. قررت المحكمة تنحيها عن نظر القضية ....." ابتسم وعاد النظر لجمال وعلاء وفكر في باله "يا ترى عاملين إيه على الغداء النهاردة... شكلي مش هاقدر اتغدى". زكى القاضى الدقى / الجيزة